نهى علي:
كما أنَّ إدارة الوفرة لاتقل أهمية وحساسية عن إدارة النقص، فإنَّ تلبية متطلبات الانفتاح وتلقف فرص الاستثمار هو تحدٍّ قد يكون أصعب من تحديات الحصار والانكماش، لأنه يرتب مسؤوليات واستحقاقات واضحة ومحددة.
اليوم وبعد سنوات طويلة من الحرب والحصار، تؤكد المعطيات المتسارعة وأهمها زيارة الرئيس الأسد إلى موسكو وما تعد به من إضافات واعدة على مسارات التعاون المشترك في كافة المجالات، أننا نقف على أعتاب مشهدٍ اقتصادي جديد، وبالتالي مسؤوليات ليست خفيفة الوزن تقع على كاهل الجميع إن في المؤسسة التنفيذية أو في قطاع الأعمال باختصاصاته كافة.
نحن على أبواب شراكات مع شركاء أجانب و عرب أيضاً، أي أمام فرص علينا أن نحسن التحضير لها، وتحضير البيئة التشريعية بطريقة مرنة، ثمَّ تحضير الذهنيات – لاسيما في القطاع الخاص – الشريك المفترض لنظرائه الوافدين، من أجل استيعاب دخول شركاء جدد على قطاعات واستثمارات شبه معطلة أو “موقوفة” لمتمولين استأثروا بها بحكم ملاءتهم المالية..
الشراكات الأهم تبدو صناعية بالدرجة الأولى، وهذا يعني أن على قطاع الأعمال الصناعي أن يكون مستعداً للانفتاح على الآخر القادم إلينا، وأن يخرج من دوامة الشكوى والتذرع، إلى فضاء المنافسة وتوطين أدوات تمكين جديدة، وذهنيات مختلفة، وإلا سيكون في وضع محرج بكل معنى الكلمة.
صناعيونا لن يتمكنوا من المنافسة في مجال الصناعات الثقيلة والتكنولوحيا المعقدة، وليس مطلوباً منهم ذلك، بالتالي الفرصة الأهم أمامهم أن يحجزوا أمكنتهم في قطاع التصنيع الزراعي، بما يكتنزه من ميزات ومقومات، و القطاع هدف واضح لرؤوس الأموال الخارجية التي تدرس الدخول في الاقتصاد السوري، بعد أن أمسى الأمن الغذائي تحدياً عالمياً، والزراعة كما نعلم هي أساس معادلة الغذاء.
هناك فسحة زمنية لكن ليست واسعة أمام قطاع أعمالنا ليوائم أدواته مع المتغيرات الجديدة، وحسبه أن ينجح لأن تغيير الذهنية لا يمكن بقرار، بل يحتاج إلى زمن.
الحالة المطلبية لم تعد مقبولة، لأنَّ المرونة والتسهيلات التي ستدفع بها الحكومة لتحضير البيئة – ويفترض ألا تتأخر – سوف تسد الذرائع، والذرائع لاتصنع منافسة ولا جودة ولارسوخاً في السوق.
التالي