ديب علي حسن:
لم يكن الإعلام صناعة غربية منذ أن كان الحرف الأول والكلمة واللون والرسوم على جدران الكهوف والوقوف على المنابر، لكنه غدا فيما بعد صناعة غربية بامتياز يشمل كل العلوم والتقنيات منذ أن كان ورق صحف إلى الراديو والتلفاز وما فيه اليوم من وسائل متكاملة أو متنافرة.
ورسالة هذه الصناعة ليست بريئة على الإطلاق فالإعلام لم يعد سلطة رابعة إنما غدا سلاحاً فتاكاً بأيدي من يهيمنون عليه.
ومن المعروف أن الغرب الآن المسيطر الأول على الإعلام صناعة وتوجهاً (صناعة التقنيات ورسالته) ولكن كيف يدير الرسالة ؟
من المعروف أن الغرب يحتكر أكثر من ٩٠بالمئة من الضخ الإعلامي ويتحكم به كما يحلو له والوقت نفسه وحسب نزعة المركزية الغربية فإنه لا يعترف بأي خبر أو رسالة إعلامية إلا إذا كانت تتقاطع مع رؤاه ومصالحه ويكون عملاؤه وراءها ويوجه إلى كل رسالة إعلامية لا تصب حيث يريد تهماً أولها أنه إعلام (حكومي) إعلام غير مهني غير حر وما في القائمة من مصطلحات تزداد اتساعاً كل يوم.
عدوانية التجاهل
وكما هو معروف فإن معظم الحروب الآن هي إعلامية قولاً وفعلاً تبدأ في الإعلام إلى أن تتحقق في الميادين…
ولعل أحد وجوه العنف الإعلامي الذي ترسخ في العقود الأخيرة هو (عنف التجاهل) تجاهل الحدث أو الخبر الذي لا يصب في مصلحة الدوائر الغربية وإلى هذا يشير الدكتور عبد الرحمن عزي في بحث له تحت عنوان :فقه اللغة وعنف اللسان….. إذ يقول:(ويشمل هذا العنف غير المباشر حرمان الآخر من فعل الكلام وبالأخص الكلام المعبر عن حقيقة من الحقائق كحرمان الفرد والجماعة من التعبير عن حقوقها الاجتماعية والثقافية والسياسية وغيرها ويمكن تسمية ذلك بعنف التجاهل.
ويضيف: ويمكن الافتراض أن عنف الإعلام قد يتجلى في شتى مظاهر الحياة إذا كان الفرد يملك استعداد تقبل هذا العنف).. هنا علينا الإشارة إلى أن المجتمعات الغربية في معظمها على استعداد لتقبل هذا العدوان لأنها تغذت على أيديولوجيا الخوف التي يمارسها النظام الغربي وتقديم الآخر على أنه وحش كاسر يريد تدمير الحضارة الغربية وقتل إنسانيته.
ولنا في سورية تجربة مرة مع الإعلام الغربي الذي نعرف أنه ليس محايداً ولا ينقل ولو جزءاً من الحقيقة ولكن ليس إلى هذه الدرجة من العري والسقوط القيمي والأخلاقي والمهني.
في الحرب العدوانية على سورية شحذ كل طاقاته العدوانية وابتكر أساليب شيطانية لإخفاء الحقيقة وتجاهلها بل طمسها ومن ثم تقديم روايات أخرى معادية ومحرضة على القتل والإرهاب وباسم حرية الإعلام يتحدث باسم ما يسميه الجانب الإنساني.
الزلزال يفضحهم من جديد
لقد استطاع الإعلام السوري على قلة الإمكانات وما تعرض له من عقوبات وحصار أن يعري ويسقط امبرطوريات غربية ويفكك أساليبها.
ومع هذا كله لم يغير الإعلام الغربي شيئاً من أضاليله وأكاذيبه وذهب إلى الوقوع بالفضيحة المدوية إذ تم تجاهل الحدث الطبيعي الذي أصاب سورية، الزلزال الذي سمعت الأرض به كلها.
مع ذلك لم نجد الصدى الذي كان يجب أن يكون وسائل إعلامهم لاسيما أنهم يتحدثون دائماً باسم الإنسانية وقيمها..
لقد أصابهم الصمم وظهر النفاق بكل وضوح ..إنه عدوان ليس على المجتمع السوري وحده بل على العالم وقيمه ووصمة عار لن تمحى وستكون دائماً حاضرة عندنا يتحدثون عن أكاذيبهم باسم حريات الإعلام وغير ذلك..
بل لو استطاعوا لقالوا إن الزلزال من صنع الدولة السورية.