الملحق الثقافي- وفاء يونس:
ولد توفيق زياد في مدينة الناصرة عام 1929 وتوفي في 5 تموز 1994 بحادث طريق مروع،
درس أولاً في الناصرة ثم ذهب إلى موسكو ليدرس الأدب السوفييتي، شارك طيلة السنوات التي عاشها في الحياة السياسية داخل الأرض المحتلة، وناضل من أجل حقوق شعبه، كما كان لفترة طويلة وإلى يوم وفاته رئيساً لبلدية الناصرة، إضافة إلى ترجماته من الأدب الروسي وأعمال الشاعر التركي ناظم حكمت، أصدر توفيق زياد عدداً من المجموعات الشعرية من بينها: «أشد على أياديكم (1966)»، التي تعد علامة بارزة في تاريخ النضال الفلسطيني ضد الكيان الصهيوني، تتضمن المجموعة المذكورة عدداً من القصائد التي تدور حول البسالة والمقاومة، وبعض هذه القصائد تحوّلت إلى أغان وأصبحت جزءاً من التراث الحي لأغاني المقاومة الفلسطينية.
أدى توفيق زياد دوراً مهماً في إضراب أحداث يوم الأرض الفلسطيني في 30 آذار 1976، حيث تظاهر ألوف من العرب من فلسطيني الـ 48 ضد مصادرة الأراضي وتهويد الجليل.
ظل توفيق مستهدفاً طيلة حياته، حيث رؤوا فيه واحداً من الرموز الأساسية لصمود الشعب الفلسطيني وتصديه لسياسة الكيان الصهيوني عدد الاعتداءات التي تعرض لها بيته، -لا يحصى- وفي كل يوم إضراب عام للجماهير العربية هاجموا بيته بالذات وعاثوا فيه خراباً واعتدوا على من فيه، قصته في يوم الأرض معروفة فعندما حاول الكيان الصهيوني افشال إضراب يوم الأرض 30 آذار 1976 الذي قررته لجنة الدفاع عن الأراضي، لكنه اثبت لهم أن القرار قرار الشعب والشعب أعلن الإضراب ونجح وكان شاملاً، فزاد العدو اعتداءاته وقتل الشباب الستة وجرح المئات وهاجم بيت توفيق زياد، «سمعت الضابط بإذني وهو يأمر رجاله طوقوا البيت واحرقوه» تقول زوجة توفيق زياد.
يتكرر الاعتداء في إضراب صبرا وشاتيلا 1982 وفي إضراب سنة 1990 وفي إضراب مجزرة الحرم الإبراهيمي 1994 وفي مرات كثيرة أصيب أفراد عائلته وضيوفه بالجراح جراء الاعتداءات، وكانوا ينفذون الاعتداء وهم يبحثون عن توفيق زياد شخصيّاً، حتى في الإضراب 1994، غير أنَّ أبشع الاعتداءات كان في أيار 1977 إذ جرت محاولة اغتياله، ونجا منها بأعجوبة
من أعماله: أشدّ على أياديكم (مطبعة الاتحاد، حيفا، 1966 م).
أدفنوا موتاكم وانهضوا (دار العودة، بيروت، 1969 م).
أغنيات الثورة والغضب (بيروت، 1969م).
أم درمان المنجل والسيف والنغم (دار العودة، بيروت، 1970 م).
شيوعيون (دار العودة، بيروت، 1970 م).
كلمات مقاتلة (دار الجليل للطباعة والنشر، عكا، 1970 م).
عمان في أيلول (مطبعة الاتحاد، حيفا، 1971 م).
تَهليلة الموت والشهادة (دار العودة، بيروت، 1972 م).
سجناء الحرية وقصائد أخرى ممنوعة (مطبعة الحكيم، الناصرة، 1973 م).
السّكر المُر
بأسناني
سمر في السجن
قصيدة «أي شيء يقتل الإصرار»، غناها جورج قرمز.
قصيدة «صبراً»، غناها جورج قرمز.
كذلك له أعمال شعرية ومسرحية مغناة مثل سرحان والماسورة التي تروي قصة الثائر الفلسطيني سرحان حسين العلي والتي تحولت إلى أوبرالي غنته فرقة أغاني العاشقين، ومن أعماله الأخرى:
عن الأدب الشعبي / دراسة (دار العودة، بيروت، 1970 م).
نصراوي في الساحة الحمراء / يوميات (مطبعة النهضة، الناصرة، 1972 م.
صور من الأدب الشعبي الفلسطيني / دراسة (المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 1974 م).
حال الدنيا / حكايات فولكلورية (دار الحرية، الناصرة، 1975 م).
الوطن
مثلما كنت ستبقى يا وطن
حاضراً في ورق الدّفلى،
وعطر الياسمين
حاضراً في التين، والزيتون،
في طور سنين
حاضراً في البرق، والرعد،
وأقواس قزح
في ارتعاشات الفرح
حاضراً في الشفق الدامي،
وفي ضوء القمر
في تصاوير الأماسي،
وفي النسمة .. في عصف الرّياح
في الندى والساقية
والجبال الشمّ والوديان، والأنهر
في تهليلة أمّ ..
وابتهالات ضحيّة،
في دمى الأطفال، والأطفال ..
في صحوة فجر
فوق غاب السنديان
في الصّبا، والولدنه
وتثنى السوسنه
في لغات الناس والطير،
وفي كل كتاب
في المواويل التي
تصل الأرض
بأطراف السحاب
في أغاني المخلصين
وشفاه الضارعين
ودموع الفقراء البائسين
في القلوب الخضر،
والأضلع،
في كل العيون
مثلما كنت ستبقى
يا وطن
حاضراً ..
كلّ زمانٍ ..
كلّ حين .
مثلما كنت ستبقى يا وطن
حاضراً في كل جرحٍ
وشظيّة
في صدور الثائرين الصامدين
حاضراً في صور القتلى
وعزم الشهداء
في تباشير الصباح
وأناشيد الكفاح
حاضراً في كل ميدانٍ وساح
والغد الطالع ..
من ..
نزف …
الجراح
نحن أصحابك فأبشر يا وطن
نحن عشاقك فأبشر يا وطن
ننحت الصخر ونبني ونعمّر
ونلوك القيد حتى نتحرر
نجمع الأزهار والحلوى
ونمشي في اللهيب
نبذل الغالي ليبقى
رأسك المرفوع .. مرفوعاً
على مرِّ الزمن
نحن أصحابك ..
عشاقك ..
فأبشر،
يا وطن .. !!
كلمات عن العدوان
يا بلادي! أمسِ لم نطفُ على حفنة ماءْ
ولذا لن نغرقَ الساعةَ في حفنةِ ماءً
من هنا مرواً إلى الشرق غماماً أسودَ
يطأون الزهرَ والأطفالَ والقمحَ وحباتِ الندى
ويبيضونَ عداواتٍ وحقداً وقبوراً ومِدى
من هنا، سوف يعودونَ، وإن طال المدى
هكذا ماتَ، بلا نعيٍ على الرمل شهيدْ
طلقةٌ في رأسه، صيحةُ قهرٍ ووعيدْ
حفرَ القاتلُ في مدفعه رقماً جديداً
ومضى يبحثُ، مثل الذئبِ، عن رقم جديدْ
وعلى بضعة أمتار بكى طفلٌ وليدْ
عندما مرَّ على جبهته السمراء جنزير حديدْ
لا تقولوا لي: انتصرْنا
إن هذا النصر شرٌ من هزيمةْ
نحنُ لا ننظرُ للسطح ولكنا
نرى عمقَ الجريمةْ،
لا تقولوا لي: انتصرْنا
إننا نعرفُها هذي الشطارةْ
إننا نعرفه الحاوي الذي
يعطي الإشارة!
إنه سيّدكمْ يلهثُ
في النزعِ الأخيرْ
إننا نسحبُه، من أنفهِ، سحباً
إلى القبر الحقيرْ
ما الذي خبأتموهُ لغدٍ؟
يا من سفكتم لي دمي
وأخذتم ضوءَ عيني
وصلبتم قلمي
واغتصبتم حقَّ شعبٍ آمن
لم يجرمِ . . .
ما الذي خبأتموه لغدٍ
يا من أهنتم علمي
وفتحتم في جراحاتي جراحاً
وطعنتم حلمي
ما الذي خبأتموه لغدٍ
إن غداً لم يهزمِ!
إنكم تحيون من عشرين عاماً
حلمَ صيفٍ ذا رواءْ
وتصيدون لأمر الغير
في بحر دموعٍ ودماءْ
إنكم تبنون لليوم وأنّا
لغدٍ نعلي البناءْ
إننا أعمقُ من بحرٍ، وأعلى
من مصابيح السماءْ
إن فينا نفساً
أطول من هذا المدى الممتدِّ
في قلبِ الفضاءْ
أيّ أمٍ أورثتكم، يا ترى
نصف القنال؟
أي أمٍ أورثتكم ضفة الأردنِّ،
سيناءَ، وهاتيك الجبالْ؟
إن من يسلبُ حقاً بالقتالْ
كيف يحمي حقّه يوماً
إذا الميزانُ مالْ؟
ثم . . ماذا بعدُ؟ لا أدري، ولكنْ
كلُّ ما أدريه أن الأرضَ حبلى والسنينْ
كل ما أدريه أن الحق لا يفنى
ولا يقوى عليه غاصبون
وعلى أرضيَ هذي
لم يعمّرْ فاتحونْ
فارفعوا أيديكمُ عن شعبنا
لا تطعموا النار حطبْ
كيف تحيون على ظهر سفينةْ
وتعادون محيطاً من لهبْ؟
فارفعوا أيديكم عن شعبنا
يا أيها الصمُّ الذين
ملأوا آذانَهم قطناً وطينْ
إننا للمرة الأف نقولْ:
نحن لا نأكلُ لحم الآخرين
نحن لا نذبحُ أطفالاً ولا نصرعُ ناساً آمنين
نحن لا ننهبُ بيتا
أو جنى حقلٍ
ولا نطفي عيونْ
نحن لا نسرقُ آثارا قديمةْ
نحن لا نعرف ما طعمُ الجريمةْ
نحن لا نحرقُ أسفاراً
ولا نكسرُ أقلاماً
فارفعوا أيديكمُ عن شعبنا
يا أيها الصم الذين
ملأوا آذانهم قطناً وطين
إننا للمرة الألف نقول:
لا! وحق الضوء
من هذا التراب الحر
لن نفقد ذرة!
إننا لن ننحني
للنار والفولاذ يوماً
قيدَ شعرةْ!
العدد 1136 – 14-3-2023