الثورة – لقاء عزة شتيوي :
أكد الباحث والمحلل السياسي، وعضو الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين الدكتور خالد المطرود أن كل ما جرى و يجري اليوم في السودان اليوم هو مخطط تاريخي غربي إسرائيلي الهدف منه عدم استقرار السودان، وأن كل الأحداث التي جرت فيه تصب في مصلحة هذا الهدف الذي رسمته بريطانيا في بداية القرن العشرين، ثم سعت إليه أميركا بعد الحرب العالمية الثانية، ومازالت هذه السياسة تنفذها “إسرائيل” لأن قوة السودان هي قوة للأمة العربية، وضعف السودان هو ضعف للأمة العربية، لما يتمتع به من موقع جيواستراتيجي ومقدرات كبيرة لدرجة أنه يسمى سلة الغذاء العربية، والذي لو تم استثمار أراضيه بكميات المياه الهاطلة والمارة منه لكان قد حقق الاكتفاء للمنطقة كلها،إضافة لثرواته على صعيد الذهب والمعادن النفسية.
وأشار الدكتور المطرود في حديث لـ “الثورة” إلى أن الغرب و”إسرائيل” زرعوا التناحر والفتن والتقاتل في السودان وسعوا إلى تقسيمه كمرحله أولى، واليوم مع اشتعال الأزمة هناك مخطط لتقسيم ثاني في السودان عبر الفوضى وعدم الاستقرار، وهما وسائل واشنطن و”إسرائيل” التي ينفذانها بكل مكر ويسخران لها بعض من دول المنطقة للأسف، والتي تساهم من حيث تدري أو لاتدري في جر السودان إلى الاقتتال فيها لتحقيق أهدافهم مع بقاء العين الغربية على مصر.
والخشية اليوم أن تكون الأزمة في السودان هي بداية لزج مصر أيضاً في الصراع جنوباً لإعطاء “إسرائيل” الفرصة والساحة لتنفيذ ما تريده شمالاً.
بمعنى آخر أنه عندما وضعت أميركا وحلفاؤها خطة لاستهداف عدد من الدول العربية كانت مصر من بين هذه الدول العربية وعلى ما يبدو أنه تم تأجيل مخطط استهداف مصر بانتظار ناتج الحرب على سورية، ولطالما أن ناتج الحرب على سورية لم يأت بما تشتهي مخططات الغرب وأميركا، انتقلوا إلى مرحلة إضعاف سورية كهدف يسعون إليه من خلال العقوبات وعرقلة عودة اللاجئين السوريين ومنع إعادة الاعمار من جديد وعودة سورية إلى دورها المحوري والأساسي في المنطقة، وفي هذا الوقت يقومون بوضع مخطط محكوم ومدروس جيدا للنيل من مصر وضرب السودان بالتقسيم.
وتابع المطرود إن كل ما يجري في السودان والصراع بين البرهان وحميدتي هو عنوان لاشتباك أكبر، والخوف على مصر، والدليل أن توجه قوات مصرية كبيرة إلى الحدود مع السودان هو مؤشر لبقاء هذه القوات مدة طويلة لأن الاجتماعات التي دعا إليها الأميركي من أجل إيجاد حل للسودان هي من أجل استمرار إدارة الصراع في داخل السودان وليس حله، وإن كان هناك هدنة فستكون مؤقتة لتثبيت أمر واقع عسكرياً ثم الالتفاف عليه وصرفه بالسياسة لاحقا.
وشدد المطرود على أن الوضع في السودان يحتاج إلى وقفة جريئة وصريحة للأمة العربية بأكملها، فتفتيت وتقسيم وضعف السودان لا يصب إلا في مصلحة “إسرائيل” بالدرجة الأولى و وأميركا ومصالحها في المنطقة بالدرجة الثانية.
فإسرائيل كانت تفتش عن أمنها بالحرب على سورية وبعد فشلها باتت تبحث عن وجودها و تريد اليوم أن توسع دائرة سيطرتها على الممرات المائية وعلى المناطق عبر تقسيم السودان وإسقاطه، وبالتالي إسقاط أكبر دولة افريقية في يدها وبداية لتحكمها بالقرن الإفريقي وما حوله كما أن كيان الاحتلال يبحث عن إنشاء قواعد عسكرية له بشكل سري أو علني في المنطقة، لذلك فإن “إسرائيل” تريد أن تمكن نفسها وتحافظ على تواجدها واحتلالها أكبر فترة ممكنة من خلال التطبيع على صعيد الدول العربية، ومن خلال زرع قواعد لها ووضع أنظمة مرتبطة بها والأهم من ذلك عدم السماح لأي دولة عربية بأن تستثمر على مواردها ومكونات شعبها لتتحول إلى دولة قوية سيكون لها دور يهدد “إسرائيل” في المستقبل.
وأكد المطرود على ضرورة أن يتنبه العرب وخاصة القيادة في مصر إلى هذا الأمر وتتعامل معه بجدية خلافاً لتعاملها مع قضية سد النهضة في إثيوبيا، لأنها ستصل إلى مرحلة ستكون فيها جزءاً من الاقتتال في السودان وليست جزءاً من الحل، فالفتن كثيرة في المنطقة والمتنافسون كثر أيضاً.