الثورة – ترجمة ميساء وسوف:
في الذكرى السنوية الأولى للحرب في أوكرانيا، أصدرت الصين ورقة موقف بعنوان (موقف الصين من التسوية السياسية للأزمة الأوكرانية)، توضح بشكل منهجي موقف الصين في 12 نقطة، وكدولة رئيسة مسؤولة، على الرغم من أن الصين ليست طرفاً في الأزمة الأوكرانية، إلا أنها على استعداد دائماً للعب دور بناء في الترويج لحل لها، وما تظهره هذه الوثيقة هو إخلاص الصين وحسن نيتها في تعزيز محادثات السلام بنشاط.
في الوقت الحالي، لاتزال الحرب في أوكرانيا في طريق مسدود، ومن الصعب رؤية إمكانية تخفيفها على المدى القصير، ومع ذلك، لا يمكن لأحد أن يتحمل حرب استنزاف طويلة الأمد، فقد أدت آثارها غير المباشرة إلى إثارة يقظة واسعة النطاق في المجتمع الدولي.
إن تأثير هذه الأزمة على العدد الهائل من البلدان النامية التي هي في حاجة ماسة إلى تحقيق أهدافها الإنمائية تأثير مباشر وقوي بشكل خاص، ولهذا السبب تأمل هذه البلدان بفارغ الصبر أن تتمكن جميع الأطراف من إيجاد حل عقلاني وسلمي. وفي هذا السياق تبرز أهمية وقيمة الوثيقة التي أصدرتها الصين مؤخراً.
منذ اندلاع الأزمة الأوكرانية، اتبعت الصين مسار الموضوعية والعدالة، حيث طرح الرئيس شي جين بينغ أربعة مبادئ، ودعا إلى بذل جهود مشتركة في أربعة مجالات، وتبادل ثلاث ملاحظات حول أوكرانيا، ولعب دوراً مسؤولاً وبناءً في تخفيف الوضع وحل الأزمة وتحديد نهج الصين الأساس تجاه هذه القضية.
تغطي هذه الوثيقة 12 مجالاً: احترام سيادة جميع البلدان، والتخلي عن عقلية الحرب الباردة، ووقف الأعمال العدائية، واستئناف محادثات السلام، وحل الأزمة الإنسانية، وحماية المدنيين وأسرى الحرب، والحفاظ على محطات الطاقة النووية آمنة، وتقليل المخاطر الاستراتيجية، وتسهيل صادرات الحبوب، ووقف العقوبات الأحادية، والحفاظ على استقرار الصناعة وسلاسل التوريد، وتعزيز إعادة الإعمار بعد الحرب.
فهي لم تكرر فقط اقتراح الصين الثابت، ولكنها استوعبت أيضاً المخاوف المعقولة لجميع البلدان، مما يعكس أكبر قاسم مشترك للمجتمع الدولي بشأن قضية أوكرانيا.
موقف الصين من القضية الأوكرانية محايد لكنه ليس سلبيا، وهو موقف يمكن وصفه بدقة بأنه حياد نشط، حيث تعكس ورقة موقف الصين مطالب كل من روسيا وأوكرانيا، وتتناول أيضاً قضايا دولية أوسع مثل الحرب النووية والأمن الغذائي والاستقرار الاستراتيجي العالمي.
الورقة مختصرة ومحددة للغاية وذات صلة كبيرة بالوضع الحالي، وتظهر موقف الصين المسؤول المتمثل في عدم الوقوف مكتوفة الأيدي، وعدم تأجيج النار، ومعارضة استغلال الوضع.
بالطبع، يرى الناس أيضاً أن البعض في الولايات المتحدة والغرب لا يريدون عودة الأطراف المتصارعة إلى طاولة المفاوضات، لكنهم يحاولون زيادة تعكير المياه والسعي لتحقيق مصالحهم الخاصة.
في الوقت الحالي، تشكك واشنطن والغرب في علاقات الصين الودية مع روسيا وتهاجمها، بينما تطالب الصين، من ناحية أخرى، باستخدام هذه العلاقة للعب الدور الذي تتوقعه في الأزمة الأوكرانية، وهذا متناقض جداً.
الآن بعد أن أصدرت الصين ورقة الموقف الخاصة بها، لا يمكنهم العثور على نقطة للهجوم، لذلك يبدؤون في تغيير الموضوع، لأنه في نظر واشنطن والغرب، أي حل لا يضغط على روسيا ليس حلاً جيداً، فعندما يمارسون ضغوطاً شديدة على روسيا، تبدو الاتصالات العادية بين الدول الأخرى وروسيا واضحة بشكل كبير.
في المقابل، تتمتع روسيا وأوكرانيا، بصفتهما الطرفين المعنيين، بموقف إيجابي بشكل عام تجاه موقف الصين، هذا أمر مثير للتفكير.
نعتقد أنه من الضروري بشكل خاص للنخب السياسية في الولايات المتحدة والغرب أن تدرس بعناية ورقة الموقف المكونة من 12 نقطة التي أعدتها الصين والتي على الرغم من أنها معنية بالحرب الحالية في أوكرانيا، إلا أنها يمكن أن تكون بمثابة مرجع للاضطرابات والصراعات التي تحدث في أماكن أخرى من العالم، والتي يرتبط معظمها ارتباطاً وثيقاً بالسياسات الخارجية للولايات المتحدة وحلفائها.
إن كيفية منع حدوث المآسي الإنسانية في المنبع وتحقيق سلام دائم وأمن عالمي هو ما يحتاج العالم إلى مراعاته أكثر في الذكرى السنوية الأولى للأزمة الأوكرانية، والآراء التي اقترحتها الصين ستستمر أيضاً بمرور الوقت وستظهر قيمتها التاريخية الساطعة على مدار التاريخ.
المصدر:غلوبال تايمز
