المخططات التنظيمية بريف حمص لا تراعي التوسع الديمغرافي.. ورؤساء الوحدات الإدارية بحاجة للتدريب والتأهيل
حمص – سهيلة إسماعيل:
نستطيع أن نجزم أن مخالفات البناء “في حال حدوثها” في قرى ريف حمص، ولاسيما ذات الطبيعة الجبلية، تتعلق بمساحة المخطط التنظيمي وعدم ملاءمتها للواقع.. فهي من ناحية لا تراعي التوسع الديمغرافي الدائم،
ومن ناحية ثانية تصديق التعديل عليها وإقراره من قبل الجهات المعنية يمشي ببطء مشية السلحفاة، ويعترض طريقه الروتين والبيروقراطية والتقاعس، وإلا ما معنى أن يستغرق تصديق التعديل على مخطط تنظيمي لإحدى القرى في ريف حمص الغربي أكثر من عام ..؟! بالإضافة إلى طول الفترة الزمنية التي تفصل بين اجتماعات اللجنة الإقليمية المخولة بجميع القرارات الخاصة بالمخططات التنظيمية، فهي تجتمع مرة كل ثلاث سنوات، ما يجعل المواطنين يضطرون إلى تشييد أبنيتهم بطريقة غير شرعية، زد على حصول مشكلات بين المواطنين ووحداتهم الإدارية بسبب هذا الموضوع.
التعديل ضروري
من خلال تواصلنا مع عدد من رؤساء الوحدات الإدارية، والاستفسار تبين أن إجراء تعديلات على المخططات التنظيمية أمر ضروري ومهم جداً، يفرضه التوسع العمراني لتلبية حاجة المواطنين الراغبين بتشييد منازل لأبنائهم أو إقامة أي مشروع صغير في حيازاتهم الواقعة خارج حدود المخطط التنظيمي في الوحدة الإدارية التابعين لها، لكن عدم التوسع في المخطط يقف عائقاً في وجههم لتبدأ رحلة معاناتهم.
وذكر رئيس بلدية مرمريتا في وادي النضارة جمال يعقوب أنه ومنذ نهاية الشهر الحادي عشر في العام الماضي تمت الموافقة على إجراء تعديل على المخطط التنظيمي ولكن حتى الآن لم يُصدق، ويستقبل مجلس البلدية المواطنين الراغبين بمعرفة مصير المخطط الجديد بشكل يومي تقريباً، لكن المجلس لا يملك إجابة لهم، لأن الأمر ليس بيده وإنما لدى اللجنة الإقليمية ومديرية الخدمات الفنية، ولا نعتقد أن هناك ما يعيق صدور المخطط الجديد لمرمريتا سوى الروتين والبيروقراطية…!!
بينما رأى رئيس بلدية رباح المهندس حنا غالي أنه وبسبب طبيعة البلدة الجبلية يتم إجراء بعض العروض الاستثنائية، تنظمها الخدمات الفنية وتدرس إن كان هناك مجال لتغيير الصفة التنظيمية بناء على مقترح البلدية وتُعرض على اللجنة الإقليمية لإقرارها والتصديق عليها، ولا يوجد مشكلة في مخطط القرية.
وفي قرية جب الجرّاح “وهي ذات طبيعة سهلية” بريف حمص الشرقي.
رئيس المكتب الفني في بلدية القرية عبد اللطيف الجهني أوضح أن مساحة المخطط التنظيمي تقدر بـ27ألف م2، وهناك مناطق توسع مخدمة ومنظمة ومعدة للبناء؛ أي ليس هناك أي مشكلة لدى سكان القرية بخصوص المخطط التنظيمي.
تسلسل خاص
ورداً على سؤالنا لعضو المكتب التنفيذي لقطاع البلدان والبلديات والإسكان رامح منصور عن التسلسل الخاص بالمخططات التنظيمية للوحدات الإدارية في ريف المحافظة قال: يتم الإعلان عن المخطط التنظيمي للوحدات الإدارية بعد مضي ثلاث سنوات على تاريخ التصديق عليه، ويتم الإعلان في الصحيفة الرسمية في الساحات العامة ومبنى البلدية لمدة شهر كامل، ليتسنى لمن يرغب من المواطنين تقديم اعتراض عليه، سواء كان الاعتراض خاصاً بوجود بعض الطرقات لناحية طولها أو عرضها أو إلغائها وتحويلها إلى جهة أخرى، إضافة إلى طلبات توسيع وإدخال مساحات جديدة للتنظيم.
بعد ذلك تتم دراسة جميع الطلبات من قبل المجلس المحلي للوحدة الإدارية والموافقة عليها إذا كانت تتناسب مع أسس التخطيط العمراني، ليتم رفعها إلى اللجنة الإقليمية المُشكلة وفقاً للمرسوم رقم “5” لعام 1982، حيث تنظر اللجنة في الاعتراضات وبحضور مندوبين من وزارة الأشغال العامة والإسكان، والمحافظة والخدمات الفنية والمصالح العقارية، وبإمكان المحافظ دعوة ممثلين عن اتحادات (الفلاحين، والتعاوني السكني، والحرفيين) ونقابة المهندسين ووزارات الدفاع والمواصلات والسياحة، وذلك عندما يكون لأي من هذه الجهات علاقة بالاعتراضات المقدمة، إذ يعتبر الممثل عن الجهات المذكورة عضواً في اللجنة وله الحق في التصويت وإبداء الرأي.
تعديل المخططات
وأضاف أنه من خلال دراسة جميع الاعتراضات الواردة على المخططات التنظيمية يتبين أن مجملها يتمحور حول إلغاء بعض المرافق والمشيدات العامة والطرق، وهو أمر لا تتم الموافقة عليه إلا في حالات الضرورة القصوى مع الأخذ بعين الاعتبار عدم الإخلال بأسس التنظيم العمراني ومصلحة الوحدة الإدارية، ونقل المرافق العامة والمشيدات العامة، وهذا الأمر يُبحث من قبل اللجنة الإقليمية في حال تأمين بديل مع مراعاة وجود جدوى اقتصادية من النقل بحيث يتم تخفيف عبء الاستملاك على الوحدة الإدارية وتخفيف الضرر عن المواطنين، وتعديل منهاج الوجائب العمرانية المفروضة الخاص بكل مخطط، وإزاحة بعض الطرق وتقليص عرضها أو إلغائها، وتعديل الصفات التنظيمية بما يناسب وضع الملكيات والحيازات، ولتنفيذ مشاريع حيوية وتنموية، وكذلك ضم شرائح التنظيم، وإلغاء أو تعديل بعض الحرمات (توتر كهربائي، أنهار ومسيلات مائية…) حسب الأنظمة والقوانين النافذة، وإجراء بعض التعديلات جراء قيام الوحدات الإدارية بتطبيق القانون رقم 23 لعام 2015 وهو قانون خاص بالتقسيم وتنفيذ التنظيم وذلك في ضوء المسح الفني الذي تقوم به الجهة الدارسة لمشروع التقسيم والإقرار مع مراعاة أسس التخطيط العمراني ومصلحة الوحدة الإدارية في ذلك.
صعوبات التنفيذ
ويرى عضو المكتب التنفيذي المختص أن هناك مجموعة من الصعوبات تخص المخططات التنظيمية وتتعلق بالجهات المعنية بتنفيذها ومنها: عدم تقيد الوحدات الإدارية بأحكام المرسوم التشريعي رقم “5” لعام 1982 المعدل بالقانون 41 لعام 2002 لناحية إعداد عرض أضابير الاعتراضات على المخططات التنظيمية على اللجنة الفنية الإقليمية، مع العلم أنه تم تعميم عدة كتب وبشكل دوري على الوحدات الإدارية من قبل المحافظة ومديرية الخدمات الفنية بهذا الخصوص ،مضيفاً:كما تم التوجيه على نحو مباشر خلال عقد الدورات التدريبية للسادة رؤساء الوحدات الإدارية ورؤساء المكاتب الفنية فيها، والتأخر بالقيام بالكشوف المطلوبة من قبل أعضاء اللجنة بسبب ظروف العمل الحالية (عدم توفر وسيلة نقل خلال فترة اجتماع اللجنة بسبب نقص الوقود…)، وتأخر عدد من الوحدات الإدارية في تأمين الوثائق اللازمة لدراسة الاعتراضات المقدمة على المخطط التنظيمي، والانقطاع المستمر للتيار الكهربائي يؤثر على سرعة الانتهاء من رسم التعديلات الطارئة على المخططات المعروضة على اللجنة من قبل المهندسين المعنيين، وكذلك طباعة المخططات وبالتالي التأخر بإنجاز الأضابير.
مقترحات
وللتخلص من العثرات والمعوقات التي تواجه المخططات التنظيمية ذكر أن هناك عدة مقترحات كالتأكيد على رؤساء الوحدات الإدارية ضرورة التقيد بأحكام المرسوم التشريعي رقم” 5″.. وتعليماته التنفيذية الموحدة وبالتعاميم والكتب المتعلقة بإعداد أضابير الاعتراضات على المخططات المعلنة والمراد عرضها على اللجنة الفنية الإقليمية، وضرورة إرفاق الوثائق المطلوبة لدراسة الاعتراض (بيان قيد عقاري، مخطط مساحي، والموافقات اللازمة..) قبل عرض الأضابير على اللجنة بغية اختصار الوقت وتحقيق السرعة، ولكي يتم إنجاز العمل لا بد من إقامة دورات تدريبية وورشات عمل لرؤساء الوحدات الإدارية ورؤساء المكاتب الفنية فيها تتضمن شرحاً للمرسوم رقم “5” وتعليماته التنفيذية الموحدة ومهام المجالس المحلية والمسؤوليات الملقاة على عاتقها في ضوء المرسوم المذكور، بالإضافة إلى كيفية إعداد إضبارة الاعتراضات على المخطط التنظيمي المعلن لأي تجمع سكاني المراد عرضها على اللجنة الفنية الإقليمية استدراكاً للوقت والجهد.
أخيراً..
لا بد من الإشارة إلى موضوع في غاية الأهمية وهو عدم التزام رؤساء الوحدات الإدارية المتعاقبين في قرى ريف المحافظة بتطبيق المخطط التنظيمي، ما جعل المواطنين يشيدون أبنية في أماكن مخصصة لبناء مرافق عامة أو عدم الالتزام بفتح الطرقات وغيرها من المخالفات الأخرى، ولا نعرف إن كان سبب ذلك عدم توسيع المخططات التنظيمية أو التأخر بالبت فيها، ما جعل بناء مدرسة أو مركز صحي أمراً صعباً إن لم يكن مستحيلاً في بعض القرى، وهناك أمثلة عديدة..