نداء من أجل سورية، كلا.. بل من أجل تطبيق الأحكام الدستورية في البلاد العربية، ولنقرأ بعمق هذه الكلمات لنربطها بالواقع، فقد احتلت أميركا بقواتها مناطق في شمال وشرق سورية بذريعة محاربة داعش، ومكافحة الإرهاب، ولكنها عندما زعمت أنها أنجزت المهمة لم تسحب قواتها من هناك.
والآن يتداول ساسة أمريكا في تنفيذ حصار ثان على سورية يتابع حصار ما يسمى “قانون قيصر”.
الذريعة المعلنة: مكافحة المخدرات. وقد يستدعي الأمر بالعرف الأميركي العدواني توجيه ضربات عسكرية على أماكن في سورية يدعى بأنها ضالعة في موضوع المخدرات.
وبالمقابل يتبارى السوريون ومن معهم من المحبين العرب، وهم كثرة غالبة والحمد لله في صياغة النداءات إلى كل من يتوسمون فيه المقدرة على العمل المجدي الآيل إلى رفع الحصار غير الأخلاقي غير الإنساني غير القانوني غير المبرر على دولة شهد بايدن نفسه في 2 تشرين الأول 2014 حين كان نائب أوباما بذلك، كان ذلك في خطاب له ألقاه في معهد كندي جامعة هارفارد.
يتبارون ويحسنون الأداء، يقنعون وكل من يقرأ لهم يقتنع.
أتابع ما يكتبون فأعجب بدقة الإحاطة واتساعها وعمقها وأؤيد، باحثاً لنفسي عن إضافة.
ثم وجدتها، وجدتها مخبوءة شبه مخفية في كتاب نشر في دمشق وحلب وطرابلس الشام، وكان من الواجب أن ينشر في القاهرة، عاصمة العرب، مقر جامعة الدول العربية، مقر معهد لدراسات العربية العليا الذي أنشئ ليقيم القومية العربية على أسس علمية صحيحة.
وجدتها في كتاب يبحث عن مكان العروبة في دساتير الدول العربية، وجدتها في حقيقة أن سورية قادت معظم الدول العربية في النص على أن الشعب السوري جزء من الأمة العربية. دستور سورية لعام 1950 كان في إعلائه شأن تعبير “الأمة العربية” دستورياً، والد فكرة الانتماء العربي في معظم دساتير الدول العربية. دستورنا والد أهم نقطة في دساتير معظم الدول العربية التي تفرض علينا الحصار مسايرة منها للولايات المتحدة الأمريكية في عدائها لسورية.
عداء لسورية؟ لماذا؟
خاضت سورية معركة مطولة مع “إسرائيل” أصرت خلالها على احترام القانون الدولي بشأن عدم جواز اكتساب الأراضي بالقوة.
ومن الطرائف الدبلوماسية الراهنة أن هذا المبدأ الديباجي – أي الذي ورد في الديباجة – في القرارين 242 و338 صعد إلى مرتبة عملية – أي أصبح بنداً عملياً – في القرار 2334 الذي أجازه رئيس كان بايدن نائبه.
من الواضح أن أوباما قد انحاز إلى جانب الرئيس حافظ الأسد في محادثات جنيف آذار 2000، كأنه قرر عام 2016، وهو على عتبة مغادرة البيت الأبيض، بأن البيت الأبيض أخطأ عام 2000.
ما لنا ولهذا في تفاصيله، اكتفي بالإشارة السابقة.
أعود إلى المباراة التي يتنافس فيها العرب مطالبين بفك الحصار عن سورية.
ناشد تسعيني كاهن كاثوليكي يتمتع باحترام كبير لدي ككل الشعب السوري، ناشد قداسة البابا خلال زيارة دمشق.
تذكر غيره الوحدة السورية المصرية فجعل ذكرى قيامها في شباط 2023 موعد مؤتمر عالمي كبير يعقد بهدف فك الحصار عن سورية
دعوة الأب إلياس زحلاوي إلى قداسة البابا مستحقة، وأراها ذات حظ وافر في التحقق، أضم صوتي إلى صوته القوي الذي ملأ كنائس العالم الكاثوليكي.
أقدر الحكمة في الدعاة إلى موعد شباط 2023 موعداً لمؤتمر عالمي حاشد، كأنهم يشيرون إلى الرئيس المصري، بل أرى أنهم يفعلون ذلك.
في عام 1958 لجأ السوريون إلى مصر لحمايتها من جيرانها ومن نفسها.
في عام 1998 كان للرئيس المصري أن يتدخل لحماية شمال سورية فكان اتفاق أضنه الذي أساءت تركيا تنفيذه، المقاربتان مستساغان مفيدتان مترعتان بالمعاني العميقة.
مبادرتي هنا مكملة. لكي نفك الحصار عن سورية أرجو من قادة معظم الدول العربية أن يقرؤوا دساتيرهم ويتمعنوا في مغزى أن تكون شعوب دولهم جزءاً من الأمة العربية. شئت تذكيرهم من خلال دساتيرهم قيادة الفكر الدستوري السوري لهم. سيتذكرون أننا جميعاً أجزاء في كل عربي اذا اشتكى منه عضو تداعت له بقية الأعضاء بالسهر.. وبالمحروقات التي تنير وتدفئ لاالتي تحرق وتخنق!.
دمشق الساعة الثامنة صباح الأربعاء ٢٨ ك الأول 2022.
أ. د. جورج جبور الرئيس الفخري للرابطة السورية للأمم المتحدة
