الثورة – علا مفيد محمد:
نظراً للكثير من المتغيرات الأخلاقية والإجتماعية في السنوات الأخيرة، والظروف الصعبة التي عاشتها بلادنا في سنوات الحرب.. تزايدت ظاهرة الأطفال مجهولي النسب، أولئك الذي جاؤوا خارج مؤسسة الزواج أو الأطفال المشردين والمفصولين عن أهلهم بسبب النزوح والهجرة.
ففي حين يُستقبل الطفل المولود في الأحوال العادية بفرحة ويُحاط بالرعاية في حضن أمه و كنف أبيه، ويكبر في جوٍّ من المحبة والقبول و يشعر بالانتماء و تحدد له هويته نجد في الجانب الآخر أن الطفل المولود مجهول النسب يُستقبل بوجوم و حزن أو الرفض ف يتم التخلي عنه ثم يكبر ليكتشف أنه بلا هوية بلا انتماء.
ولأن مجتمعنا شأنه شأن كل المجتمعات في البلدان العربية فإنه يرفض هذا المشرد أو الذي يولد خارج الأطر الشرعية بل يحاسبه و يقصيه و يحمله المسؤولية ما يجعله ينشأ في جوٍّ نفسي له تأثيرات سلبية على سلوكه، ورغماً عنه تتكون لديه العدوانية المتمثلة بالعنف ومشاعر الكراهية لكل أفراد المجتمع كرد فعل طبيعي، وهذا ما جعل من موضوع الأطفال مجهولي النسب من الملفات المهمة في سورية وتعزيزاً لدور الدولة في حماية الأطفال ورعايتهم، تأتي أهمية المرسوم الذي أصدره السيد الرئيس بشار الأسد ” لحن الحياة” أمس والذي يقضي بضمان تمتع الطفل مجهول النسب بجميع الحقوق والحريات دون التمييز عن أقرانه، وذلك بتوفير العيش له ضمن بيئة بديلة عن عائلته الطبيعية، تقوم بتربيته من خلال غرس القيم النبيلة و ترسيخ المبادئ والأخلاق الساميه لديه، بالإضافة إلى تعزيز القيم الوطنية و تنشئته على الانتماء للوطن.
و أكد المرسوم على ضرورة تعزيز قدراته من خلال تأمين تعليمه في جميع مراحل التعليم باستخدام التقنيات الحديثة التي تساعد على تنمية معارفه و مهاراته و لتطبيق أهداف هذا المرسوم تم إحداث هيئة عامة تسمى ” بيوت لحن الحياة” مهمتها استلام الطفل مجهول النسب واختيار اسم مناسب له، و تنظيم شهادة ولادة وتسجيله وفق قانون الأحوال المدنية.
وتتولى تقديم أفضل خدمات الرعاية الصحية والاجتماعية والنفسية والتربوية له حتى إتمامه الثامنة عشرة من عمره.
و يلتزم بعدها عند رغبته بمغادرة بيوت لحن الحياة بتعهد خطّيّ يثبت رغبته بالمغادرة و ستتعاون هذه الدُّور مع الجهات العامة والأهلية والخاصة و سيتم فتح حساب مصرفي خاص بها باسم ” بيوت لحن الحياة” مستقل لدى أحد المصارف العاملة في الجمهورية العربية السورية.
هذا الطفل جاء للحياة بغير ذنب، ومن حقّه أن ينعم بها كأي طفل وعلينا كمجتمع أن نحفظ كرامته كإنسان، وندعم هويته المهتزة أو المكسورة وألا نحاسبه على خطأ لم يرتكبه أو ظرفٍ أوداه إلى ماهو عليه.