مشهد بات مألوفاً طوال النهار، وربما حالة يرثى لها، إذ من الصعب أن يلحظ المرء ولو لمرة واحدة أن يراها غير مكتظة بحشود مختلفة من الناس، إنها مسافات الطول والعرض أمام الصرّافات الآلية إذ لايقضي الأمر بمشوار واحد بل يحتاج إلى” لفات وبرمات السبع دورات” كما يقال بين هذا الصراف وذاك بأفرعه المختلفة.
إحداهن ذكرت ونحن في محطّة انتظار على الدور في ساحة المحافظة ريثما تعود شاشات الصرّافات إلى الخدمة أنها دارت على معظم صرّافات مدينة حلب دون جدوى خلال إجازتها تلك .
أما الصورة المشابهة فإن واقع الحال لم يتغير حين عادت إلى العاصمة دمشق مااضطرها إلى تكبد عناء السفر من ريف دمشق إلى العاصمة أكثر من مشوار والانتظار لساعات طويلة أمام الصرّافات. ناهيك عن المشاجرات والمشاحنات التي تحصل بين الواقفين وخاصة إن كان هناك دور واحد للرجال وآخر للنساء، ومن يريد أن يستعلم عن رصيده،
فما بين عبارة لايوجد شبكة ،وخارج الخدمة يهدر الوقت وتتعب النفوس لشريحة عمرية من متقاعدين وموظفين وغيرهم ممن يصطحبون أكثر من بطاقة، ما يدفع إلى التأفف من جديد والاستغفار لتهوين الأمر .
لكن الأصعب حين تكون مستنفد صبرك لساعات طويلة، وما إن يأتي دورك حتى يكون الصرّاف قد بلع بطاقة الشخص الذي قبلك وهذه تكررت أكثر من مرة أمام عيني ،أو هرب للتو خارج الخدمة .
يوميات قاسية فرضتها الظروف الصعبة القاهرة لمخلفات حرب ظالمة من شح وغلاء وحصار وفوضى ،لم تترك للمواطن ولو فسحة بسيطة من الراحة النفسية والجسدية في ظلّ تواضع الرواتب والأجور، وتبدل سعر الصرف بين لحظة وأخرى.