الثورة – ناصر منذر:
تتعمد الولايات المتحدة تسخين حالة التوتر مع الصين، بعدما وضعتها إلى جانب روسيا في قائمة “الأعداء اللدودين”، إذ تمثل مسألة كبح قوة الدور الصيني المتصاعد واحتوائه، الهدف الأبرز في مفهوم الاستراتيجية الأميركية كأحد السبل للحفاظ على هيمنة القطبية الأحادية التي تتزعمها واشنطن، والتي بدأت بالأفول تدريجياً في ظل المتغيرات الدولية المتسارعة نحو ولادة نظام عالمي متعدد الأقطاب، تقوده الصين وروسيا.
وتشكل تايوان اليوم الورقة الأهم بيد واشنطن، حيث تستخدمها بقوة للضغط على بكين، من خلال عمليات التحريض والدعم المتواصل للقوى الانفصالية في الجزيرة، والساعية إلى ما يسمى باستقلال تايوان، إلى جانب تسليح هذه المقاطعة بالمزيد من الأسلحة المتطورة، الأمر الذي أدى إلى تفاقم التوترات بين الصين والولايات المتحدة ووصولها إلى درجة الغليان، إذ تعتبر بكين الإجراءات الأميركية الاستفزازية انتهاكاً خطيراً لمبدأ الصين الواحدة والبيانات الثلاثة المشتركة بين بكين وواشنطن، وانتهاكاً سافراً أيضاً للقانون الدولي والأعراف الأساسية التي تحكم العلاقات الدولية”، وهي لا تنفك عن التحذير بأن أي محاولة لفصل تايوان لن تترك للجيش الصيني سوى خيار القتال بأي ثمن.
رغم التحذيرات الصينية من مغبة مواصلة الولايات المتحدة اللعب بورقة تايوان، إلا أن واشنطن تستمر في تأجيج الأوضاع، لمحاولة احتواء الصين، واليوم قال متحدث باسم الخارجية الأمريكية، إن الولايات المتحدة تمتلك ما يكفي من الوسائل والإمكانيات “لضمان السلام والاستقرار” في مضيق تايوان.
وأضاف المتحدث، معلقاً على تدريبات عسكرية صينية في المنطقة: “قنوات اتصالنا مع الصين لا تزال مفتوحة، ونحن كنا دائماً ندعو إلى ضبط النفس، فضلاً عن عدم السماح بتغيير الوضع الراهن السائد في المنطقة. نحن على ثقة بأن لدينا موارد وقدرات كافية في المنطقة لضمان السلام والاستقرار، وكذلك الوفاء بالتزاماتنا المتعلقة بالأمن القومي”.
الولايات المتحدة تدعي في هذا الصدد بأن إجراءاتها الاستفزازية هي “لضمان السلام والاستقرار” في مضيق تايوان، ولكنها تتجاهل في الوقت ذاته، بأنها هي وحدها من تهدد أمن واستقرار تلك المنطقة، لاسيما وأن الولايات المتحدة، وإلى جانب بريطانيا وأستراليا تصر على المضي قدماً في اتفاق “اوكوس” الخاص بالغواصات النووية، والهادف بالأساس إلى إنشاء نسخة طبق الأصل من حلف الناتو في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وهو ما يتعارض مع السلام والاستقرار في تلك المنطقة، وقد اعتبرت بكين اليوم “أن مواصلة التعاون بين الدول الثلاث في إطار “اوكوس” سيؤدى إلى تجدد ظهور عقلية الحرب الباردة، وإطلاق جولة جديدة من سباق التسلح وزيادة إثارة المواجهة الأمنية والعسكرية الإقليمية، ما يعرض السلام والاستقرار والازدهار الإقليمي في المنطقة للخطر بشكل كبير”.
وإزاء التهديدات الأميركية المتواصلة، تتخذ الصين إجراءات حازمة وقوية، تتمثل في التدريبات العسكرية التي يجريها الجيش الصيني اليوم في مضيق تايوان وتستمر حتى العاشر من الشهر الجاري، وهي وفق ما أكده المتحدث باسم الجيش الصيني شي يي إن، أنها بمثابة تحذير صارم ضد التواطؤ بين القوى الانفصالية الساعية لاستقلال تايوان والقوى الخارجية، وضد أنشطتها الاستفزازية”، مشدداً في الوقت نفسه على أن العمليات ضرورية لحماية السيادة الوطنية للصين وسلامة أراضيها.
والجديد في هذه التدريبات العسكرية وفق ما ذكرته وسائل إعلام رسمية صينية اليوم الأحد بأنها شملت “محاكاة لضربات دقيقة مشتركة ضد أهداف رئيسية في جزيرة تايوان والمياه المحيطة” بها.
وقالت قناة التلفزيون العامة الصينية “سي سي تي في” إن القوات الجوية نشرت عشرات الطائرات “لتحلق في المجال الجوي المستهدف” بينما نفذت القوات البرية تدريبات على “ضربات دقيقة متعددة الأهداف”.
من جهتها، أعلنت وزارة الدفاع التايوانية اليوم الأحد أنها رصدت تسع سفن حربية و58 طائرة صينية حول الجزيرة في اليوم الثاني من مناورات تنظمها بكين في المنطقة.
وكانت الصين أجرت في اليوم الأول من مناورات في مضيق تايوان أمس السبت تدريبات على “تطويق كامل” للجزيرة وفق ما ذكر التلفزيون الحكومي.