الثورة- مكتب الحسكة -ج خ:
يبدو أن أوهام رئيس النظام التركي أردوغان بإعادة تركة (الدولة العثمانية) الرجل المريض الذي طالما حلم بها باءت بالفشل لأسباب عديدة منها رهاناته الكثيرة التي لا تستند على وقائع عملية، ودخوله صراعات عديدة في المنطقة أدت إلى ارتدادات عكسية على نظامه، ناهيك عن التخبط في سياساته الداخلية.
فقد كان أردوغان يأمل عندما اندلعت أحداث ما سمي بـ “الربيع العربي” في العالم العربي، قبل قرابة عقد من الزمان، أن تتحقق أوهامه العثمانية، فرأّى نفسه الحاكم، وربما السلطان للشرق الأوسط كله مستقوياً بالتنظيمات الإرهابية وعلى رأسها تنظيم الإخوان الإرهابي الذي يتزعمه وفروعه في المنطقة.
ولعل السبب الوحيد الذي دفع أردوغان لمثل هذه السياسات الرعناء والذي يجمع كل الباحثين والمراقبين للشأن التركي أنه السبب الرئيسي وراء ذلك التحول المثير والغريب في السياسة التركية هو «جنون العظمة» الذي أصاب أردوغان وجعله يسعى من أجل بناء إمبراطوريته العثمانية الجديدة، حتى ولو كان ذلك على أنقاض المنطقة كلها، ولو أسال دماء شعوبها، المهم أن يتحقق حلمه الزائف بأي ثمن.
هذا الحلم الغارق في الرغبوية هو سبب كل العداوات والمشاكل التي جناها أردوغان وخلقت له هذا القدر الكبير من المناوئين، ولا يبدو أنه سيفيق إلا عندما يرى نفسه خارج السلطة في الانتخابات القادمة 2023 ما لم تتطور أوضاع العالم في ظل تطورات غير متوقعة، على الرغم من أنه حمل هذا الحلم إلى قمة حلف الناتو في لندن، بغية أن يتحالف فيها مع الخصوم ويحارب الحلفاء، من أجل هدف واحد هو التمدد خارج حدود دولته دون وجه حق، ودون خوف من أية عواقب قد تطاله من دول أخرى.
النظام التركي الذي احتل أراض سورية والمتورط في دعم الإرهاب في سورية منذ بداية الأحداث عام 2011 بحجة دعم السوريين والمتاجرة بحقوقهم، جعل من حدود بلاده ممراً لدخول وخروج الإرهابيين من كل دول العالم إلى سورية وتوهم أن لوقت أنه يستطيع التلاعب بالتحالفات المتناقضة مرة مع أمريكا وأخرى مع روسيا، وتوهم أيضاً أنه يخدع روسيا عبر شراء منظومة دفاع جوى روسية، رغم أنه يدرك أن روسيا طرف فاعل في المواجهة مع تنظيماته الإرهابية في سورية ولن تنخدع بأقواله وتصريحاته لا في أستانا ولا خارجها.
ورغم أن أردوغان أدرك غير مرة مخاطر سياساته الإرهابية وتداعياتها الخطيرة على المنطقة وحتى على تركيا نفسها إلا أنه يصر على السير في خطاها، وعلى سبيل المثال ما يجري في شمال سورية من عدوان يومي على الجزيرة ومن احتلال للأرض في الشمال، فهو مصر على السياسات الإرهابية ذاتها على الرغم من تنبيه الضامنين الروسي والإيراني لتفاهمات أستانا بعدم فعل ذلك وعدم الدخول إلى إدلب غير مرة، وها هو اليوم يعود مهدداً باحتلال مناطق أخرى من الشمال السوري بعد احتلاله مناطق رأس العين وعفرين دون أن يعي أن جنونه وتهوره سوف يجلب المزيد من الخسائر المادية والبشرية لبلده والفوضى إلى المنطقة، ناهيك عن أن سورية ستحرر أرضها مهما كلفها الثمن.
