الثورة – حسين صقر:
مع أن ترتيب الأولويات يختلف من شخص لآخر، ولا يخضع لقواعد ثابتة عند الجميع، لكنه ضرورة ملحة كي يعرف الشخص ماله، وماعليه وماذا يريد، سواء كان ذلك بشكل يومي، أم خلال مسيرة حياته.
ومن الطبيعي أن ما يعتبره أحدهم لهذا الأمر أولوية، قد يجده شخص آخر أمراً ثانوياً، لكن بالنتيجة، حتى نحقق مبتغانا ونصل لأهدافنا، من الضروري تحديد الأهداف أو الأولويات، وذلك بغية تحقيق النجاح أو تجاوز الظرف.
ببساطة إذا خرجت من المنزل لقضاء عدة حاجات، والقيام بعدة مهمات، بالتأكيد هناك مهم بتلك الحاجات وهناك الأهم.
ولكن بمجرد وضعت في ذهنك العمل الذي ستقوم به أولاً فذلك أول خطوات النجاح، وأول باب من أبواب الإنجاز.
الكثير من الأشخاص تتعدد اهتماماتهم وأشغالهم وارتباطاتهم وعلاقاتهم، بعضهم ونتيجة ترتيب أولوياته، يقفز من نجاح لآخر، والبعض الآخر تضيع منه الفرصة تلو الأخرى، لأنه لايعرف ماذا يريد، وماذا يفعل، فتهلك صحته الجسدية والنفسية ويتشتت ذهنياً، وينفضٌّ الناس من حوله، وذلك نتيجة كثرة الوعود، وندرة التطبيق أو الوفاء بالتزاماته نحوهم.
عند البعض قد تشكل الصحة أهم الأولويات، وعند البعض الآخر المال والعمل، وعند البعض قد تشكل العلاقات الاجتماعية وتأدية الواجبات الأولوية، والبعض الآخر العائلة والأولاد والأخوة والأهل، حيث يتفاوت الترتيب، لكن المهم في الأمر أن يتم ذلك، وبحيث يصبح كل أمر من هذه الأمور بحد ذاته أولوية.
فالطالب إذا لم يحدد أول مادة سوف يدرسها ويحضرها للامتحان، قد يجد الفشل حليفه، والموظف خلف مكتبه، إذا لم يحدد الإضبارة أو الملف الذي سيقوم بتحضيره والاطلاع عليه، أيضاً سوف ينتهي اليوم ولن ينجز شيئاً، وكذلك الفلاح، وربة المنزل، وذلك ينطبق على الجميع دون استثناء، لأن ترتيب الأولويات هو عبارة عن برنامج عمل ضروري للسير عليه.
في حياتنا نلتقي أناساً كثيرين، تراكمت أعمالهم، وعندما تسألهم، يقولون: لم نبدأ بعد، ولم نعرف من أين نبدأ، وذلك نتيجة فقدان بوصلة الأولويات.
بشكل عام افرض أنك ذهبت للسير في معاملة، أو زراعة بستان، أو شراء حاجات، أو لأي أمر كان، فإذا لم تحدد قبل الخروج ما يجب فعله، وما هو الأهم، سوف تعود خالي الوفاض، ولم تحقق أي شيء، بينما إذا رتبت أولوياتك، ستشعر دون أدنى تفكير بأنك أنجزت الكثير وما لم يكن بالحسبان.
فكثرة المهام في حياتنا، إذا لم نحسن ترتيبها تتحول حياتنا إلى فوضى وعشوائية، ويزيد عدد منتقدينا، لأننا لن نجد الوقت الكافي لإنجاز تلك المهام والاهتمام بها، وسوف يتولد لدينا الشعور دون أن نشعر بالتوتر والقلق النفسي، أما العكس فسوف يسهم بشكل مباشر وعادي بتنظيم حياتنا، والحفاظ على جدول مليء حتى بالراحة الكافية، وسوف نصبح قادرين على استغلال الوقت بشكل مناسب، وحتى التوفيق بين جميع أولوياتك والتمييز ما بين المهم والأهم، وبالتالي أيضاً حياة سعيدة مفعمة بالطاقة.
خبراء المال والأعمال ومستثمرو الوقت حددوا بعض الخطوات العملية التي تساعد على ترتيب الأولويات، وهي كتابة قائمة بالمهام والواجبات
التي نريد إنجازها، وهذا سيساعد على تذكر الأشياء التي نحتاج لفعلها، و يمكن أن تكون تلك القائمة أسبوعية أو يومية وهي بمثابة خطة عمل، علماً أن القوائم اليومية أكثر فعالية، وتتناسب أكثر وفقاً لتغيّرات الظروف الخارجية المحيطة، وذلك عبر عدة طرق إما على الهاتف أو على مفكرة يومية أو حتى على ورقة، مع مراعاة وضعها في مكان يمكنك رؤيتها كيفما توجهت، بالإضافة لتحديد كل مهمة بوقت محدد، شرط أن يكون الوقت منطقياً ومناسباً لحجم كل مهمة، فمن المؤكد أن للمهمات الكبيرة أو الصعبة وقتاً أطول من المهمات الصغيرة السهلة، وبهذا تجد نفسك قد أنجزت كل مالديك دون أي عناء، ولن تحتاج أن تبرر لأحد تقصيرك أو البحث عن مبررات لعدم الالتزام.