فؤاد الشايب… من أعلام القصة السورية

الملحق الثقافي- أحمد بوبس:
كثير من أدبائنا ومفكرينا تكاد أسماؤهم أن تكون مجهولة رغم عطاءاتهم الكبيرة في مجالات أدبية وفكرية عديدة، ومنهم فؤاد الشايب القاص والمفكر القومي العربي الاشتراكي والذي تولى إدارات ثقافية مهمة.
نشأته ودراسته :
هو فؤاد الشايب الذي ولد في بلدة معلولا القريبة من دمشق عام 1911، وفيها أتم دراسته الابتدائية. ثم تابع دراسته الإعدادية والثانوية في (الجامعة العالمية) في دمشق. وفي هذه المدرسة بدأت مواهبه الأدبية تتفتح، فنال جائزة التفوق الأولى في اللغتين العربية والفرنسية اللتين كانتا المنبع الثر لثقافته وأدبه فيما بعد. وبعد نيله الشهادة الثانوية انتسب عام 1929 إلى كلية الحقوق في جامعة دمشق، وتخرج فيها عام 1932. وخلال دراسته الجامعية، أكبّ على الشعر العربي قديمه وحديثه يحفظ الكثير من قصائده، ما ساعده على غنى ذخيرته من المفردات والتعابير اللغوية.
في علم 1932 سافر إلى باريس لمتابعة دراسته الحقوقية، ولم يكتف بالدراسة الأكاديمية فقط، بل أكبّ على اللغة والأداب الفرنسية ينهل منها، فزادت لغته الفرنسية متانة، واطلع على المذاهب الفكرية والاشتراكية المعاصرة، ومنها تشكل مذهبه السياسي كمفكر قومي عربي اشتراكي.
حياته العملية :
عام 1934 عاد فؤاد الشايب إلى دمشق في وقت كان النضال الوطني على أشدّه ضد المستعمر الفرنسي، فانخرط في هذا النضال بقلمه وفكره من خلال كتاباته في الصحافة، فقد بدأ الكتابة في جريدة (فتى العرب) للروائي معروف الأرناؤوط، ثم في جريدة (الاستقلال) لوفيق جانا، كما كتب في عدة جرائد ومحال أخرى مثل جريدة (الصباح) لعبد الغني العطري، وكتب في بعض المجلات اللبنانية مثل مجلة (الأديب) لألبير أديب ومجلة (الآداب) لسهيل إدريس. وكانت مقالاته تُزكي الروح الوطنية وتطالب بحرية واستقلال بلده.
وبسبب التضييق على الصحافة وعليه من قبل سلطات الاحتلال الفرنسية، سافر إلى العراق ليعمل في تدريس اللغة العربية، وهناك شدّته الصحافة إليها ثانية، فتولى – إضافة إلى عمله في التدريس – رئاسة تحرير جريدة (البلاد) لصاحبها رفائيل بطي. واستمرت إقامته في بغداد سنتين، عاد بعدها إلى دمشق، ليبدأ عمله الوظيفي الحكومي، فتسلم عدة مناصب، فكان أول مدير لإذاعة دمشق عند افتتاحها عام 1947 وأول مدير عام لهيئة الإذاعة والتلفزيون عام 1960، لكن أهم المناصب التي شغلها المدير العام لرئاسة الجمهورية في عهد الرئيس شكري القوتلي، وكان يُدبّج خطابات الرئيس القوتلي والرسائل الرئاسية، وتولى المنصب نفسه في عهد الوحدة في القاهرة عند الرئيس جمال عبد الناصر. وفي كل ذلك كان حر الضمير مخلصاً لثوابته الوطنية والقومية، وعانى في سبيل ذلك الكثير، من ذلك أنه صبيحة اليوم الذي قام فيه حسني الزعيم بانقلابه عام 1949، جاءت عربة عسكرية واقتادته من داره إلى مكتب الزعيم، الذي طلب منه صياغة البيان رقم واحد للانقلاب ومهاجمة الرئيس شكري القوتلي وعهده، فرفض لإيمانه بوطنية الرئيس القوتلي، فسُجن لعدة أيام وأهين وأعيد إلى منزله بعد ذلك حليق الرأس. ومن المناصب الأخرى التي تولاها الأمين العام لوزارة الإعلام وعضوية المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب. كما تولى رئاسة تحرير مجلة المعرفة منذ صدور العدد الأول منها في آذار 1962 وحتى العدد 60 الصادر في شباط 1967.
في عام 1967 نُدب إلى جامعة الدول العربية، وتم تعيينه مديراً لمكتب الجامعة العربية في العاصمة الأرجنتينية بوينس آيريس، وهناك كان الصوت المدوّي للقضايا العربية والقضية الفلسطينية بشكل خاص، فألقى العديد من المحاضرات هاجم فيها الصهيونية المغتصبة لفلسطين، وكيف تعرض الشعب الفلسطيني للتنكيل والتشريد، فقام الصهاينة في بوينس آيريس بالعديد من المظاهرات أمام مكتب الجامعة العربية، وفي أيلول 1969 جرت محاولة للاعتداء عليه، وأصيب على أثرها بنوبة قلبية، نجا منها، ووصل الحقد الصهيوني عليه إلى قمته في شباط 1970، حين هاجمت العصابات الصهيونية مكتب الجامعة العربية وهو بداخله، وألقت عدة قنابل عليه، أدت إلى تدمير جزء من المبنى، وأصيب فؤاد الشايب على أثرها بنوبة قلبية حادة أدت إلى وفاته في الحادي والعشرين من تموز 1970، فهو بذلك شهيد الكلمة وشهيد الموقف الوطني.
إبداعاته الأدبية :
فؤاد الشايب هو الرائد الثاني في كتابة القصة القصيرة بعد علي خلقي الذي أصدر مجموعته القصصية الوحيدة (ربيع وخريف) عام 1931، أما فؤاد الشايب فقد نشرت أولى قصصه (ابن الأرملة) في مجلة (الدهور) اللبنانبة بعد أن فاز بالجائزة الأولى لمسابقة للقصة أقامتها المجلة بمناسبة انطلاقتها في الأول من كانون الثاني عام 1934، كما نشرت له قصة ثانية بعنوان (مكتوب) في جزأين في عددي تشرين الثاني وكانون الأول من العام نفسه. وهذه القصة لم يذكرها أي من المراجع التي تحدثت عن فؤاد الشايب، ولا في أعماله الكاملة، وعام 1943 نشرت له مجلة (الأديب) اللبنانية أيضاً قصة (العانس) في عدد كانون الأول. وفي عام 1944 صدرت له مجموعة قصصية يتيمة، حملت عنوان (تاريخ جرح)، عن (دار المكشوف) في بيروت، وتضمنت عشر قصص هي (الشرق شرق، أحلام يولاند، ربيع بتضور، قبل المدفع، العانس، ملاك الموت، جنازة الآلة، تاريخ جرح، جموح القطيع، ميلاد البؤس). كما كتب أربع عشرة قصة، ظلت مخطوطة لم تُنشر، ولكن تضمنتها الأعمال الكاملة له، التي صدرت عن وزارة الثقافة بعد رحيله.
بهذا العدد القليل من القصص انتهى المسار القصصي عند فؤاد الشايب، وهذه القلة ليست ناجمة عن ضعف قدراته الأدبية، ولكنها ناجمة عن انشغالاته في المناصب الكثيرة التي تسلمها، وانكبابه على كتابة الدراسات في الفكر السياسي، فلم تترك له الوقت الكافي لإبداع المزيد من القصص.
الأعمال الكاملة :
بعد رحيل فؤاد الشايب عام 1970، تنادى عدد من الكتاب إلى جمع الأعمال الكاملة له، وفي مقدمتهم عيسى فتوح والدكتور حسام الخطيب، وصدرت باسم (فؤاد الشايب – المؤلفات الكاملة) وقعت في أربعة أجزاء، ضمت جميع إبداعاته الأدبية والفكرية من قصص ومحاضرات ودراسات.

العدد 1129 – 24-1-2023

آخر الأخبار
صيانة عدد من آبار المياه بالقنيطرة  تركيا تشارك في إخماد حرائق ريف اللاذقية بطائرات وآليات   حفريات خطرة في مداخل سوق هال طفس  عون ينفي عبور مجموعات مسلّحة من سوريا ويؤكد التنسيق مع دمشق  طلاب التاسع يخوضون امتحان اللغة الفرنسية دون تعقيد أو غموض  إدلب على خارطة السياحة مجدداً.. تاريخ عريق وطبيعة تأسر الأنظار سلل غذائية للأسر العائدة والأكثر حاجة في حلب  سوريا تفتح أبوابها للاستثمار.. انطلاقة اقتصادية جديدة بدفع عربي ودولي  قوات الأمن والدفاع المدني بوجٍه نيران الغابات في قسطل معاف  قضية دولية تلاحق المخلوع بشار الأسد.. النيابة الفرنسية تطالب بتثبيت مذكرة توقيفه  بعد حسم خيارها نحو تعزيز دوره ... هل سيشهد الإنتاج المحلي ثورة حقيقية ..؟  صرف الرواتب الصيفية شهرياً وزيادات مالية تشمل المعلمين في حلب  استجابة لما نشرته"الثورة "  كهرباء سلمية تزور الرهجان  نهج استباقي.. اتجاه كلي نحو  الإنتاج وابتعاد كلي عن الاقتراض الخارجي  الهوية البصرية الجديدة لسوريا .. رمز للانطلاق نحو مستقبل جديد؟ تفعيل مستشفى الأورام في حلب بالتعاون مع تركيا المؤتمر الطبي الدولي لـ"سامز" ينطلق في دمشق غصم تطلق حملة نظافة عامة مبادرة أهلية لحفر بئر لمياه الشرب في معرية بدرعا السيطرة  على حريق ضخم في شارع ابن الرشد بحماة