نهى علي:
لا يمكن لعاقل أن يقلل من صوابية التعاطي الرسمي والشعبي مع الزلزال ” الكارثة”.. تعاطي الدولة حكومة وقطاع أعمال ومجتمع أهلي وشعبي، رغم هول الصدمة والمفاجأة وقلة الإمكانات، إلا أننا استطعنا منذ اللحظات الأولى بتوجيهات السيد الرئيس بشار الأسد، الانطلاق بآلية عمل منظمة ومتوازنة قوامها الاستنفار المتكامل بما يتناسب مع هول الكارثة..
و لعلنا لم نكن بحاجة لمثل هذا الحدث لنؤكد لأنفسنا وللعالم أننا دولة مؤسسات حقيقية، وأن خاصية التكافل ميزة سورية.. والتكافل في زمن الأزمات من أهم الاعتبارات التي لا يمكن تجاهلها مطلقاً..
تكافل السوريون دولة وشعباً لمواجهة آثار الزلزال، وكانت “الفزعات” والمبادرات مشرِّفة رغم قسوة ومأساوية المشاهد على الأرض.
اليوم وبعد مرور عدة أيام على وقوع الزلزال المدمر، واستمرار عمليات الإنقاذ والإغاثة بالإمكانات الموجودة، وتالياً بمساعدة من هبوا لمساعدتنا من الأشقاء والأصدقاء الذين كسروا الحصار وغلٌبوا الاعتبارات الإنسانية على إملاءات لعبة السياسة.. اليوم لابدَّ أن نفرد جزءاً من اهتمامنا للقادمات من الأيام، أي بعد الخروج من الصدمة، سيكون لدينا الآلاف من أهلنا دون مأوى، رغم أن الدولة أتاحت مراكز إيواء وأن كثيرين فتحوا منازلهم لاستقبال أسر منكوبة، لكن على الجميع أن يفكر بخيارات واقعية لمساعدة هذه الأسر في إيجاد مسكن بديل.
هنا نصل إلى نقطة بحاجة إلى إجراءات ومبادرات مكملة…
ف “الفزعة” اليوم إنقاذية إغاثية، أما “الفزعة” القادمة فيجب أن تكون “عمرانية” ..
ولابأس أن نفكر بتأسيس “صندوق إعمار” مساكن بديلة للأسر التي أتى الزلزال على بيوتها.. لابدَّ من مثل هذا الصندوق، ويجب أن يكون المغتربون أصحاب المساهمة الأكبر فيه.
في حلب مئات بل آلاف من رجال الأعمال الذين غادروا البلاد وأسسوا مشاريع كبرى في مصر وتركيا والأردن ودول الخليج… وقد يكونون اليوم أمام فرصة اختبار جديدة لإعمار وإغاثة مدينتهم وبلدهم.
المغتربون السوريون اليوم أمام استحقاق واختبار وطني بامتياز يجب أن ينجحوا فيه، وكلنا أمل في أن ينجحوا إن كان الدم السوري مازال في عروقهم.

السابق