همسة زغيب:
للشعر منزلة كبرى عند العرب، ويحتلّ من الأدب العربيّ مكان الصدارة، فهو فنّ العرب الأوّل وأضحى ديواناً يصون اللغة، فأحبّوه وآثروه وردّدوه وأقامو له الأندية منذ الجاهليّة حتّى اليوم، لأنه يهدف إلى دعم التنوع اللغوي، ومنح اللغات المهددة بالاندثار فرصاً أكثر في التعبير، ويركز على قوة الكلمة المكتوبة والقدرة على تصوير المشاعر والأحاسيس لتعكس بريقها على مدى عقود.
ويعتبر اليوم العالمي للشعر فرصة لتكريم الشعراء ولإحياء التقليد الشفهي للأمسيات الشعرية، ودعم الشعراء والناشرين، وعادة يوحي الشاعر بمشاعر أو بأحاسيس وجدانية صادقة في قصائده يشعر بها القارئ لأنه يخاطب القيم الإنسانية، فقد كانت وما زالت مرتبطة بتراثنا وحاضرنا وبمعتقدنا وحضورنا، وإذا كان أجدادنا قدسوها فإنهم كانوا يقدسون روحهم الحضارية ووجودهم المعرفي والثقافي ويحضنون ذواتهم بقيم الإبداع والجمال والجلال..
وفي حديث مع الشاعرة رنا محمود قالت: إن الشعر روح الحق الغامر بالأزهار، حيث يبقينا على أمل يبني في داخلنا أحلاماً من الممكن أن تتحقق، فالشعر يعكس صورة الواقع وشهادة اللحظة الراهنة وهو وثيقة الأجيال القادمة، ويعتبر الدعامة الأساسية للتقاليد الشفوية، ويحول كلمات قصائده البسيطة إلى حافز كبير للحوار والسلام والتسامح والحب والعطاء لانه احتفظ على مدى قرون بقدرته على توصيل القيم الأعمق للثقافات المتنوعة.
فالشعر له تأثير على القضايا المعاصرة ويمكنه إحداث تغيير في الحياة المادية والعملية ومعالجة التراكمات لأن مهمة الشعر هي تأسيس الوجود باللغة.
وأضافت أنه يمكن لنا إحياء الروح الشعرية بالمصداقية والاقتراب من الناس وهمومهم والتعبير عنها دون ابتذال أو إسفاف أو تعال وعلينا توثيق اللحظة بإبداع متماه مع حاضرنا ومستقبلنا دون انقطاع عن تراثنا الأدبي العريق، لذلك يمكن للشعر أن يستمر بهذا الدور و يحافظ على تميزه وألقه وتجدده وديمومة تصدره بين الفنون الأدبية ليكون ديوان العرب بحق لأنه أغنى ما تمتلكه الإنسانية.
أما الشاعر والدكتور ثابت معلم فقد أوضح أن الشعر بالتأكيد ضروري جداً لتوثيق المرحلة، مثلما كان عموداً رئيساً في توثيق المراحل السابقة عبر العصور، ومهما كان توجه المجتمع نحو العملية والمادية سيبقى هناك لحظة تستلزم تحريك الشعور للاتجاه في مسار معين وهذا بطبيعة الإنسان يحتاج إلى إدهاشه وفي ذلك أرى أن الشعر هو الخيار الأفضل.
ومن وجهة نظره أنه بإمكاننا إحياء الروح الشعرية عند الشعراء عن طريق التشجيع على قراءة التراث الشعري أولاً ثم التماشي مع مستلزمات العصر لغوياً وثقافياً في كتاباتهم.
لذلك نرى الشعر سيبقى ديوان العرب إلى الأبد وسيظل المرجع الأقوى لغوياً وتاريخياً و سيكتب الشعراء أشعار الحكمة والغزل على اللافتات وبروفايلات مواقع التواصل وتغنيها وتستحضرها في الأوقات المناسبة.
إن أهم أهداف اليوم العالمي للشعر أيضاً دعم صغار الشعراء والناشرين، وتوصيل صوتهم إلى الجميع لإخراج أجيال جديدة من الشعراء والفنانين، وهو يوم للتثقيف ومنح الشعراء في جميع أنحاء العالم فرصة للتألق الإبداعي.