كلنا يعلم بأن أكبر الحرائق ومآسيها، والتي يضرم نارها بشدة، يبدأ من شرارة صغيرة تكبر رويداً رويداً، ويستعر أوارها، وإن لم نسرع إلى إخمادها تكون نتائجها كارثية على الجميع ولا يحمد عقباها، فالنيران ستأكل الأخضر واليابس.
وهكذا هي الحياة الزوجية، فإما أن تكون سعيدة هانئة وإما أن تتحول إلى كابوس يقض مضجعها، فكلنا يعلم بأن الحياة الزوجية يسعى المرء أساساً إليها لتسعده وتضفي عليه السكينة والاستقرار.
لكن في كثير من الأوقات يحدث العكس، فتحصل الخلافات بين الزوجين لأسباب مختلفة، وأحياناً تكون الكلمة الشرارة التي يطلقها أحد الزوجين للآخر عندما يحصل أي موقف أو خلاف لتشكل الخلاف الأولي، فمن خلال كلمة قاسية أو فيها تجريح وإساءة كبيرة أحدهما للآخر يتطور الموقف إلى الشجار والخلاف.
وأحياناً يكون الخلاف لأسباب مادية وأحياناً لعدم الانسجام وأحياناً ثالثة بسبب وجهات النظر المتباينة في طريقة تربية الأطفال، وفي مرات كثيرة بسبب تدخل الأهل والأصدقاء في حياة الشريكين.
وهنا تكون البداية لإطلاق العنان لسيل من الكلمات المسيئة التي تشوش وتجعل الكراهية تدب بين الشريكين متجاهلين بأن اشتداد وتزايد الخلافات سينعكس وبالاً على الأسرة وخاصة الأبناء الذين هم عماد وفرح الحياة لهما.
ولكن عندما يأتي دور رجاحة العقل والهدوء تحل الخلافات، بعد أن يدرك الزوجان بأن فشل الحياة الزوجية يعني تهديم لبنة من لبنات المجتمع، وهنا تكون الطامة الكبرى بالانفصال وضياع العائلة، والكلام الفصل الذي لابد من ذكره هو أن المعضلة هذه يجب أن تحل، وحلها يكون أولاً بالكلمة الطيبة التي تثبط الخلاف وتنهيه.
وليعلم كل زوج ماهية الكلمة التي سيطلقها للآخر هل هي مزعجة جارحة أم لا، وأن يتحلى كل زوج بالحكمة والروية والهدوء في معالجة الخلاف إن حصل ولا ينسى بأن الحب والحنان والعطف هو الأساس الذي جمع بين الشريكين، فعليهما أن يحافظا على هذه الشراكة الحقيقية المقدسة لتدوم الأسرة التي أردناها بالأصل سعادة وهناء، وتنجب أبناء بررة لوالديهما وللمجتمع الذي ينتظرهم ليكونوا مدماكاً متيناً في بنيانه الشاهق.
جمال شيخ بكري