الثورة- تقرير أسماء الفريح:
إضرابات شلت فرنسا ومظاهرات احتجاجية جذبت مئات آلاف الأشخاص في شوارع باريس وغيرها من المدن أمس ضد مشروع الرئيس مانويل ماكرون الذي أثار غضبا واسعا لتعديل نظام التقاعد.
وسائل إعلام فرنسية ذكرت أن المشاركين في مظاهرة العاصمة التي انطلقت من ساحة “إيطاليا” مرورا بشارع “لو غوبلان” ووصولا إلى ساحة “أنفاليد” بالدائرة السابعة رددوا هتافات مناهضة لماكرون وطالبوه بالتراجع عن مشروعه غير “العادل” برفع سن التقاعد من 62 عاما إلى 64 عاما وساروا خلف لافتة كبيرة كتب عليها لا لتعديل نظام التقاعد ولا للعمل لفترة أطول يتقدمهم رؤساء النقابات العمالية.
المتظاهرون رفعوا أيضا لافتات مناهضة للحكومة كتب على بعضها “على ماكرون وبورن الذهاب إلى التقاعد السياسي” و”نريد الاستمرار في التدريس لكن في صحة جيدة وبدون أمراض” فيما أظهرت لافتات أخرى صورا لماكرون ولأغنياء فرنسيين كبار في إشارة لـ”مصاصي دماء” الطبقات العاملة من الفرنسيين.
النقابات العمالية المنظمة للاحتجاجات قدرت عدد المشاركين في المظاهرات بأكثر من مليوني شخص، مبينة أن نسبة المشاركة تجاوزت في بعض القطاعات السبعين في المئة مدعومة من أحزاب المعارضة، كما انضمت لها أغلبية الجمعيات والتنظيمات المستقلة ما أعطى الاحتجاجات زخما كبيرا لم تشهده البلاد منذ عقود.
الأمين العام لـ “الاتحاد الديمقراطي الفرنسي للعمل” لوران بيرجيه و الأمين العام لـ”الاتحاد العام للعمال” فيليب مارتينيز أكدا أن أعداد المشاركين في الاحتجاجات “أكبر من تلك التي كانت في ال 19 من كانون الثاني الماضي.
الأمين العام لنقابة “القوى العاملة” فريديريك سويو أوضح من جهته أن التحرك “سد منيع” أمام رفع سن التقاعد متوقعا تسارع”وتيرة التعبئة”بينما قال الأمين العام لـ”الاتحاد الفرنسي للكوادر المهنية – الاتحاد العام للمديرين” فرانسوا أوميريل إن “هذا الأمر مشجع ويعني أن الحركة تترسخ ” بينما شددت الأمين العام لـ “الاتحاد الفرنسي للعمال المسيحيين” باسكال كوتون على أن هذا التحرك دليل على أن التفسيرات التي قدموها لهذا التعديل غير المنصف قد سُمعت.
ميلي وهي امرأة مسنة ومتقاعدة رفعت لافتة كتب عليها “سن التقاعد غير قابل للمساومة.. قلص ولايتك الرئاسية ولا تقلقني من فضلك” قالت لفرانس24 إنها قررت المشاركة في المظاهرة رغم وضعها الصحي الضعيف كي تعبر عن تضامنها مع “الأجيال المقبلة” لأنها “هي التي ستعاني أكثر من نظام التقاعد الجديد” مضيفة أن”ماكرون والنخبة الحاكمة لا يريدون التنازل عن مصالحهم وامتيازاتهم فالعمال والبسطاء هم الذين يدفعون دائما الفاتورة” مشيرة إلى أن هناك “متقاعدين يعيشون على حافة الفقر”.
قطاعات عدة مثل النقل العمومي والمدارس والصحة وإنتاج الكهرباء والمصافي النفطية ووسائل إعلام حكومية شهدت شللا كاملا في اليوم الثاني من التعبئة الشعبية ضد مشروع القرار الحكومي لرفع سن التقاعد، فعلى مستوى إضراب قطاع النقل تم تشغيل قطار واحد فقط من كل ثلاثة من قطارات تي.جي.في عالية السرعة وعدد أقل من القطارات المحلية والإقليمية مع تعطيل مترو باريس.
نقابة معلمي المدارس الابتدائية قالت من جانبها إن نصف المعلمين أضربوا عن العمل إلى جانب إضراب موظفي المصافي النفطية والعاملين في قطاعات أخرى من بينها محطات البث الحكومية التي بثت الموسيقى بدلا من البرامج الإخبارية.
كما انخفضت إمدادات الطاقة الفرنسية 4.4 بالمئة حيث انضم العاملون في المفاعلات النووية ومحطات الطاقة الحرارية إلى الإضراب، وفقا لبيانات من مجموعة إي.دي.إف فيما قالت شركة توتال إنرجي إنه لا يتم تسليم منتجات بترولية من مواقعها في فرنسا بسبب الإضراب.
وكانت الحكومة الفرنسية وقبل ساعات من بدء الاحتجاجات أعلنت بأن مسألة رفع سن التقاعد لن تدخل أي نقاشات محتملة ما أثار ردود فعل غاضبة لدى الأوساط المنظمة للتحرك ولاسيما أن استطلاعات الرأي تؤكد أن معظم الفرنسيين يعارضون التعديل.
