الثورة- تقرير أسماء الفريح:
جددت إيران التأكيد على أن تقرير ما يسمى “فريق التحقيق وتحديد الهوية” التابع لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية حول حادثة دوما المزعومة يستند إلى مصادر غير مصرح بها ويفتقر إلى الاستنتاجات القانونية اللازمة ويتجاهل اعتبارات الحكومة السورية.
وقال سفير ومندوب إيران الدائم لدى الأمم المتحدة أمير سعيد إيرواني في كلمة له خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي حول “ملف الكيميائي” في سورية الليلة الماضية نقلتها وكالة إرنا إن تقرير فريق التحقيق وتحديد الهوية الذي قدم في ال27 من كانون الثاني 2023 مثل التقارير المماثلة السابقة له مطالبا بعدم تجاهل العيوب المشار إليها في التقرير ومعالجتها بشكل مسؤول لضمان دقة تقارير منظمة حظر الأسلحة الكيميائية.
وأضاف أن بلاده تشعر بقلق بالغ إزاء استغلال وتسييس اتفاقية الأسلحة الكيميائية ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية مبينا أن سوء استخدام عملياتها من قبل بعض الدول الغربية قد تسبب في حدوث انقسام بين الدول الأعضاء وإضعاف شرعية ومصداقية المنظمة وكذلك إضعاف الثقة في عملية نزع السلاح متعددة الأطراف.
وتابع إيرواني: “من المؤسف أن المعلومات الموثوقة من الحكومة السورية حول استخدام الجماعات الإرهابية للأسلحة الكيميائية قد تم تجاهلها من قبل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية وفي الوقت نفسه فإن الكيان الإسرائيلي غير العضو في الاتفاقية يتم تشجيعه ومكافأته من قبل بعض الدول الغربية ببرنامج سري لأسلحة الدمار الشامل”.
وقال”من الواضح أن مراجعة المعلومات في الوقت المناسب كان من الممكن أن تؤدي إلى تدمير الجماعات الإرهابية بدلاً من التستر على أعمالها” مؤكدا أن هذا صحيح بشكل خاص بالنظر إلى احتمال الكشف عن مزاعم كاذبة من قبل بعض الدول الغربية والتي أدت في بعض الحالات إلى شن اعتداء على سورية.
وأضاف إيرواني: لقد صرحت إيران مرارا وتكرارا أنه يجب حل المشكلات الفنية من خلال التعاون والجهود المشتركة بدلاً من الضغوط السياسية التي تعد استراتيجية فاشلة وتهدد عملية حل القضايا المتبقية بأكملها.
وشدد على أن بلاده تدين بشدة استخدام الأسلحة الكيميائية من قبل أي كان وفي أي مكان وتحت أي ظرف من الظروف مبينا أن استخدام مثل هذه الأسلحة هو جريمة ضد الإنسانية وانتهاك صارخ للقانون الدولي مشيرا إلى أن الدول الغربية تقوم الآن ومن خلال التلاعب بمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية ومنظماتها الفرعية بإساءة استخدام هذه المنظمات لأغراضها السياسية ضد سورية.
وأكد إيرواني أن المسؤولية الرئيسية لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية هي تدمير الأسلحة الكيميائية باعتبار أن ذلك هو الركيزة الأولى للاتفاقية لكن جهودها تعطلت بسبب التأخير المستمر من قبل الولايات المتحدة المالك الرئيسي الوحيد المتبقي لهذه الأسلحة غير الإنسانية موضحا أن من شأن نهج المنظمة ذي الدوافع السياسية أن يصرف الانتباه عن هذا التحدي الملح ويخدم مصالح الولايات المتحدة وهي دولة عضو تمتلك أسلحة كيميائية.
وقال إيرواني: إن إيران تدعم مشاركة سورية ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية في محادثات بناءة على أعلى مستوى وتعاونهما لحل القضايا المتبقية في إطار زمني محدد وإغلاق الملف بشكل نهائي ولهذه الغاية يجب أن يكون أي تحقيق محايدا ومهنيا وموثوقا وموضوعيا ومتوافقًا تماما مع متطلبات وإجراءات الاتفاقية.
بدوره, وجه مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا في كلمة له خلال الجلسة تساؤلا إلى المدير العام لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية فرناندو أرياس عن أسباب انتهاك بعثة تقصي الحقائق وفريق التحقيق غير الشرعي للمبدأ الأساسي المتمثل في جمع الأدلة وتأمينها؟ وكيف وقع “أرياس” وثائق تستند استنتاجاتها إلى معلومات من طرف ثالث؟ في إشارة منه على سبيل المثال إلى إرهابيي جماعة ” الخوذ البيضاء” ؟”
وقال نيبينريا :”هل تغيرت أساليب عمل الأمانة الفنية لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية؟ وهل لم تعد أحكام اتفاقية الأسلحة الكيميائية نفسها مناسبة للاسترشاد بها؟”.
وأضاف أنه “في عام 2013 كتبت بعثة الأمم المتحدة للتحقيق في الحوادث في سورية بشكل صريح في التقرير أنه من المستحيل التحقق بشكل مستقل من المعلومات المتعلقة باستخدام الأسلحة الكيميائية في غياب بيانات عن وسائل إيصالها وعينات بيومترية، يتم جمعها وتحليلها وفقا لمبدأ جمع الأدلة وضمان الحفاظ عليها”.
وقال ساخراً: “تقوم المنظمة الآن، في الواقع، بالحصول على المعلومات من مصادر مفتوحة وأطراف ثالثة بحرية كبيرة ..يمكن الآن إرسال أدلة الحادث عن طريق البريد أو بشكل مجهول الهوية تقريبا.. بعد كل شيء، إذا كانت تتناسب مع السرد المطلوب، فسيتم اعتبارها أسبابا معقولة لاستخلاص الاستنتاجات”.
وتابع نيبينزيا: “السيد أرياس ما زلنا نود أن نسمع ردا واضحا منك بشأن الفضيحة القبيحة التي حدثت في إعداد تقرير بعثة تقصي الحقائق بشأن حادثة دوما، والتي تمت إعادة كتابة نسختها النهائية ببساطة تحت ضغط من الدول الغربية ولا سيما فيما يتعلق بالدراسات الكيميائية والسمية والباليستية، وكذلك شهادات الشهود” مشددا على إن تقرير فريق التحقيق التابع لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، يتجاهل الروابط العلمية والمنطقية والسببية.
وأكد نيبينزيا أن حادثة دوما أصبحت بالنسبة لمجلس الأمن الدولي “شيئا مثل الأنبوب الذي لوح به وزير الخارجية الاميركي السابق كولن باول داخل هذه الجدران قبل 20 عاما بالضبط” في إشارة لادعاء باول امتلاك العراق أسلحة دمار شامل من خلال رفعه أنبوبا يحتوي مسحوقا أبيض لتغزو واشنطن بعده هذا البلد استنادا إلى كذبتها هذه.
وقال نيبينزيا إن الولايات المتحدة تكذب مدعية أن روسيا منعت مفتشي منظمة حظر الأسلحة الكيميائية من الوصول إلى دوما في نيسان 2018 مضيفا أن قلة من الناس يتذكرون الآن أنه في الـ 10 من نيسان آنذاك أرسلت الحكومة السورية دعوة رسمية إلى المنظمة لإرسال مفتشين إلى المدينة مشيرا إلى أنهم جلسوا في دمشق ولم يذهبوا جميعا إلى دوما مضيفا “حقيقة أننا منعنا زيارتهم كما أخبرنا ممثل الولايات المتحدة للتو، هي كذبة شائنة”.
ولفت نيبينزيا إلى أنه في الـ 14 من نيسان 2018 شنت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا ضربة صاروخية واسعة النطاق ضد منشآت مدنية وعسكرية في سورية عقابا على حادثة دوما وبعبارة أخرى فإن هذه الدول حددت “المذنب دون انتظار أي تحقيقات وعاقبته” وقال: “إذا كانوا مهتمين بمعرفة الحقيقة فلن يهاجموا سورية منتهكين القواعد والمبادئ الأساسية للقانون الدولي مما قد يدمر الأدلة ذات الأهمية للمفتشين”.