رغم هول كارثة وفاجعة الزلزال الذي جعل سكان بلدنا يتحدثون به وبما خلفه من قتل وإصابات ودمار ليل نهار، ورغم الهلع الذي خلفه لهم هو والهزات الارتدادية التي حصلت بعده بدرجات متفاوتة كان أكبرها مساء أول أمس الإثنين، إلا أننا يجب ألا ننسى الوضع المعيشي للمواطن ومتطلباته.
صحيح أن الزلزال مازال يحتل المركز الأول في تفكيرنا ومعاناتنا وحياتنا بشكل عام، وما زالت آثاره وتداعياته المباشرة وغير المباشرة ترخي بظلالها السوداء، وتحديداً على من فقد أحبة له وعلى من أصيب ومن خسر بيته أو أخلي منه لتصدعه والخوف من سقوطه، لكن الصحيح أيضاً أن الكثير من المواطنين وبالأخص العاملين في الدولة والمتقاعدين والعاطلين عن العمل يعيشون- إلى جانب حالة الخوف المستمرة بسبب الهزات المتكررة – معاناة قاسية تزداد حدة وألماً يوماً بعد آخر نتيجة ضعف دخلهم مقارنة بمتطلبات معيشتهم واستمرار حياتهم، ولا داعي للدخول في تفاصيل هذا الأمر فالكل يعرفه ويدرك أبعاده السلبية على هؤلاء وعلى أسرهم وعملهم وعلى الإنتاج والاقتصاد الوطني بشكل عام.
وإضافة لما تقدم ولما تنتظره هذه الآثار والتداعيات من معالجات جادة لها الأولوية -وفق ما أشرنا إليه في زاوية الأسبوع الماضي -ثمة قضايا أخرى لاتقل أهمية وخطورة عند نسبة غير قليلة من أبناء شعبنا، لعل أبرزها غياب حليب الأطفال وارتفاع أسعاره، وغياب معظم أنواع الدواء والمستلزمات الطبية عن مشافينا العامة وارتفاع أسعارها مع ارتفاع تكاليف العلاج للمرضى فيها، وبشكل أكبر في القطاع الخاص، والواقع الكهربائي السيئ والذي يزداد سوءاً يوماً بعد آخر، وغياب المعونات الغذائية بعد بداية هذا العام عن نسبة كبيرة من المهجرين بفعل الحرب وعمن فقد معيله أو قطعة أو أكثر من جسده وعن الأشد فقراً بسبب تخفيض الكميات المخصصة لسورية من منظمة الغذاء العالمية..وهذه القضايا وغيرها يفترض بالجهات المعنية معالجتها.