الدبلوماسية الصينية توجه ضربة قاسية لواشنطن

بالرغم من أن الولايات المتحدة الأميركية حاولت التقليل من حجم “الصدمة” التي تعرضت لها بإعلان السعودية وإيران التوصل إلى اتفاق لإعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين برعاية صينية بعد 7 سنوات من تعليقها، لكن الصحافة الأميركية كشفت الحالة التي تعيشها الإدارة الأميركية مع دخول الصين القوي إلى ساحة الشرق الأوسط التي بقيت لعقود طويلة ملعباً أميركياً بحتاً.

الصدمة التي تعرضت لها الإدارة الأميركية ضربة “مزدوجة” باعتبار الاتفاق جرى من وراء ظهر واشنطن، بين السعودية أحد أكبر حلفائها التقليديين في الخليج وإيران ألد أعداء واشنطن في المنطقة والتي استخدمتها الإدارة الأميركية “فزّاعة” لترهيب دول الخليج وإبقائها في المحور الأميركي. هذا من جهة ومن جهة ثانية جاء الاتفاق برعاية من الصين التي تشكل الخصم العالمي الأبرز في أجندة السياسية الخارجية الأميركية.

لقد وصفت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية الاتفاق بأنه “من بين أكثر التطورات التي يمكن لشخص أن يتخيلها، إنه تحوّلٌ جعل الرؤوس تدور في عواصم حول العالم. لقد انقلبت التحالفات والخصومات التي حكمت الدبلوماسية لأجيال”. توصيف يعبّر بوضوح عن حال صناع القرار في الإدارة الأميركية اليوم.

فواشنطن التي تعودت أن تكون اللاعب الأساسي والوحيد في الشرق الأوسط خلال العقود الطويلة الماضية، وجدت نفسها على الهامش في أكثر اللحظات التاريخية أهمية، وبالرغم من أن المتحدث باسم البيت الأبيض جون كيربي قال إن الحلفاء في السعودية أبلغوا واشنطن عن المحادثات في بكين، لكن الخطوة التي اتخذتها بكين شكّلت بلا شك صدمة كبيرة لصناع السياسة الأميركيين وأحدثت زلزالا سياسياً وصلت ارتداداته إلى واشنطن.

وبحسب الصحيفة فإن توسط الصين في هذا التقارب المفاجئ يعكس طموح بكين بقيادة الرئيس شي جين بينغ كلاعب دولي “في تنافس متصاعد مع الولايات المتحدة، لتقديم بديل للنظام العالمي الحالي” بما يشكل استكمالاً لسياسة الحوار والشراكة في التنمية التي تروج لها الصين عبر مبادرتها “الحزام والطريق” ومبادرة “الأمن العالمي”.

لكن صحيفة التلغراف البريطانية كانت أكثر وضوحاً في تحليل المشهد ورأت أن الخطوة الصينية برعاية الاتفاق الإيراني- السعودي تبشر “بعهد جديد من الجغرافيا السياسية” الدولية وتفتح نافذة على حقبة جديدة من الجغرافيا السياسية التي لم تعد فيها الولايات المتحدة هي الحكم الوحيد في الشؤون الدولية”.

وتعزف الصحيفة على وتر الحقيقة عندما تقول إن الصين قد لا تتمتع بالقوة العسكرية التي تمتلكها واشنطن وتنشرها عبر أساطيلها وقواعدها العسكرية حول العالم، لكن بكين تتفوق على واشنطن بقضية مهمة جداً وهي “المصداقية” التي تفتقر لها واشنطن وهذا الأمر مهم جداً ولا يمكن لأي قوة عسكرية أن تعوضه.

لاشك أن التقارب الإيراني السعودي بعد فترة من الجفاء والتخاصم الذي باعتقادنا أثارته الولايات المتحدة ومعها كيان الاحتلال الإسرائيلي خدمة لمصالحهما الخاصة التي تقضي بالإبقاء على الخلافات الإقليمية وإدارتها لاستمرار هيمنتها، يشكل ضربة موجعة لعملية الاستثمار والتوظيف الخبيثة التي مارستها واشنطن و”تل أبيب” للخلافات بين دول الخليج، ما يمهد لاستعادة الاستقرار في منطقة عانت شعوبها من ويلات التدخلات الأميركية.

من جانبها أُصيبت الصحافة الإسرائيلية بالهلع من الاتفاق وتساءلت.. أين كانت الاستخبارات الإسرائيلية التي لم تعلم شيئاً عن الاتفاق قبل إعلانه؟ فيما حمّلت بعض الصحف الضعف الأميركي والإسرائيلي المسؤولية عما جرى من خرق في المنطقة، واعتبرت أنّ الاتفاق يوجه صفعة لواشنطن ويقضي على أحلام “إسرائيل” بإنشاء تحالف عربي ضد إيران.

وسط كل هذا الهياج الإعلامي الغربي تواصل الصين العمل والتقدم المستمر دون جلجلة على قاعدة أن الحوار والثقة تقود إلى التفاهم وجسر الخلافات، وأن الشراكة في التنمية والأمن تحقق السلام والاستقرار للجميع، سياسة أثبتت جدواها في ظل رفض دولي متنامٍ لسياسة الهيمنة الأميركية القائمة على التدخل وفرض الشروط على دول العالم من حلفاء وخصوم.

لقد أكدت الصين تفوقها الاقتصادي عالمياً وعبرت المحيطات والقارات إلى كل من أفريقيا وأميركا وأوروبا وآسيا من خلال تبني مفهوم الشراكة في التنمية والتطور كمسار لتحقيق الأمن والاستقرار للجميع وليس لطرف على حساب آخر، وهي اليوم إذ تثبت تفوقها السياسي في رعاية اتفاقات سياسية دولية توجه ضربة قاسية لسياسات الهيمنة الأميركية وتحيّدها، وتضع لبنة جديدة في مدماك النظام العالمي الجديد “نظام التعددية القطبية” الذي يولد على أنقاض الأحادية القطبية التي تمثله الولايات المتحدة الأميركية.

آخر الأخبار
روبيو يؤكد وقوف الولايات المتحدة إلى جانب سوريا.. الشيباني: وضعنا بنية تحتية لبناء علاقات استراتيجية... ربط آبار بعد تأهيلها بالشبكة الرئيسية في حماة القمح المستورد أول المستفيدين.. عثمان لـ"الثورة": تراجع الطن 10دولارات بعد رفع العقوبات الخزانة الأميركية: بدأنا خطوات رفع العقوبات عن سوريا من تصريح إلى أمل.. السوريون وحق الحياة المسروق طلاب المدينة الجامعية بحلب يشكون ضيق الغرف ورئيس الجامعة: ندرس عدة خيارات القرار السياسي تأخير بترحيل القمامة من بعض شوارع دمشق... والمحافظة: نعمل بكامل الإمكانيات المتاحة وزير الأشغال العامة: رفع العقوبات يسهم في استقطاب استثمارات عربية ودولية الفلسطينيون يحيون ذكرى النكبة.. والاحتلال يضاعف مجازره في غزة عضات الكلاب تتزايد في درعا.. والطعوم  غائبة مشاركون في  مؤتمر العدالة الانتقالية لـ"الثورة": حاجة ملحة للسلم الأهلي وتحتاج للوقت والتشاركية "صحافيون من أجل حقوق الإنسان " في مؤسسة الوحدة استجرار الكهرباء غير المشروع تدفع ثمنه " مياه " درعا وفود سياحية أوروبية تزور آثار بصرى الشام Relief Web : "هيومن رايتس ووتش": رفع العقوبات سيعزز الحقوق والتعافي في سوريا مدير زراعة اللاذقية: القطاع الزراعي سيشهد انتعاشاً ونهضة حقيقية مكافحة 180 هكتاراً من حشرة السونة مجاناً  بالقنيطرة  أطباء بلا حدود يطَّلعون على احتياجات مستشفى بصرى الشام لماذا الانخفاض السريع بسعر صرف الدولار..؟