الثورة – ظافر أحمد أحمد:
لا تتخيل الولايات المتحدة ذاتها إلاّ قائدة للعالم، ولهذا تتكرر تصريحات المسؤولين الأميركيين التي لاتحمل الود للصين بسبب حضورها المتوسع عالمياً الذي يضعها بموقع قطب عالمي، كما تتمادى المواقف الأميركية في محاصرة الاتحاد الروسي بسبب تصميم على حماية أمنه وتحقيق عالم متوازن متعدد الأقطاب لاتحتكر الولايات المتحدة الأميركية قراره.
لدى التعمق في خلاصة العلاقة الأميركية الصينية على أبواب العام 2023 يمكن تجسيدها بثنائية طرفيها مقولة أميركية بلا مفعول (لا حاجة لحرب باردة مع الصين)، ومقولة صينية تثبتها تحركات الجيش الصيني (تايوان خط أحمر).. ولكن بحكم ما يحدث من إجراءات من الجانب الأميركي أصبحت أبرز ثنائية قابلة للتفجّر وعلى نحو كبير، في عالم عاصف بتفجّر ملفاته التي لن تهدأ نسبيا إلاّ بتسويات تتخلى فيها واشنطن مرغمة عن احتكار مفتاح قيادة العالم..
وكما فعلت الولايات المتحدة كل شيء في محاولتها لاحتواء الاتحاد الروسي فتفجّرت الحرب الأوكرانية، تفعل كل ما من شأنه لاحتواء الصين بما ينذر بتفجّر حرب تايوان.. وفي جعبة واشنطن للعام 2023 الكثير الكثير من مفخخات استنزاف الاقتصاد العالمي وعملها الممنهج لترنح الاقتصاد الأوروبي على وقع الحرب الأميركية للطاقة الروسية واستنفارها لجذب الرأسمال الأوروبي إليها، وزيادة ترنح الاقتصادات الضعيفة في شتى الدول، والاستمرار في احتواء الدول العربية الثرية بالنفط والغاز، والاستنفار باتجاه إفريقيا لقطع الطريق على الانفتاح النسبي الإفريقي والعربي تجاه القناعة بقدرة روسية وصينية على المشاركة بقيادة العالم.
ماتزال قواعد القطب العالمي الواحد سارية بقوّة الولايات المتحدة على تجسيد مبادئ السيطرة وهي (عدم القبول بالآخر إلاّ كأداة وسوق بخدمة السياسة الأميركية والاقتصاد الأميركي، وعدم قبول تفوق الآخر وكل من يعمل في حلبة المنافسة يجب تفجير الملفات لإضعافه..).. لذلك تستخدم جيشها وسلاحها ونفوذها العسكري والمؤسسات لمالية العالمية ضد أيّ دولة لا تمتثل للمصالح الأميركية.
ويتم على مدار الساعة الضخ الأميركي لتسويغ كل الويلات التي تحدثها السياسة الأميركية وحروبها التجارية والاقتصادية والتكنولوجية بأنّها أفعال خير للعالم كونها “واجب الديمقراطية في مواجهة الاستبداد”.
ولكن هذا الإصرار الأميركي ذاته هو الذي يعجّل من قدوم التصادم العالمي الأكبر، وإذ بدأت مقدماته الأوضح على الساحة الأوكرانية كساحة أوروبية فرّخت حربين عالميتين وعدّة حروب فرعية، فإنّ التصادم على الساحة الآسيوية سيكون هو الأكثر حساسية في قارة لديها الملف التايواني العاصي عن التبريد، والعلاقة التصادمية بين الكوريتين، في محيط التنين الصيني وتسونامي القلق الياباني، لما يدور حول طوكيو الصديقة لواشنطن بحميمية خالفت المفعول الوحشي للقنبلة الذرية الأميركية على هيروشيما.
