يمن سليمان عباس ..
الحرب العدوانية على سورية تركت في كل قلب جرحا غائرا وكشفت معادن الأبطال والتضحيات ..السوريون الذين هم ملح الأرض ومدار الثقافة والحضارة أبدعوا في التضحيات التي مازالت مستمرة، ومن الطبيعي أن تكون تضحياتهم موضع استلهام المبدعين في فنون الأدب كافة ولاسيما الرواية التي تتسع اكثر من غيرها لتفاصيل الواقع وتقديم الرؤى.
وقد صدرت حتى الآن مئات الروايات التي تؤرخ للحرب وما تركته من آثار ..وبالتأكيد ليست كلها على سوية واحدة أبدا بعضها كان على مستوى عال من الإتقان وبعضها الآخر يكاد يلامس شاطىء الرواية ..
من الروايات المهمة التي لايمكن مغادرتها حتى تنهي صفحاتها التي تتشابك ما بين روسيا وسورية عبر شخصيات ساشا التي تتزوج سوريا وتنجب منه اولغا بطلة الرواية التي تجري حياتها وفق ما خططته امها لبعض الحين لكنها تتمرد وتعود إلى حبها إلى وطنها سورية.
وقد صدرت عن الهيئة العامة السورية للكتاب
وفازت بالمركز الثاني في جائزة حنا مينه للرواية – العام 2021.وهي من تأليف: نداء يوسف حسين.
وفي مساجلة الرواية والكون تقول:
قالت الرواية للبحر: أي منا أقوى؟
أنا أم أنت؟
قال: أنت… فأنا ثابت في مكاني مهما تبدلت على شطآني حركات المد والجزر، أما أنت فتجوبين العالم، تزورين الأفكار، وتعبرين المحيطات.
رفعت الرواية رأسها، وسألت القمر:
– أي منا أشد نوراً؟ أنا أم أنت؟
– أجاب: أنتِ فأنا أنير ظلمات الليل، والدروب المعتمة… والخطوات التائهة… أما أنت فتنيرين ظلمات العقل ومتاهات الروح لمن يبصر بقلبه ولو كان أعمى.
– وأنت أيتها الشمس! أي منا أكثر دفئاً؟
أجابت الشمس: أنتِ… فأنتِ دفء الروح، وأنا شعاع يدثر الجسد… يضعفه الشتاء، ويخفيه السحاب.
سألت الرواية الزمن: من أنا؟ ومن أنتَ؟
– أجاب: أنت مرآة عصر مررت به، رحلت عنه وبقيتِ رفيقة دربي إلى بقية العصور.
ودروب الأمل تحددها الرواية بأننا
سنحيا من جديد
وكما أسلفنا
تتحدث الرواية عن علاقة حب تجمع سام باولغا خلال فترة الحرب على سورية.
تسافر اولغا إلى روسيا مرغمة.. يستشهد سام فتعود إلى سورية من خلال فريق عمل تطوعي تبحث عن قريته وعلى ضريحه تسمع جميع من تعرفهم يدندنون اغنية واحدة تشبه أغنيات البحارة في مركب واحد….
تشبه لحن عصافير الربيع عندما تعود إلى أعشاشها من جديد…..
تتنهد اولغا وتبتسم سنحيا من جديد.
في ثنايا الرواية تقدم نداء يوسف فلسفة في الحب والحياة والعلاقات الدولية ايضا ..فسورية هي بوابة الدفاع عن روسيا وهي كنز العالم ..سورية مهد الثقافات والحريات والحضارات …سورية هي الأفق الأوسع في هذا الكون ..
وعندما يقع ابن خالتها الكسندر بحبها ويبالغ بالاهتمام بها تقول: كثرة الاهتمام والمبالغة به كالحرمان منه ..
وفي حلب عاشت اولغا طفولتها وهي تقدم نقدا اجتماعيا للكثير من العادات والتقاليد ولاسيما انشغال المجتمع بالكثير من القضايا غير الصحيحة…
الرواية على صغر حجمها ملحمة حقيقية تصور قدرة السوريين على اجتراح المعجزات.