أبو عبد الله لـ “الثورة”: مقدمات تنذر بالتفتيت أو الفدرلة

الثورة – لقاء ريم صالح:
أكد المحلل السياسي المختص في العلاقات العربية والدولية الدكتور بسام أبو عبد الله أنه ما من شك أن السودان شهد خلال الفترة الماضية صراعات كثيرة بدءا من الإطاحة بالرئيس عمر البشير، واستلام الجيش لمقاليد الأمور ودخول قوى أخرى على الخط منها ما يسمى قوات التدخل السريع التي كانت قد أنشئت في عهد الرئيس عمر البشير وهي قوات غير نظامية أساساً وتضخم دورها مع دخول قوات إقليمية كانت تستخدمها لأهداف أخرى في حروب موازية ما جعل من السيد حميدتي شخصية تقريباً موازية، فكان رئيساً للمجلس الانتقالي الذي كان جزءاً من مفاوضات مع قوى مدنية في السودان.
وأوضح الدكتور أبو عبدالله في حديث لـ”الثورة” أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت على الخط وهناك دخول لقوى إقليمية ودولية كثيرة مع هذا الطرف أو ذاك، وواقع هذا الأمر يكشف لنا قضية أساسية أن محاولات تطعيم جسم الدولة بقوى غير مؤسساتية سيؤدي إلى كارثة وهذا ما حصل في السودان، بمعنى أن محاولة دمج ما يسمى قوات التدخل السريع التي هي قوات غير عسكرية وقوات غير نظامية ولم يدخلوا المؤسسات العسكرية وليس لديهم عقيدة بهذا المعنى، وإنما هم قوات ميليشياوية جرى الاعتماد عليها من قبل النظام السوداني السابق في مرحلة ما، ثم تحولت إلى قوات ذات مصالح ترتبط بالذهب ومناطق المناجم في دارفور، وارتبطت بقوات إقليمية فتحولت لعامل داخلي سوداني من الصعب إزالته.
وأشار د. أبو عبد الله إلى أن هذا الصدام كان من المتوقع أن يحدث لسببين: أولاً أن الجيش لايريد تسليم السلطة إلى مدنيين، وثانياً هو الصراع بين قيادة الجيش السوداني وما يسمى بقوات التدخل السريع.
وأوضح أن هذه عوامل داخلية الكل راقبها وتابعها، وكان الزمن يمر على أساس أن ينتقل السودان بما يسمونه في الغرب انتقالاً ديمقراطياً، لكن هذا الوضع بالطبع هو تراكمي عبر عقود من الزمن، بدأ بانفصال جنوب السودان بسبب سياسات قديمة كانت تتعاطى مع السودانيين بطريقة لنقل غير واقعية أدت إلى انتقال جنوب السودان.
وأكد المحلل السياسي أنه على ما يبدو فإن التوجه الحالي الآن سيؤدي إلى المزيد من تقسيم السودان خاصة مع وجود مشروع لفصل إقليم دارفور الغني بالثروات سواء الذهب، اليورانيوم، ومعادن أخرى كثيرة ومساحته أكثر من ٥٠٠ ألف كم مربع مع العلم أن المساحة الإجمالية للسودان٢,٥ مليون كم مربع.
وقال د. أبو عبد الله إن هناك قوى كثيرة لها مطامع أولاً في ثروات السودان وأراضيه الزراعية وإمكانياته الهائلة، أما بخصوص هذا التوقيت لماذا وقعت الآن، لأسباب كثيرة أولاً وصول الأمر إلى مرحلة أن طرف يريد إنهاء الطرف الآخر ولا يمكن أن تجري الأمور برأسين يعني رأس الجيش الذي يعتبر أنه هو المؤسسة الشرعية في السودان، ورأس قوى مليشياوية تشكلت لظروف واقع السودان الصعب.
وأضاف انه من المؤكد أن هناك تخطيطاً لتقسيم السودان ضمن إطار مشروع الشرق الأوسط الكبير، لكن أيضاً في نفس الوقت في التحليل لا يمكن أن ننفي العوامل الداخلية وسوء الأداء والأنظمة التي تتالت على السودان دون أن تنجز مشروعاً تنموياً أو مشروعا حقيقياً للسودانيين، ولهذا من يدفع فاتورة الأحداث هو الشعب السوداني، ولكن دول المنطقة ستدفع هي الأخرى هذه الفاتورة كما حدث في الأزمة في سورية حيث دفعت دول المنطقة فاتورة ما حدث من أمنها واستقرارها.
وشدد على أن العمل على ما يبدو يجري حالياً على البدء بإفريقيا على اعتبار أن النفوذ أو المصالح الروسية وكذلك الصينية قد توسعت كذلك، وبالتالي فإن الغرب يجد نفسه أمام ضرورة إشعال الحروب الأهلية كأداة لمنع تنامي هذا النفوذ الروسي والصيني وهذا موجود في السودان.
وتابع د. أبو عبد الله كلامه بالقول: إذا أضفنا إلى ذلك العامل الإسرائيلي والذي وللأسف فإن الطرفين لجأا إلى كيان الاحتلال الإسرائيلي معتقدين أنهما سوف ينجوان أو يحققان مصلحة شخصية على حساب المصلحة الوطنية، هذا ما حدث مع البرهان الذي التقى بنتنياهو ووقع معه اتفاق تطبيع بالرغم من أنه لا يوجد برلمان سوداني ليوقعه، لكن من الواضح أنه كان قراراً شخصياً يتعلق به، ظناً منه أن هذا سيجلب الأمن للسودان والقروض، ولكن هذا لم يحصل حيث وقع اتفاق التطبيع ولكن لم يقدم شيء للسودان، وحميدتي أيضاً الذي قيل أنه التقى بإرهابيي الموساد الإسرائيلي وبالتالي فإن إسرائيل كذراع متقدمة للعالم الغربي دخلت على الخط في السودان أيضاً.
وأشار د. أبو عبد الله أن هذه الأحداث بالطبع ناجمة كما قلنا عن واقع داخلي متردي وصراعات داخلية وقوى خارجية لها مصالح تستخدم الداخل أو القوى الداخلية لتنفيذ مصالحها وفي النهاية يدفع الشعب السوداني هذا الثمن.

وأكد أن الأحداث في السودان لها تداعيات على الأمن القومي المصري، وأن مصر قد تكون المستهدف الأساسي لما يجري في السودان لأسباب كثيرة، منها الواقع الحدودي بين السودان ومصر، وأيضا مياه النيل وسد النهضة، واحتمال انتقال الإرهاب إلى مصر، فضلاً عن وجود مصر ضمن إطار مشروع تقسيم المنطقة، أي مشروع الشرق الأوسط الكبير وكما كان المشروع على سورية أيضا كذلك، فكل هذا سينعكس على ليبيا وعلى السودان وعلى دول إفريقية كثيرة.
وأوضح أن السودان أيضاً بلد هام على البحر الأحمر وكثير من الدول تطمح لأن يكون لها موقع على البحر الأحمر سواء فيما يتعلق بالملاحة البحرية، وأيضاً تأمين موضوع التجارة الدولية والضغط على الخصوم الدوليين الآخرين فيما يتعلق بأمن الطاقة وغير ذلك.
وأضاف د. أبو عبد الله أن مجمل هذه العوامل بالطبع تجعل الوضع في السودان معقداً ويسير باتجاه الانهيار، وما نقراه من تقارير حتى أممية تشير إلى أن المنظومة الصحية انتهت، كما أن هناك هجرة هائلة لأعداد هائلة من السودانيين، وقد شهدنا الخط الواصل بين السودان ومصر والطريق البري مليء بمئات الآلاف من الناس الذين فروا من واقع هذه الحرب.
وأكد أن القتل لا يميز بين مواطن وبين سفارة وبين آخر، كما شاهدنا الكثير من الفيديوهات لذلك نحن أمام واقع صعب ومعقد وفيه الكثير من اللاعبين ما يجعل الوضع وإمكانية الحل ليست سهلة.
وأوضح أن هناك حتى الآن ٤ هدن ولكن باعتبار أن القتال يجري في العاصمة الخرطوم وفي مواقع مثل القصر الرئاسي وقيادة الجيش وفي غيرها فإنه في أي لحظة قد تخرق الهدنة لأن حسم المعركة عسكرياً من الواضح انه حتى الآن لا يستطيع أي من الطرفين إنهاء هذه المعركة والآن الاتجاه يسير نحو ما يمكن أن نسميه حرب أهلية، أو يمكن أن نسميه أيضاً قوى متصارعة كما حدث في ليبيا وفي السودان، ولكن في الحالة السورية بقيت الدولة متماسكة وبالتالي القوى غير الدولية التي استخدمت في الحالة السورية لم تستطع أن تحسم هذا الأمر بالرغم من أنها لم تكن سورية بالمطلق بل كانت هناك قوى إرهاب دولي ودول دخلت بقدها وقديدها.
وأشار إلى أننا اليوم أمام حالة قد تؤدي إلى المزيد من تقسيم السودان، وقد تؤدي إلى إضعافه وقد تؤثر كذلك على الأمن القومي للكثير من الدول، ولعل الأهم والأخطر هنا هو مصر، لذلك فإن التنبؤ بما سيؤول إليه الوضع بالسودان لا يوجد بالحقيقة نظرة تفاؤلية على الإطلاق، وأكد أننا اليوم في بداية صراع، حيث تشير التقديرات الكثيرة بما في ذلك الغربية وغيرها إلى أن الصراع سيمتد لفترة طويلة حتى يحسم أو قد ينتهي بمشروع تقسيم أو فدرلة، والسودان هو بلد كبير، ولكن الهدف هو الثروات ومنع السودان من أن يتحول إلى دولة متقدمة تنموياً وزراعياً وغير ذلك.
وختم كلامه بالقول بأن الواقع في السودان هو من دون شك محزن، ونحن كعرب ننظر إلى الواقع بغض النظر عن القوى المتصارعة بأنه محزن جداً، لأننا نرى بلد اًعربياُ آخر يتدمر ويتمزق بسبب صراعات داخلية تستثمرها قوى دولية من أجل أهداف مخطط لها مسبقاً، لكن بالطبع لايمكن أن ننفي الأسباب الداخلية على الإطلاق لكن المخطط على السودان موضوع وموجود منذ فترة طويلة.
وقال إن هناك قلقاً على واقع السودان، وأيضاً تأثيرات وانعكاسات على دول الإقليم لذلك يجب التعاطي معه بجدية مطلقة وبواقع تحليلي، ولكن في الأفق المنظور لا يوجد حتى الآن إمكانية لإيقاف ما يجري على الإطلاق، لأن الأمور على ما يبدو فإنها في بداياتها ولن تنتهي في وقت قصير على الإطلاق.

منهل ابراهيم, [5/11/2023 2:37 PM]

آخر الأخبار
التحول نحو الاقتصاد الحر.. خطوات حاسمة لدعم المصرف المركزي السوري فزعة الأشقاء.. الأردن يهبّ لمساندة سوريا في إخماد حرائق الساحل أول شحنة منتجات من المدينة الصناعية بحسياء إلى الولايات المتحدة الأميركية رئيس الجمهورية يتابع ميدانياً جهود الاستجابة لحرائق ريف اللاذقية  تشكيل مجموعة العمل المشتركة حول التقنيات المالية بين مصرف سوريا المركزي ووزارة الاتصالات 138 خريجاً من مدرسة التمريض والقبالة في حلب يؤدّون القسم تحفيز إبداع فناني حمص مبادرة وطنية لحفظ وتثمين التراث السوري الهيئة الوطنية للمفقودين تطلق المرحلة الأولى من عملها هوية دمشق القديمة.. حجر اللبون بين سوء تنفيذ.. وترميم غير مدروس بحث تطوير مطار حلب وخطوات جديدة نحو الإقلاع الاقتصادي حركة نشطة عبر معبر السلامة.. أكثر من 60 ألف مسافر في حزيران وعودة متزايدة للسوريين بين المصالح والضغوط.. هل تحافظ الصين على حيادها في الحرب الروسية-الأوكرانية؟. صحة حمص تطور خبرات أطباء الفم والأسنان المقيمين تخفيض أجور نقل الركاب على باصات النقل الحكومي بالقنيطرة أطباء "سامز" يقدمون خدماتهم في مستشفى درعا الوطني استجابة لشكاوى المواطنين.. تعرفة جديدة لنقل الركاب في درعا كيف تخلق حضورك الحقيقي وفعلك الأعمق..؟ حرائق الغابات تلتهم آلاف الهكتارات.. وفرق الإطفاء تخوض معركة شرسة للسيطرة على النيران سوريا وقطر تبحثان توسيع مجالات التعاون المشترك