العولمة بوصفها مشروع هوية “القطبية الثقافية”

يقوم جوهر العولمة كمفهوم ومشروع إمبريالي وليبرالي على سعي متدرج لفرض هوية عابرة للحدود تفرضها سلطة التقانة وقوتها استثماراً في فائض القوة المعرفية التي امتلكها الغرب وعمل جاهداً ولا زال لاحتكارها بوصفها إحدى أهم وسائل الهيمنة على دول العالم، فالعولمة ليست كما يدعي مطلقوها أنها سعي لجعل شعوب العالم تعيش حالة من التفاعل الحضاري القائم على فتح الأسواق وإزالة الحدود بين الدول وتشبيك العلاقات الدولية، وإنما فرض نمط غربي ليبرالي أميركي الملامح والهوية على شعوب العالم، أي أمركته.
والأمركة هنا لا تعني أن تصبح دول العالم وشعوبه شبيهة بالنموذج الأميركي وإنا كما تريده أميركا أي “تشييئه” ونمذجته بما يستجيب للمصالح الأميركية وبمعنى أدق يريد تدمير الهويات الوطنية والقومية عبر تقانة العولمة وقوتها الهائلة في تصدير ثقافتها عبر الإعلام وتوطينها أو فرضها في أرجاء المعمورة عبر الإغراء وجاذبية النموذج الأميركي سواء في السينما والفن والموسيقا والطعام والمشرب والأزياء وكل ما يتعلق بمكونات الثقافة إضافة إلى تسليع العلاقات الإنسانية والتعامل مع الإنسان وكأنه كائن بيولوجي وليس معرفياً ما يؤدي بالنتيجة إلى تدمير منظومته الثقافية والهوياتية وانتمائه الوطني والقومي وتحوله إلى مجرد رقم في حساباتهم لا مواطناً منتمياً إلى وطن وأمة وأسرة وجماعة ثقافية أو سياسية.
لقد مهد للعولمة تلك كتاب كبار عبر أطروحاتهم وفي مقدمتهم فرنسيس فوكوياما الأميركي من أصل ياباني صاحب الأطروحة المعروفة نهاية التاريخ ثم أعقبه المفكر الأميركي صموئيل هاتنغتون في صراع الحضارات مبشرين بنهاية تاريخ شعوب العالم القديم ودخول البشرية العصر الأميركي ليتجاوزا عقدة أن أميركا تجمع بشري لمهاجرين وليست أمة عريقة كباقي شعوب العالم ولكن الأخطر مما مهد ونظر له كل من فوكوياما وهاتنغتون كانت كتابات برنارد لويس المعادي الشرس للإسلام وبرنارد ليفي عراب الربيع العربي ومؤلف كتاب الملوك الخمسة والذي يدعو فيه إلى التدمير والقضاء على الثقافة العربية الإسلامية والصينية والروسية والهندية والفارسية وبقاء ما أطلق عليه ليفي ملك العولمة الغربي وإعمالاً لتلك النظرية العنصرية العدوانية التي كانت إحدى أهم أدواتها الحروب المباشرة أو بالوكالة وكذلك الحروب الأهلية والصراعات الداخلية كما شهدتها منطقتنا العربية خلال العشرية الماضية وما تشهده حالياً أوكرانيا كسياق في تلك الاستراتيجية والتحرش في جمهورية الصين الشعبية عبر التسخين في تايوان وغيرها من مناطق في خريطة العالم .
ولا شك أن مواجهة ذلك المشروع الخطير والقائم يحتاج أولاً إلى وعيه وإدراك مخاطره ومحاربته عبر أدواته من خلال جسر الهوة المعرفية والتقانية مع الغرب وتوطينها أي توطين العقل المنتج لا المنتَج ذاته مع الحفاظ على الهوية الوطنية والقومية وتعزيزها كما تفعل وفعلت كل من الصين والهند واليابان وإيران وبعض دول جنوب آسيا فأميركا التي تعاني من عقدة الهوية والتاريخ تريد تدمير الهويات القومية والثقافة القومية لتحل محلها الهوية العولمية وما يمكن أن نطلق عليه القطبية الثقافية أي تصدير المفهوم والنموذج الأميركي في الحياة واكتساح ما عداه ونقطة البداية هنا هي السعي الحثيث لتدمير مفاهيم الأسرة ومنظومات الأخلاق والدين ونشر ثقافة الخلاص الفردي والرذيلة والاستهتار بمنظومات القيم وتسويق الإباحية والمثلية تحت عنوان الحريات الشخصية وغيرها من عناوين كاذبة ومضللة ومخادعة.

آخر الأخبار
وزارة الثقافة تطلق احتفالية " الثقافة رسالة حياة" "لأجل دمشق نتحاور".. المشاركون: الاستمرار بمصور "ايكو شار" يفقد دمشق حيويتها واستدامتها 10 أيام لتأهيل قوس باب شرقي في دمشق القديمة قبل الأعياد غياب البيانات يهدد مستقبل المشاريع الصغيرة في سورية للمرة الأولى.. الدين الحكومي الأمريكي يصل إلى مستوى قياسي جديد إعلام العدو: نتنياهو مسؤول عن إحباط اتفاقات تبادل الأسرى إطار جامع تكفله الإستراتيجية الوطنية لدعم وتنمية المشاريع "متناهية الصِغَر والصغيرة" طلبتنا العائدون من لبنان يناشدون التربية لحل مشكلتهم مع موقع الوزارة الإلكتروني عناوين الصحف العالمية 24/11/2024 رئاسة مجلس الوزراء توافق على عدد من توصيات اللجنة الاقتصادية لمشاريع بعدد من ‏القطاعات الوزير صباغ يلتقي بيدرسون مؤسسات التمويل الأصغر في دائرة الضوء ومقترح لإحداث صندوق وطني لتمويلها في مناقشة قانون حماية المستهلك.. "تجارة حلب": عقوبة السجن غير مقبولة في المخالفات الخفيفة في خامس جلسات "لأجل دمشق نتحاور".. محافظ دمشق: لولا قصور مخطط "ايكوشار" لما ظهرت ١٩ منطقة مخالفات الرئيس الأسد يتقبل أوراق اعتماد سفير جنوب إفريقيا لدى سورية السفير الضحاك: عجز مجلس الأمن يشجع “إسرائيل” على مواصلة اعتداءاتها الوحشية على دول المنطقة وشعوبها نيبينزيا: إحباط واشنطن وقف الحرب في غزة يجعلها مسؤولة عن مقتل الأبرياء 66 شهيداً وأكثر من مئة مصاب بمجزرة جديدة للاحتلال في جباليا استشهاد شاب برصاص الاحتلال في نابلس معبر جديدة يابوس لا يزال متوقفاً.. و وزارة الاقتصاد تفوض الجمارك بتعديل جمرك التخليص