احتفاء بمشوار باسم ياخور الفني.. عميد المعهد العالي للفنون المسرحية: فنان مبدع وجوكر الدراما العربية
الثورة – فاتن دعبول:
شكل الفنان النجم باسم ياخور في مسيرته الفنية علامة فارقة يشار إليها بالبنان، وهو خريج المعهد العالي للفنون المسرحية، وصاحب الأدوار التي تبقى في الذاكرة، الكوميديان والدرامي المهم، استطاع بحضوره الإبداعي وتواضعه وإنسانيته أن يكون “جوكر الدراما العربية”
بهذه الكلمات قدم د. تامر العربيد عميد المعهد العالي للفنون المسرحية الفنان النجم باسم ياخور في لقائه مع طلاب المعهد، الذي تزامن مع اختتام المعهد لفعاليات يوم المسرح العالمي، وأدار الحوار الإعلامي والناقد المسرحي سعد القاسم، وبدأ الحوار بسؤال توجه به إلى الفنان للحديث عن بداياته في المعهد، وهل كان بوصلته الأولى؟
المصادفة قادتني إلى المعهد..
رغم نجاحاته الكبيرة يعترف باسم ياخور بأن التمثيل لم يكن هدفه، بل كان يسعى إلى دراسة هندسة الزراعة ليكون لديه مزرعة يعتني بها، ولكن تحول اتجاهه ليقدم في كلية الفنون بعد خضوعه لتدريب على يد الفنان ميلاد الشايب، وينجح في امتحان القبول في العام 1989، ولكن مصادفة جمعته بأحد الأشخاص واقترح عليه دخول المعهد العالي للفنون المسرحية، فتدرب على يد المخرج حاتم علي الذي كان معيدا في المعهد، فكان النجاح حليفه ليصبح طالبا في المعهد مع 18 طالبا كانوا في دفعته، عاشوا ذكريات جميلة، يستعيدها دائما لما تمتعت بها تلك المرحلة من لحظات ومشاريع وجهود جبارة كانت تبذل من الأساتذة ويخص بالذكر غسان مسعود وفايز قزق.
وأكد أن المعهد كان يلقى الاهتمام الكبير من وزارة الثقافة، وكان الطالب يحظى بإيفاد إلى دول أخرى لاكتساب الخبرة، وقد كان له من الحظ أن سافر إلى فرنسا وإسبانيا ومصر، لكنه يأسف لأن هذا الأمر لم يعد متاحا اليوم بسبب الظروف التي تعيشها البلاد.
ويعود بالذاكرة إلى سنوات الدراسة” الثالثة والرابعة” عندما بدأت تجربته المسرحية تنضج فقدم بعض المشاريع المسرحية ومنها” مسرحية النو ومسرحية مركب بلا صياد إخراج فايز قزق” واستمرت أعماله المسرحية بعد التخرج ليقدم” تقاسيم على العنبر، الاغتصاب” من إخراج جواد الأسدي.
أما في مسرحية” المتفجر” فقد خاض تجربة الممثل والمخرج في الآن نفسه وحقق العمل نجاحا كبيرا لأنه شكل حالة بصرية رائعة، وهي بمبادرة فردية من أديب خير واستمر عرض المسرحية 30 يوما بحضور جماهيري لافت.
نحتاج بيئة حاضنة للمسرح..
وأوضح بدوره أن المسرح لابد أن ينمو بشروط وبيئة حاضنة، ولكن للأسف هذا غير متوفر، فلا نملك إلا مسرحي القباني والحمراء، وحتى نبني حركة مسرحية نحتاج مبادرات فردية إضافة إلى التمويل وإيمانا بالمشاريع المسرحية، ففي تجربة” الرجل المتفجر” التي قام بها أديب خير، وكان عملا ضخما استمر التحضير 7 شهور، وقدم في واحد من أجنحة معرض دمشق الدولي، وكان مشروعا رابحا، وعدم استمرار التجربة كان بسبب عدم وجود مكان أو مسرح مناسب.
وأكد ياخور أن المكان هو الحاضنة الأساسية للعمل المسرحي، وبتوفر المكان يمكن إنتاج تجارب غنية وممتعة دون تكاليف تذكر، وهذا السبب الذي يمنعه من تنفيذ مشروع مسرحي عمره أربع سنوات، لعدم وجود البنية التحتية بما يلائم العمل المسرحي، وهذا ما دفعه مع الكثير من الخريجين إلى العمل التلفزيوني لافتقادهم للحركة المسرحية الحقيقية ولتحقيق الدخل الذي يحقق لهم العيش الكريم.
الرافد الأساسي..
ويوضح بدوره أن المعهد يشكل الرافد الأساسي للدراما السورية من خلال خريجيه، وكان له الفضل فيما وصلت إليه هذه الصناعة، ولا يمكن تجاهل دور المخرجين في حضورهم لمشاريع تخرج طلاب المعهد واكتشاف المواهب، واليوم الأعمال الدرامية تتسع، وهناك فرص متاحة للعمل، بينما لم تكن الأمور كذلك في السابق، حيث الأعمال الدرامية محدودة، وسعيد من يحظى بفرصة فيها.
وإن فرصته في الدراما جاءت في البداية بشكل متواضع، في ثلاثية” النو” ودور آخر في” عيلة خمس نجوم” كما شارك في” النصابون”، وتركزت في معظمها في أدوار الكوميديا، إلى أن جاء المخرج حاتم علي وأسند لي دور نور الدين الزنكي في مسلسل صلاح الدين، كما شاركت في مسلسل” الثريا” من إخراج هيثم حقي، وبعد هذه الأعمال استطاع الخروج من إطار الكوميدي، ما أ عطاه دافعا للعمل بشكل أكبر، فالممثل يجب أن يقدم الأعمال بأشكالها كافة، والمخرج الحقيقي هو من يراهن على رهانات خارج الصندوق.
أما عن أعماله السينمائية فكانت محدودة ومتواضعة، قدم فيلما في مصر وفيلما آخر مع المخرج هيثم حقي، وتجارب أخرى متواضعة لعدم توفر حركة سينمائية كبيرة تستحق الجهد والعناء.
وأكد أن المعهد لم يكن مجرد أكاديمية أو مكانا للدراسة، بل هو الحياة بكل ما تعني هذه الكلمة من معنى، والذكريات ماتزال تسكن الذاكرة ويستعيدها في أوقات كثيرة، وخصوصا في لقائه مع الطلبة والحديث إليهم ومحاولة مقاربة هذه المرحلة بما سبق، متمنيا أن يكون جزءا من مشروع مسرحي أكاديمي في المعهد، وهو مستعد للمشاركة إلى جانب الطلاب في مشاريع التخرج.
أتحفظ على الورشات..
وحول سؤاله عن ورشات إعداد الممثل، أجاب: أتحفظ على هذه الورشات، ورفضت المشاركة فيها، لأنه لا يجوز أن تكون بديلا عن دراسة المعهد، ولا يمكن اختزال أربع سنوات بشهرين أو ثلاثة، فهل يمكن لورشة أن تصنع ممثلا في زمن قياسي، وهل من المنطقي الحصول على رتبة ممثل خلال ورشة مدتها 3 شهور وغير مدروسة أكاديميا؟، في الوقت الذي نجد فيه الكثير من المواهب في المعهد العالي للفنون المسرحية ولم يسلط الضوء عليها، مع العلم يوجد أناس يتمتعون بموهبة، فنحن لا نصادر حلمهم، ولكن ما يعنينا الدراسة أولا.
سحر خاص..
وتحدث عن نجاح عمل” ضيعة ضايعة” رغم أنه وفريق العمل لم يتوقعوا هذا النجاح، ويعيد أسباب النجاح إلى الشللية الإيجابية في الوسط الفني، فقد اجتمع النص والبيئة والمكان واللهجة، إلى جانب فريق العمل الذي ضم” نضال سيجري، الليث حجو، باسم ياخور، فادي صبيح، ود. ممدوح حمادة” وقد نجح العمل كنتاج عمل جماعي تجريبي له علاقة بشيء أكاديمي، ما خلق حالة فريدة وجميلة، عملنا بحب وشغف، فكان أن انتشر العمل بشكل لافت تجاوز حدود الوطن العربي إلى الفضاء الأرحب.
جواز سفر..
بين الفنان رفيق علي أحمد أن باسم ياخور فنان كوميدي وتراجيدي في الآن نفسه، وهو من القلة التي جمعت براعة التمثيل وكاريزما الحضور، هو ممثل ممسوس بشغف التمثيل، ساحر في الكوميديا ومتميز في سائر الأدوار، وحضوره في أي عمل فني جواز مرور لهذا العمل إلى قلوب المشاهدين، ولم يقع ياخور في فخ النجومية البرانية، بل ظل ذاك الممثل الحريص على الأداء الجواني العميق الذي يميز الفنان الحقيقي ويمنحه العمر الإبداعي الطويل.
ورأى فيه فايز قزق الفنان اللطيف صاحب الخيال البارع الذي يتمتع بابتسامة، شكل مع زملائه حالة متميزة، فالصور لا يمكن لها أن تمحى من الذاكرة والمشاعر لا يمكن أن تغادر القلب والروح.
وفي شهادتها بينت الفنانة كارمن لبّس أن باسم ياخور من القلائل الذين يجمعون بين الكوميدي والتراجيدي، ويستطيع أن يضحك الناس ويبكيهم، فهو جمع بين الإثنين ، هو إنسان راق يحبه الجميع، وتمنت أن يجمعهما أحد الأعمال.
فنان استثنائي..
وتمنى المخرج الليث حجو أن يمتلك تلك الطاقة التي يمتلكها باسم ياخور، فهو لا يتوقف عن التفكير والطموح والتخطيط لتحقيق الأفضل، وكأنه طالب تخرج البارحة، وباسم طفل كبير، يمتلك طاقة الأطفال وحماسهم وشغفهم في التجريب والمغامرة وسعيه ليكون الأفضل.
وبين غسان مسعود أن ياخور يتمتع بخصوصية واستثنائية لا تشبه إلا نفسها، وهو موهبة مسؤولة مدعومة بالمعارف والمهارات الاكاديمية، ما جعله يصل بمرحلة مبكرة، وهو مستعد لتطوير مهاراته وأدواته ومخزونه المعرفي، إضافة على رصيده الأساس في التعليم، تجربة غنية على مستوى الوطن العربي وقيمة فنية وثقافية نفخر بها.