في لوحات الفنان خلدون الأحمد.. الخط الفني بين التبسيط والتكثيف

الثورة _أديب مخزوم:
مع رحلة الفنان التشكيلي خلدون الأحمد، في مجال إنتاج وعرض اللوحة الفنية التشكيلية، نجده ينحاز وبقوة نحو اللوحة الحروفية، وضمن النهج الحامل ملامح جمالية حديثة ومعاصرة، مع التركيز على تداخلات الخط الفني الخاص به، والاعتماد على إيقاعات الألوان الصريحة والزاهية في قسم من لوحاته، وعلى لغة الرماديات في قسم آخر.
ويتجه لإظهار التشكيل الحروفي بالابتعاد عن الارتجال، والاعتماد على التكوينات الرصينة والمدروسة، حيث نجد الدائرة التي ترمز إلى النقطة، موزعة بين الحروف على شكل كرة مجسمة أحياناً، حتى أن اللوحة تتحول أحياناً إلى شكل دائري، وتأخذ النقطة في أحيان أخرى شكل المربع، في لوحات معبرة عن حالات روحانية ووجدانية وإنسانية.
وفي بعض لوحاته يجعل حركة الحروف أو الكلمات تتداخل مع الشكل الهندسي، وبذلك يعمل في هذه المجموعة من اللوحات، لإيجاد المزيد من التوافق والتقارب، بين الاندفاعات الانسيابية والرقابة العقلانية، مع كل ما يبرزه من تحرر من القواعد الحروفية الإتباعية المعروفة، وهو حين يعمل على تقديم الحروف الفنية، كعناصر تشكيلية غير مقروءة أو ذات دلالات جمالية خالصة، تتكرر وتتنوع من لوحة إلى أخرى، فإنه يتنقل من لغة الاختصار والتبسيط، بحيث تتشكل اللوحة من كلمة أو كلمتين أو عدة حروف، في حين تبقى الأجزاء الأخرى من اللوحة فارغة.
ومن جهة أخرى معاكسة يعتمد في لوحات أخرى على تكثيف الحروف والكلمات، وهذا يكشف غنى حركة الحروف العربية، وقدرتها على تجاوز الدلالات اللغوية المقروءة، والتواصل مع تطلعات الحداثة التشكيلية، وبذلك فهويتطلع دائماً إلى بناء لوحة تلامس جوهر الحضارة العربية، وتنقل رؤاه الخاصة، بعيداً عن مأثورات التقاليد المعروفة لأنواع الخطوط.
هكذا يقدم خلدون الأحمد (من مواليد حلب ١٩٦٧) إيقاعاته الحروفية بحرية وبعفوية وباختزال وبتكثيف في آن، ويثير التساؤلات حول مسلكه التعبيري والتقني، ويصل في أحيان كثيرة، إلى حدود استخدام عدة حركات حروفية في اللوحة، وبطريقة تشبه التوقيع، واللوحة تتخذ عنده شكل الاختبار في تنقله بين التقنيات، رغم أنه يحقق أسلوبية، حتى في أقصى حالات الاختصار والإيجاز، ويصل إلى درجة الإحساس بروحية حركة الحرف العربي، والجمع في نهاية المطاف، بين العناصر والرموز والدلالات اللونية الذاتية، في إيقاعاتها الهندسية والغنائية والشاعرية.
ومهما استغرق في رحلته وكتاباته الحروفية، فإنه في النهاية يهتم كثيراً بالجوانب التعبيرية والذاتية، حتى حدود الاكتفاء بحركات خطية سريعة ومختصرة إلى أقصى حد أحياناً، ولهذا لا يهدف الوصول إلى اللوحة الحروفية بجمالياتها الاتباعية، وإنما يريد الوصول إلى روح الحرف وإشاراته وحركاته، المترسخة في الذاكرة والوجدان كبصمة لاتغيب.
هكذا يمارس حريته في البحث التشكيلي والتقني والجمالي، في وقت يستطيع فيه أن يمارس حريته المطلقة في التشكيل والتلوين، ويذهب في أحيان أخرى لتقديم اللوحة المشغولة بتدرجات الأسود والأبيض، وحين لا يهتم بالاسلوب التقليدي أو التسجيلي، في كتاباته المباشرة على سطح اللوحة، فإنه يخدم هذه المفارقة الجمالية، وإذا كانت المصادر الثقافية التشكيلية المعاصرة، تتخطى اليوم لغات البلدان والشعوب، فهذا يساهم أو يجعل لوحاته، المرتكزة على حركة الحرف العربي، قادرة على لفت أنظار الأجانب، لأن لغة الفن الحديث، تحمل هواجس تقنية ودلالات جمالية مشتركة، حتى وإن تضمنت اللوحة كتابات عربية، وبعبارة أخرى اللوحة الحديثة، لاتحتاج إلى ترجمة أو إلى وسيط أو دليل سياحي.
ويصل في نهاية المطاف إلى تقديم بحوثه التشكيلية والتقنية بصياغة فنية واعية ومنضبطة وبعيدة كل البعد عن أجواء العبث التشكيلي الموجود في المعارض الفنية التشكيلية المحلية والعربية منذ مطلع سبعينات القرن الماضي، ولا سيما في الأعمال التي استلهمت الكتابات العشوائية الموجودة على الجدران القديمة، والتي شكلت امتداداً لما قدمه شاكر حسن آل سعيد ، منظر جماعة البعد الواحد في التشكيل الحروفي العربي المعاصر.
هكذا ينضم خلدون الأحمد إلى قائمة التشكيليين الحروفيين الذين يقدمون طروحات فنية مدروسة وواعية على الصعيدين التكويني والتلويني، ويقف بالتالي في خندق التصدي لمحاولات التغريب الحروفي والثقافي الذي طرح ولا يزال يطرح وبقوة في التشكيل العربي المعاصر تحت شعار مواكبة معطيات الحداثة وما بعدها.

آخر الأخبار
أردوغان: وحدة سوريا أولوية لتركيا.. ورفع العقوبات يفتح أبواب التنمية والتعاون مفتي لبنان في دمشق.. انفتاح يؤسس لعلاقة جديدة بين بيروت ودمشق بريطانيا تُطلق مرحلة جديدة في العلاقات مع دمشق وتعلن عن دعم إنساني إضافي معلمو إدلب يحتجون و" التربية"  تطمئن وتؤكد استمرار صرف رواتبهم بالدولار دخل ونفقات الأسرة بمسح وطني شامل  حركة نشطة يشهدها مركز حدود نصيب زراعة الموز في طرطوس بين التحديات ومنافسة المستورد... فهل تستمر؟ النحاس لـ"الثورة": الهوية البصرية تعكس تطلعات السوريين برسم وطن الحرية  الجفاف والاحتلال الإسرائيلي يهددان الزراعة في جنوب سوريا أطفال مشردون ومدمنون وحوامل.. ظواهر صادمة في الشارع تهدّد أطفال سوريا صيانة عدد من آبار المياه بالقنيطرة  تركيا تشارك في إخماد حرائق ريف اللاذقية بطائرات وآليات   حفريات خطرة في مداخل سوق هال طفس  عون ينفي عبور مجموعات مسلّحة من سوريا ويؤكد التنسيق مع دمشق  طلاب التاسع يخوضون امتحان اللغة الفرنسية دون تعقيد أو غموض  إدلب على خارطة السياحة مجدداً.. تاريخ عريق وطبيعة تأسر الأنظار سلل غذائية للأسر العائدة والأكثر حاجة في حلب  سوريا تفتح أبوابها للاستثمار.. انطلاقة اقتصادية جديدة بدفع عربي ودولي  قوات الأمن والدفاع المدني بوجٍه نيران الغابات في قسطل معاف  قضية دولية تلاحق المخلوع بشار الأسد.. النيابة الفرنسية تطالب بتثبيت مذكرة توقيفه