الثورة – متابعة هلال عون وعبد الحميد غانم:
كم يبدو الإنسان متجبِّراً وظالماً ومجرماً حين يقتل أخاه الإنسان ويحرق جسده، والسبب هو أنه يختلف معه في الرأي!!
نعم هذا حدث في بلدنا في عهد النظام البائد، وما زالت تتكشّف آثار تلك الجرائم التي تقشعرّ لها الأبدان!
حزن وألم عميق
إحدى تلك الجرائم تم اكتشاف آثارها اليوم، فقد اكتشف الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) مقبرة جماعية في قبو أحد الأبنية بحي جمعيات العسالي في منطقة السبينة بريف دمشق.
“الثورة” حضرتْ إلى قبو البناء، وعاينتْ بقايا العظام البشرية وتحاورت مع سكان البناء ورجال الدفاع المدني.
شعور بالحزن والألم العميق ينتاب الإنسان حين يرى مصير أخيه، وبقايا عظامه البشرية المحروقة.
لم تمنع المجرمين آهات وتوسلات الضحايا الذين أكد رجال الدفاع المدني أنها تعود للأطفال وللكبار.
مع صاحب القبو
صاحب القبو أحمد السيد، البالغ من العمر حوالى أربعين عاماً، تحدّث لـ”لثورة”، فقال: تركت المنطقة عام ٢٠١١ وعدت إليها عام ٢٠٢٠، وعلمتُ بوجود عظام بشرية في القبو، وحولها بقايا إطارات سيارات محروقة.
ويتابع: أغلقتُ القبو وقفلته، ولم أجرؤ على إخبار أي جهة بما رأيتُ خوفاً من بطش النظام المخلوع، وبعد أكثر من شهر على سقوط النظام تواصلتُ مع الدفاع المدني وأخبرتهم بما رأيت، واليوم حضر رجال الدفاع المدني السوري “الخوذ البيضاء” لمعاينة الموقع وجمع بقايا العظام البشرية.
وحول ما إذا كان يعلم شيئاً عن عائدية العظام البشرية؟ قال: إنه يتوقع أن تعود لأهالي المنطقة.
مواطن آخر، وهو شاب في العشرين من عمره- محمد الصالح، وهو من سكان بناء مجاور للقبو، قال: علمتُ بالحادثة عندما جاء الدفاع المدني إلى البناء.
وأضاف: “كانت المنطقة مغلقة، وقد وعدنا إليها حين تم فتحها عام 2020.
لم نجرؤ على إخبار أحد
السيدة منى العيسى، من سكان البناء، قالت: أسكن في البناء منذ ما قبل الحرب، لكننا سافرنا إلى لبنان في العام 2011 وعدنا عام 2023، ومنذ عودتي سمعت من زوجي أن في القبو بقايا عظام بشرية، ولكن ظننته يمزح، ولم أصدق ذلك، خاصة أن القبو مغلق ومقفول.
وتضيف: سافر زوجي إلى السعودية بعد ذلك ونسيتُ الموضوع، ولكن فوجئت اليوم عند مجيء رجال الدفاع الوطني ورؤية بقايا العظام أن كلام زوجي صحيح.
وحين سألناها: لماذا لم يخبر زوجك أي جهة رسمية بوجود العظام البشرية، قالت: الخوف منعه، ومنع غيره، وهو سافر إلى السعودية خوفاً من بطش النظام.
تعود لصغار وكبار
عمار السلمو، من رجال الدفاع الوطني السوري “الخوذ البيضاء”، قال: ما زلنا- كما تلاحظون- نجمع بقايا عظام ما يقارب 20 ضحية، مضيفاً: بحسب العظام يظهر أنها تعود لرجال وأطفال ونساء.
ويتابع: لا يمكن معرفة لمن تعود هذه الضحايا.. وبكل الأحوال يتم فحصها من قبل الطبابة الشرعية، وربما يتم إجراء اختبارات DNA، لمعرفة إمكانية معرفة أصحابها.
سيعاد دفنها بطريقة آدمية
سألناه: وماذا بعد ذلك؟ فأجاب: سيتم دفنها بطريقة آدمية، وبالشكل الذي يليق بكرامة الإنسان.
وأخيراً.. سألناه عن سبب التأخر في الكشف على العظام مدة نصف شهر بعد إبلاغ الأهالي، فقال: لأننا كنا نتابع العمل في مقابر أخرى، فهذه ليست المقبرة الجماعية الأولى، ولن تكون الأخيرة.
“الثورة” تابعت عمل رجال الدفاع المدني، وهم ينقلون العظام إلى “كراتين” مُرقَّمة، ينفضون عنها الغبار بهدوء كما يفعل علماء الآثار الذين يحرصون على سلامة لقاهم الأثرية.
__-
#صحيفة_الثورة