الثورة – جهاد اصطيف:
في مشهد يعكس حرص مدينة حلب- عاصمة الاقتصاد ، على استعادة موقعها الريادي في النشاط التجاري والصناعي، شهدت غرفة تجارة حلب اليوم، سلسلة من اللقاءات مع وفود اقتصادية وتجارية من تركيا وتونس، بالإضافة إلى ممثلين عن منظمات داعمة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، هذه اللقاءات التي قادها رئيس الغرفة محمد سعيد شيخ الكار، جاءت بهدف بحث فرص التعاون المشترك وجذب الاستثمارات إلى السوق السورية، وفتح آفاق جديدة أمام رجال الأعمال المحليين والدوليين.
نحو تعاون أوسع
استقبلت الغرفة وفداً من غرفة تجارة كوجالي التركية، ممثلاً بمحمد حاندان أوغلو وأردوغان سونكور، عضو مجلس إدارة غرفة كوجالي، إضافة إلى رامي شحادة، حضر اللقاء من الجانب الحلبي كل من زين العابدين قاظان أمين سر الغرفة ومصطفى بارودي عضو مجلس الإدارة، إلى جانب رئيس الغرفة.
خلال الاجتماع، ناقش الطرفان الفرص الاستثمارية المتاحة في السوق السورية، حيث أبدى الوفد التركي اهتماماً بالغاً بفتح قنوات تعاون جديدة، وأكد الضيوف أن سوريا، رغم التحديات الاقتصادية، لا تزال تشكل أرضاً خصبة للاستثمار في قطاعات متعددة مثل: الصناعة، التجارة، الزراعة، والخدمات اللوجستية.
كما أعربوا عن رغبتهم في تفعيل التعاون المباشر مع غرفة تجارة حلب، بما يسهم في زيادة حجم التبادل التجاري، وتسهيل حركة رجال الأعمال، وفتح مجالات استثمار مشتركة بين الجانبين.
أهمية التعاون السوري- التركي
التعاون الاقتصادي بين سوريا وتركيا ليس جديداً، فقد شهد العقد الأول من الألفية نمواً ملحوظاً في التبادل التجاري والاستثماري، قبل أن تتأثر العلاقات بالأحداث السياسية، واليوم، يشير هذا اللقاء إلى رغبة متجددة في إعادة بناء الجسور الاقتصادية بما يخدم المصالح المشتركة، ويساعد في إنعاش الأسواق السورية التي تحتاج بشدة إلى استثمارات جديدة .
دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة
في خطوة أخرى تؤكد اهتمام غرفة تجارة حلب بدعم الاقتصاد المحلي، التقى رئيس الغرفة مع وفد من منظمة كور اسطنبول المختصة بدعم وتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة، ضم الوفد كلاً من ياسر عريان وعبد الرحمن العيساوي المدير التنفيذي للمنظمة، إلى جانب فادي العيساوي ورشيد حموي عضو مجلس الإدارة.
خلال اللقاء، تم بحث آليات الدعم والتمويل الموجهة للمشاريع الناشئة، وأهمية هذه المشاريع في توفير فرص عمل جديدة وتحفيز الاقتصاد المحلي .
وأكد الجانبان أن المشاريع الصغيرة والمتوسطة تشكل العمود الفقري لأي اقتصاد متعافٍ، وأن دعمها في حلب سيسهم في إعادة دوران عجلة الإنتاج بعد سنوات من التحديات.
كما ناقش الاجتماع إمكانية إقامة برامج مشتركة بين غرفة تجارة حلب والمنظمة، تستهدف تأهيل رواد الأعمال، وتوفير التدريب، وإتاحة التمويل الميسر للمشاريع الواعدة .
ركيزة للتنمية
لا يخفى أن المشاريع الصغيرة والمتوسطة تمثل في معظم الاقتصادات العالمية أكثر من 70 بالمئة من فرص العمل، وتسهم بشكل كبير في الناتج المحلي، وفي سوريا، يمكن لهذا النوع من المشاريع أن يلعب دوراً محورياً في إعادة الإعمار الاقتصادي، عبر تحفيز الإنتاج المحلي وتقليل الاعتماد على الواردات.
من هنا، يشكل التعاون مع منظمات، مثل: كور اسطنبول، فرصة استراتيجية لتهيئة بيئة أكثر حيوية لرواد الأعمال في حلب، و خاصة في القطاعات ذات الطابع الابتكاري، مثل التكنولوجيا، الصناعات الغذائية، والخدمات .
تونس كشريك اقتصادي واعد
في سياق متصل، التقى رئيس غرفة تجارة حلب، بحضور عضو مجلس الإدارة مصطفى بارودي، مع صبوحي عطار، القنصل الفخري لتونس في تركيا ورئيس جمعية التعاون العربي التركي.
اللقاء ركز على سبل التعاون في مجال الاستثمار بمدينة حلب، ولاسيما المشاريع التي تدعم التنمية الاقتصادية وتوفر فرص عمل جديدة، وأكد الجانبان على أهمية تفعيل الشراكات التجارية والاستثمارية، ليس فقط على المستوى الثنائي بين سوريا وتونس، بل أيضاً في إطار أوسع يشمل التعاون العربي – التركي.
ورغم أن التبادل التجاري بين سوريا وتونس لا يصل إلى مستويات مرتفعة مقارنة بدول أخرى، إلا أن هناك إمكانات واسعة للتعاون، وخاصة في مجالات الصناعات الغذائية، المنتجات الزراعية، السياحة، والتعليم، كما أن وجود صبوحي عطار في موقعه كقنصل فخري ورئيس لجمعية عربية تركية يعزز من فرص بناء جسور ثلاثية بين رجال الأعمال السوريين، الأتراك، والتونسيين.
آفاق مستقبلية
إذا نجحت غرفة تجارة حلب في ترجمة هذه اللقاءات إلى مشاريع عملية على الأرض، فإن ذلك سيسهم بشكل كبير في تحفيز الاقتصاد السوري المحلي، وإيجاد بيئة أكثر جذباً للمستثمرين، كما أن دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة يمكن أن يوفر قاعدة اقتصادية صلبة تساهم في تقليل معدلات البطالة، وخاصة بين الشباب.
من جهة أخرى، فإن التعاون مع أطراف عربية وتركية يعزز من فرص التكامل الاقتصادي الإقليمي، وهو ما تحتاجه المنطقة اليوم لمواجهة التحديات العالمية مثل التضخم وتقلب أسعار الطاقة.