بعض الأشخاص يعانون من خجلٍ اجتماعيّ تجاه بعض السمات الشخصية أو السلوكية أو بعض الحالات المرضية لديهم، يسمي عالم الاجتماع “إرفيج جوفمان” هذه الحالة بـ “ستيغما ” أي وصمة العار والتي يشعر بها الشخص تجاه حالةٍ ما أمام المجتمع المحيط.
وقد أشارت العديد من الأبحاث عن الـ”ستيغما” الخاصة بحالة نقص السمع و خاصةً لدى البالغين، وهذا ما شهدتهُ شخصياً عدة مراتٍ في العيادة.
إن هذا الصنف من المرضى يعانون من درجاتٍ ملحوظة من نقص السمع ولديهم خجل اجتماعي خاص تجاه ارتداء المعينات السمعية، وهي الأجهزة التي تساعد في تقوية السمع عند الأشخاص الذين يعانون من درجاتٍ ملحوظة من نقص السمع والمؤثرة في مستوى التواصل الاجتماعي.
أشارت ورقة بحثية عن أسباب عدم ارتداء البعض للمعينات السمعية على أنها تجعلهم يَظهرون بمظهر غير القادر جسمانياً حسب وصفهم، أو تجعلهم يبدون أكبر سناً، أو قد يحرض ذلك على سخرية الآخرين منهم وبالتالي ينشأ الشعور بالحرج تجاه ارتدائها علناً أمام الآخرين، قد يكون ذلك نوعاً من المكابرة أو عدم الإدراك الذاتي لحقيقة الحالة الصحية ومدى الأبعاد المترتبة على تجاهلها.
إن نقص السمع غير المعالج يؤثر في العديد من الجوانب الحياتية على مستوى الفرد والمجتمع، إذ إنه يسبب زيادة في احتمالية الإصابة بالاكتئاب أو القلق وميلاً للعزلة الاجتماعية وتحريض لنوع من الانطواء والانزواء عوضاً عن تفاقم حجم الفكرة السلبية تلك في عقولهم مما يؤثر في الصحة النفسية أيضاً، كذلك يؤدي نقص السمع غير المعالج إلى انخفاض ملحوظ في مستوى الأداء المهني والوظيفي للمصاب، أما عند الأطفال و باعتبار أن حاسة السمع أداة بالغة الأهمية في التحصيل اللغوي والتطور المعرفي، وأن النطق قائم أساساً على القدرة على السمع الكافي خاصة في السنوات الأولى من العمر، فإن حالات التأخر اللغوي ومشاكل التعلم وتراجع مهارات التواصل ناتجة عن التأخر والتراخي في علاج حالة نقص السمع لديهم.
من حسن الحظ أنه في السنوات الأخيرة، تحسنت تقنية أجهزة تقوية السمع حيث أصبحت أصغر حجماً وبعضها غير مرئي تقريباً يمكن إدخالهُ وإبقاؤهُ في مجرى السمع الخارجي، وأصبحت أيضاً مصممة للعمل مع تقنيات أخرى كالهاتف المحمول بالتحكم بإعدادات السماعة بحيث يبدو الشخص وكأنه يستخدم هاتفه الخليوي فقط، وأيضاً أصبحت أجهزة السمع اليوم قادرة وبشكل أفضل على التمييز بين الكلام والضوضاء الخلفية في البيئة المحيطة عبر زيادتها للكسب الفعلي للكلام المحكي والمراد سماعه ضمن البيئة المحاطة بالضوضاء.
ما أودّ ذكره أن حالة نقص السمع تستوجب التداخل الباكر والتعامل الجدي والإدراك الذاتي بأنها حالة جسمانية تستدعي المتابعة الحثيثة والالتزام بالتوصيات الطبية، وأن ترجيح كفة الإيجابيات في قبول استخدام وسائل العلاج الحديثة هي الخطوة الأهم للوصول إلى مستوى صحي جيد، والتوعية بجعل هذه التقنيات جزءاً من الروتين اليومي بحيث يمكن الاعتياد عليها وتقبلها كأسلوب حياة جميل و بسيط يحقق فائدة عظيمة للفرد والمجتمع.
الطبيبة الإعلامية إسراء دهش