الثورة – رولا عيسى:
يبدو أننا أمام ملف جديد من مخلفات فساد حكومة النظام المخلوع، فقد كشفت الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش في تقرير أولي أن آفة النيماتودا ضربت محصول القمح في محافظة حماة، متسببةً بأضرار مادية جسيمة تُقدّر مبدئياً بأكثر من أربعة مليارات ليرة سورية.
وجاء في التقرير الناتج عن تحقيق ميداني وفني موسع أن الأضرار التي لا تزال قيد التقدير الفني والإداري، مرشحة للزيادة مع استمرار أعمال اللجان المختصة.
وبين التقرير أن بداية القضية تعود إلى المعطيات الواردة من وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي بتاريخ 6 تشرين الثاني 2023، والتي أشارت إلى وجود مخالفات محتملة في فرع المؤسسة العامة لإكثار البذار بحماة، تتعلق بكميات من الحبوب المرفوضة مخبرياً بسبب إصابتها بآفة النيماتودا، وعدم تسليمها للجهة المختصة باستلام الأقماح.
نتائج خطيرة
وبناءً عليه، باشرت الهيئة في عام 2024 بعثة تفتيش وتحقيق ميدانية استعانت خلالها بخبرات فنية متخصصة، وانتهت إلى مؤشرات أولية خطيرة.
ولفت التقرير إلى أن نتائج التحقيق أظهرت وجود إصابات حجرية بالنيماتودا، إلى جانب إصابات حشرية من نوع “الخابرة”، في مخازن الأقماح.
وقد صنّفت الجهات المختصة النوع المرصود من النيماتودا ضمن قائمة الآفات عالية الخطورة في الحجر الصحي النباتي، لما له من تأثير مدمر على التربة ومحصول القمح، سواء على المدى القريب أو البعيد، ما لم تُتخذ إجراءات عاجلة لمعالجته.
كما سُجلت حالات رفض مخبري وعدم تسليم كامل الكميات المصابة للجهة المختصة، ما يزيد من حجم المخاطر.
وذكر أنه في إطار المعالجة، خاطبت الهيئة وزارة الزراعة بتاريخ 19 تشرين الثاني 2024 لاتخاذ التدابير الفنية العاجلة لمنع انتشار الآفة، كما طلبت من فرع إكثار البذار بحماة توضيح الحالة الفنية للمخزون، والإجراءات المتخذة لحمايته، وتقديم تفصيلات دقيقة حول الأصناف ومراحل البذار في العراء لموسم 2022/2023.
تعديلات غير مبررة
أما على صعيد المسؤولية الإدارية، ينوه التقرير أن المؤشرات الأولية بينت أن تعديلات غير مبررة جرت على آلية استلام الأقماح، إلى جانب تجاهل واضح لمؤشرات الخطر الفنية، ما أسهم في وقوع الضرر قيد البحث.
وتعمل الهيئة حالياً على توصيف مواقع المسؤولية بدقة، استناداً إلى الأدلة والقرائن المتاحة.
وبناءً على مبدأ التحوّط، أوصت الهيئة باتخاذ إجراءات تحفظية لحماية المال العام، تشمل دعوة الجهة المختصة لإيقاع الحجز الاحتياطي على الأموال المنقولة وغير المنقولة للمذكور في ملف التحقيق وأموال زوجته، ضماناً لقيمة الضرر المبدئي وما قد تُسفر عنه التحقيقات اللاحقة.
كما دعت إلى منع السفر بحق المذكور إلى حين استكمال التحقيقات.
وأكدت الهيئة التزامها باستكمال التحقيقات الفنية والمالية والإدارية بالتنسيق مع الجهات المعنية، وتحديد المسؤوليات بدقة، وإحالة المخالفات وفق القوانين والأنظمة النافذة.
كما تلتزم بمبدأ الشفافية في إطلاع الرأي العام على المستجدات، دون الإخلال بسرّية التحقيق وسلامة الإجراءات، مع التأكيد على سريان قرينة البراءة تجاه جميع الأطراف إلى حين صدور النتائج النهائية والقرارات أو الأحكام القطعية.
التعاون والإبلاغ.
وفي ختام بيانها، دعت الهيئة العاملين والمعنيين في القطاع الزراعي إلى التعاون مع فرق التفتيش واللجان الفنية، والإبلاغ عبر قنوات الشكاوى المعتمدة عن أي معلومات من شأنها دعم جهود حماية المنتج الوطني وصون المال العام.
لاشك أن الإجراءات التي تم اتخاذها حتى الآن، سواء من حيث التحقيقات الفنية أو المالية أو الإدارية، تعد خطوة مهمة نحو حماية المال العام وملاحقة المسؤولين.
كما أن الشفافية في نشر المعلومات والنتائج النهائية ستكون خطوة إيجابية نحو استعادة الثقة بين المواطنين والجهات الحكومية، شرط أن تُتخذ التدابير اللازمة لضمان المحاسبة الدقيقة.