الثورة – حلب – جهاد اصطيف وحسن العجيلي:
لم يعد “ظافر” يبحث عن موديلات الألبسة أو الأحذية المناسبة لأولاده إثر ارتفاع أسعارها وانخفاض قدرته الشرائية، بل يهتم الرجل “الخمسيني” بسعر القطعة وليس بشكلها أو جودتها، كما قال ويضيف في حديثه “للثورة” أن معظم الموديلات الموجودة في السوق أسعارها مرتفعة وتبدأ من 75 ألف ليرة للبنطال الشبابي أو البناتي و 50 ألف ليرة للبلوزة، لكنه مضطر للشراء ولو قطعة واحدة لكل ولد كي يشعر بفرحة العيد.
ورغم أن أسواق حلب تشهد حركة تسوق نوعاً ما وسط انتشار الموديلات القديمة “حسب تعبير الكثير” بسبب كسادها العائد لضعف القدرة الشرائية وارتفاع الأسعار بما لا يتناسب مع دخلهم، إلا أن السائد على ما يبدو سيكون الاعتماد على الألبسة القديمة لدى السواد الأعظم، أو تلك التي وزعت كمساعدات بعد كارثة الزلزال.
• قطعة واحدة لكل ولد..
وفي جولة سريعة “للثورة” على العديد من أسواق حلب، تبين أن أرخص أسعار الألبسة تبدأ من 40 ألف ليرة وتبدأ بالارتفاع وصولاً إلى أكثر من 300 ألف ليرة لمختلف أصناف الألبسة بين ولادي ورجالي ونسائي، فضلاً عن ارتفاع أسعار الألبسة للأعمار الصغيرة على البسطات والتي تبدأ هي الأخرى بأسعار لا تقل عن 150 ألفاً للطقم الواحد، وعليه استدان ” عبد الله ” والذي يعمل موظفاً حكومياً وهو أب لأربعة أولاد مبلغاً لشراء كسوة العيد بالحد الأدنى لأولاده، ويقول: اشتريت لكل ولد قطعة واحدة قبل قدوم العيد ورفع المحال لأسعارها، بما مجموعه 400 ألف ليرة، وهو مبلغ يفوق راتبي لثلاثة أشهر تقريبا.
في المقابل لجأت عائلة “نهاد” إلى الأسواق الشعبية لتأمين ملابس العيد لأبنائها، يقول هو الآخر: بعد جولات عديدة في أسواق التلل والأشرفية، فإن أقل تكلفة لتأمين كسوة عيد لأولادي تبلغ نحو مليون ليرة.
كذلك الحال يحاول “هاشم”، وهو شاب عشريني، البحث في محال الألبسة عن بنطال جينز وحذاء يناسب قدرته المالية، ويقول أرخص بنطال جينز سعره ٧٥ ألف ليرة وكذلك الأمر بالنسبة للحذاء، ما يعني أن أجرة أسبوعين لا تكفيني لشراء بدل كامل، أي بنطال وقميص وحذاء لأن الأمر يحتاج لراتب شهر كامل !.
ويشرح ” هاشم ” أنه اضطر للمفاضلة بين ثلاثية السعر والجودة والموضة، قائلاً: كان اهتمامي بالسعر وليس بالموضة مع اختياري لبنطال ذي جودة متوسطة وسعر ليس رخيصاً، إذ أنني اكتفيت بشراء بنطال، كان العام الماضي سعره أقل من النصف الحالي وذات نوعية أجود.
• أسباب ومسببات..
أحد باعة الملابس في سوق سيف الدولة يقول إن الأسعار ارتفعت أضعاف مضاعفة مقارنة بالسنوات السابقة، والسبب يعود لارتفاع كلفة التشغيل والأجور والإنتاج في المعامل، إذا كانت البضاعة محلية، أما إذا كانت مستوردة فهي بالطبع تأثرت بارتفاع سعر الصرف والشحن، ويردف: متوسط الثياب الولادية في محله تبلغ ٢٠٠ ألف ليرة ويبرر السعر المرتفع بالنوعية الجيدة، ويقول هناك نوعيات أقل ثمناً وموجودة في الأسواق الشعبية.
صاحب محل آخر في سوق الفرقان، ذكر أن الحركة جيدة والرواد يأتون للسؤال رغم علمهم أن الثمن خارج ميزانيتهم، نراهم في السوق ينظرون للملابس والواجهات ويتهامسون، وبعدها يتوجه الكثير منهم إلى الأسواق الشعبية والبسطات على الطرقات، فأسعارها تبقى ضمن ميزانيتهم على ما يبدو.
ويلفت خلال حديثه إلى أن سوق الألبسة المستعملة شهدت هي الأخرى ارتفاعاً كبيراً وكساداً، كونها مستوردة وأصبحت خارج إمكانيات الطبقة الفقيرة.
• تبديل الملابس..
أما “أم سامي” فكان لتصرفها رأي آخر، بمعنى أنها اتفقت مع أختها كما تقول على تبديل ملابس الأطفال فيما بينهم، فالأبناء متقاربون في العمر وهكذا يحصل كل طفل على ملابس مختلفة عن تلك التي يرتديها طوال العام.
وتضيف: لا أجواء للعيد ولكن الأطفال لا يدركون صعوبة الوضع، وهم يريدون كسوة ينتظرونها بفارغ الصبر، ونحن نقترض من بعضنا لتأمين ملابس بجودة متدنية، ولكن المهم أن نؤمن لهم ثياباً جديدة ندخل السرور إلى قلوبهم مع قدوم عيد الفطر السعيد.
– التجارة الداخلية تقارن السعر بالتكلفة..
وعن دور مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك يوضح مديرها بحلب أحمد سنكري طرابيشي بأن المديرية تقوم بدراسة الكلف الحقيقية للألبسة عن طريق لجان تقوم بأخذ عينات من الأسواق ومقارنة السعر مع الكلفة وذلك من خلال دراسة سعرية، مؤكداً استمرار المديرية بهذا الإجراء وتكثيفه خلال فترة الأعياد.
تصوير – خالد صابوني