الثّورة – ترجمة رشا غانم:
كشف عبور رئيسة تايوان تساي إنغ وين عبر الولايات المتحدة في طريقها إلى غواتيمالا وبليز في أمريكا الوسطى مؤخراً واجتماعاتها مع كبار المسؤولين الأمريكيين على الأراضي الأمريكية عن سياسة واشنطن الكيل بمكيالين، وكم ينجم عنها الضّرر بالعلاقات الصينية الأمريكية و الاستقرار عبر المضيق.
من ناحية أخرى، فإن سياسة الولايات المتحدة المخادعة المتمثلة في الادعاء، من ناحية، بأنها تعترف بـ “سياسة الصين الواحدة”، ومن ناحية أخرى، ترتيب “عبور” تساي المؤيد للانفصاليين، وتصعيد تساي الرهان ضد بكين هي السبب الأساس للاضطرابات الحالية عبر مضيق تايوان والتوترات الشديدة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.
ونظراً للتهديد الذي تشكله إدارتا الولايات المتحدة وتساي على سيادة البلاد وسلامة أراضيها، كان على بكين أن تظهر من خلال التدريبات العسكرية أنها لن تسمح بأي تدخل في شؤونها الداخلية، وأنها مصممة على تحقيق إعادة توحيد تايوان مع الوطن الأم، وباتهام بكين بزيادة التوترات عبر المضيق، تظهر ازدواجية المعايير المزدوجة للولايات المتحدة بشكل فاضح.
أولاً، يعد عبور تساي عبر الولايات المتحدة جزءاً من جهودها للسعي إلى استقلال تايوان بمساعدة الولايات المتحدة، حيث زعمت تساي أنها تزور “حليفين” في أمريكا الوسطى، لكن أنشطتها في الولايات المتحدة تجاوزت بكثير تلك الموجودة في البلدين، مشيرة إلى أن ما يسمى بزياراتها إلى غواتيمالا وبليز كانت بمثابة تستر لغرضها الحقيقي المتمثل في طلب المساعدة الأمريكية لتعزيز استقلال تايوان، وبدلاً من الإقامة في المطار أو في فندق مثل راكب عادي أثناء العبور، عقدت تساي العديد من الاجتماعات مع مسؤولي الحكومة الأمريكية وأعضاء الكونغرس، وأنشأت رابطة مع بعض السياسيين المناهضين لبكين.
كما أنّه من خلال دعم واشنطن لتساي والاستمرار في بيع كميات هائلة من الأسلحة إلى تايوان، والتعاون الوثيق مع السياسيين المناهضين لبكين، قد شجعها لزيادة استفزاز بكين، وكما قال السياسيون المناهضون لبكين: إن الولايات المتحدة وتايوان متحدتان بالقيم المشتركة، مؤكدين أن الولايات المتحدة الأمريكية ستدعم دائماً الحزب الديمقراطي التقدمي الحاكم الانفصالي في الجزيرة.
هذا وزعم هؤلاء السياسيون أن الاجتماع بين تساي ورئيس مجلس النواب الأمريكي كيفين مكارثي لم يكن سوى اجتماع عادي، وبالمناسبة، التقت تساي أيضاً بالنائب الديمقراطي في مجلس النواب حكيم جيفريز، وما هذه إلا أعمال استفزازية واضحة وخطيرة للغاية، وتنتهك مبدأ الصين الواحدة، الذي سيضر بشدة بالسلام عبر المضيق.
ثانياً، وصفت تساي رحلتها بأنها رحلة شراكة ديمقراطية، مرددة لهجة ما يسمى بالقمة العالمية الثانية للديمقراطية التي نظمها الرئيس الأمريكي جو بايدن والتي تزامنت مع زيارتها، وفي الواقع، كانت تصريحات تساي في نيويورك مماثلة لتلك التي أدلى بها بايدن في القمة، حيث ادعى أنه يوحد الدول ذات التفكير المماثل لمواجهة بكين.
ومن جهته، كرر مكارثي، في لقائه مع تساي، ما يُسمى بالنضال الأيديولوجي للولايات المتحدة وتايوان، مؤكداً أن الولايات المتحدة ستضمن تمتع تايوان بنفس قيم السلام والحرية والديمقراطية التي تتمتع بها الولايات المتحدة، والأسوأ من ذلك، منح معهد هدسون تساي ما يسمى بجائزة القيادة العالمية، وذلك لضمان بقاء إدارتها بيدقاً يمكن للولايات المتحدة استخدامه ضد بكين، كما أنّها تستخدم المنظمات في الجزيرة مثل مجلس الليبراليين والديمقراطيين الآسيويين كستار نشر الديمقراطية وتعزيز التنمية التعاونية للانخراط في أنشطة مناهضة لبكين في محاولة لزيادة تفريغ مبدأ الصين الواحدة المعترف به عالمياً.
ومع ذلك، فإن بكين تعرف جيداً حيلة الحزب الديمقراطي التقدمي ومثل هذه المنظمات لجذب الدعم الخارجي لتشويه سمعة البر الرئيسي الصيني، وستتخذ جميع التدابير المضادة اللازمة ضد المنظمات الانفصالية والأفراد في تايوان.
ثالثاً، لقد كان الهدف من عبور تساي عبر الولايات المتحدة تعزيز العلاقات مع واشنطن وإثارة التوترات، بل وإثارة الصراع عبر المضيق، وبينما كانت تساي تمرّ عبر الولايات المتحدة، قاد مايكل ماكول- رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب- ثمانية من أعضاء الكونغرس من الحزبين في زيارة لتايوان بهدف زيادة التوترات عبر المضيق.
ومرة أخرى، أثبتت الحقائق أن التوترات المتصاعدة عبر المضيق يمكن إلقاء اللوم عليها بشكل مباشر على إدارة بايدن والسياسيين الأمريكيين المناهضين لبكين لأنه حتى في هذه الأوقات شديدة الحساسية، فإن بعضهم يستخدم تايوان لاحتواء البر الرئيسي.
واستجابة لهذه الجهود الرامية إلى تعطيل السلام والاستقرار عبر المضيق، سيتخذ البر الرئيسي بلا شك تدابير مضادة قوية، كما أن محاولات القوات الأجنبية للتدخل في الشؤون الداخلية للصين محكوم عليها بالفشل، وسيتعين على تساي وحزب الشعب الديمقراطي دفع ثمن التواطؤ مع الولايات المتحدة لتقسيم البلاد، وبغض النظر عن مدى محاولتهم اليائسة، لا يمكنهم تغيير اتجاه إعادة التوحيد الوطني للصين.
المصدر – تشاينا ديلي