الثورة – طرطوس – تحقيق فادية مجد :
تعرض مزارعو محصول البطاطا في محافظة طرطوس لخسائر فادحة جراء بيعها بأقل من نصف سعر تكلفتها ، دون أن يلقوا استجابة سريعة من قبل الجهات المعنية ، أو حلولا تعوض خسارتهم ، ولاسيما أن موسم جني البطاطا أصبح في آواخره ، الامر الذي دفع بأغلب من التقينا بهم الى التهديد بترك زراعة محصول البطاطا وهجرها الى غير رجعة ، وبالتالي ومع هذا القرار الذي اتخذوه ، فإن كارثة ستحل العام المقبل في حال نفذ مزارعو البطاطا تهديدهم والذي من آثاره السلبية فقدان مادة البطاطا المحلية من الأسواق .
شجون وهموم
مزارعوالبطاطا في منطقة سهل عكار المشهورة بتلك الزراعة وخلال لقاء (الثورة ) بهم أجمعوا ان كيلو البطاطا يكلفهم ألفي ليرة ، ويباع تحت الألف ليرة الأمر الذي يجعلهم خاسرين مادياً ، مناشدين السورية للتجارة للتدخل قبل فوات الأوان وتقديم أسعار منصفة لهم ، علها تبرد أوجاعهم وتخفف من خسارتهم .
وقال محمد أسعد : هل يعقل رغم كل تكاليف زراعتها كيلو البطاطا بسعر بيضة دجاجة ، ومع هذا الاغلبية من المواطنين يصعب عليهم شراء البطاطا من تاجر المفرق لضعف القوة الشرائية ، وحسب تعبيره ( المزارع يبيعها ببلاش والمواطن يشتريها بألفي ليرة وربما اكثر ) .
غياب مستلزماتها
المهندس المدني حسين أحمد وهو مزارع ايضا أكد أن زراعة البطاطا الربيعية مهددة في سهل عكار بالانقراض بسبب غلاء البذار ومستلزمات الزراعة من اسمدة ومبيدات والتي لا تتوفر إلا تهريبا ، وربما عديمة الفعالية ، ومع هذا فأسعارها باهظة جدا مع غياب أي نوع من الرقابة عليها وضبطها ، إضافة الى عدم توفر المازوت للسقاية ، وعدم اطلاق مياه الري من السدود ، الامر الذي أدى الى انخفاض الانتاج بشكل كبير جدا .
ورأى المهندس أحمد أن المعاناة السابقة أدت الى عزوف الكثيرين عن زراعة البطاطا ، إضافة لتدني اسعارها ، الامر الذي اوقع المزارعين بحالة إفلاس ، بل وتحت عبء ديون ثقيلة.
غياب تدخل الجهات المعنية
و تساءل المهندس احمد عن أسباب غياب تدخل الجهات المعنية كمديرية التجارة الداخلية والسورية للتجارة ووزارة الزراعة وصناديق الدعم الزراعي ، والذي كان من نتائجه السلبية تكبد مزارعي البطاطا تكاليف عالية ، مع غياب الدعم لهم سواء بالمحروقات أو الاسمدة ، وعدم اطلاق مياه الري في الوقت المناسب ، وانخفاض الاسعار المجحفة للمحصول ونسب العمولات المرتفعة في اسواق الجملة واسواق الهال ، مبينا انه لو يحصل مزارع البطاطا على ٧%كمسيون و٣% فرق وزن ، اي بمجموع ١٠% والتي يحصل عليها التاجر بسوق الهال خلال ساعة لكان ذلك اكثر إنصافاً لمزارعي البطاطا .
تفاصيل المعاناة
أما رئيس الرابطة الفلاحية في طرطوس نسيم نعمان فأشار الى أن معاناة مزارعي محصول البطاطا في منطقة سهل عكار بدأت منذ موسم زراعتها ، حيث كانت حاجتهم من بذار البطاطا لهذا العام تزيد على ألف طن ، وقد وعدتهم المؤسسة العامة لإكثار البذار بتأمين تلك الكميات ، ولكن الذي حصل أنه لم يتم تأمين سوى 300 طن من بذار البطاطا ، رغم الآمال الكبيرة التي علقها مزارعو البطاطا ، الأمر الذي اضطرهم لتحمل فرق أسعار بذار البطاطا ، حيث قاموا بشرائه من الصيدليات الزراعية ومن مصادر خاصة بسبب حاجتهم له ، ورغم هذا لم تكن البذار المشتراة عالية الجودة مع تحملهم فرق الاسعار الذي كان بالمؤسسة 4200000 ليرة ، بينما قاموا بشرائه ب 7300000 ليرة للطن الواحد ، مؤكدا أنه رغم تحمل المزارع غلاء أسعار البذار وعدم تأمينها بكميات كافية ، لم يتم تخصيص موسم زراعة البطاطا بأية أسمدة زراعية ، ولا أي نوع من مستلزمات الانتاج المدعوم سوى مازوت زراعي بكمية 3 ليترات للدونم الواحد ( مازوت للحراثة ) ، وليتكبد مزارعو البطاطا التكاليف المرتفعة جراء شراء الاسمدة والمبيدات الزراعية ودفع اجور فلاحة و عمال ونقل وحراثة وغيرها ، عدا عما لحق بهذه الزراعة من ظروف جوية مختلفة أدت إلى تضاؤل إنتاجها .
بأقل من سعر التكلفة
وأضاف نعمان : وعندما وصلنا الى مرحلة جني المحصول كانت هنا الفاجعة ، حيث انه من المعروف أن سهل عكار هو سلة غذائية لسورية ، وانتاجها سيغطي الاسواق السورية ، الأمر الذي يتوجب ضرورة البحث عن أسواق خارجية ، وتدخل مؤسسات القطاع العام وخاصة السورية للتجارة ، ليبقى مزارعو البطاطا تحت رحمة الاسواق المحلية في سوق الهال ، حيث وصل سعر الكيلو الواحد بين ٨٠٠ الى ١٠٠٠ ليرة ، وهذا اقل من سعر الكلفة بكثير .
60 الف طن الإنتاج المتوقع
رئيس اتحاد فلاحي طرطوس فؤاد علوش أفاد بأن زراعة محصول البطاطا في محافظة طرطوس تتركز بشكل أساسي وكبير في سهل عكار وميعار ، وبكميات قليلة في بعض مناطق المحافظة ، مشيرا الى انه قد تم البدء بجني المحصول آواخر شهر نيسان ، حيث بلغت التقديرات الاولية للانتاج حوالي ٦٠ ألف طن لهذا العام .
التهديد بترك زراعة البطاطا
وبين علوش أن ابرز معاناة مزارعي البطاطا في طرطوس تتمثل بارتفاع تكاليف الانتاج بسبب غلاء مستلزمات الانتاج من بذار وسماد وادوية وثمن عبوات وحراثة ونقل ، لتكون حصيلة التكاليف المرتفعة للزراعة هي ان يتراوح سعر الكيلو في الأسواق بين ٨٠٠ الى ١٢٠٠ ليرة ، الامر الذي اوقع مزارعي البطاطا في خسارة كبيرة أثقلت كاهلهم ،موضحا : في ظل غياب الدعم من قبل الجهات المعنية وعدم تأمين أسواق خارجية لن يتم تعويض الخسائر الكبيرة للمزارعين ، الامر الذي سيكون من آثاره فقدان المادة من الأسواق العام القادم وهنا ستكون الكارثة الاكبر .
وعود بالتصدير … ولكن متى ؟!!
ولفت علوش الى انهم كاتحاد فلاحين قد تواصلوا مع مكتب التسويق بدمشق ، وتم الوعد بتأمين سوق الى دولة العراق ، مؤكدا انهم لم يحصل شيء حتى تاريخه و انه تم ايضا التواصل مع السورية للتجارة حيث تم استجرار ١٤ طناً ، وبيعها بشكل مباشر في الصالات ومراكز البيع في سوق الهال بسعر من ١١٠٠ حتى ١٢٠٠ .
وناشد رئيس اتحاد فلاحي طرطوس الجهات المعنية للتدخل السريع وايجاد أسواق خارجية لانقاذ مزارعي البطاطا في المحافظة من كارثة حقيقية ، لأنها ستكون السبب في عزوفهم عن الزراعة وبالتالي عدم رفد السوق المحلية بمحصول البطاطا ، لانه مع هذه الخسائر التي لحقت بهم لن يكون هناك زراعة لها العام المقبل .
الاستجرار حسب الحاجة .. و القدرة ..
بدوره رئيس فرع السورية للتجارة بطرطوس محمود صقر أفاد أنه يتم استجرار البطاطا من المزارعين بشكل مباشر وذلك حسب حاجة الفروع والقدرة على التصريف ، حيث يتم تأمين عبوات بلاستيكية حسب الطلب ولتقوم آليات المؤسسة بالنقل من أرض الفلاح مباشرة الى الفروع في المحافظات ، مشيرا الى الكميات المستجرة بلغت نحو ١٥ طناً ، لافتا الى أن الأسعار المقدمة هي بحدود 1100 إلى ١٣٠٠ ليرة بدون أي عمولات أو خصم ، موضحا انه تم شراء حتى الحبات الصغيرة و الناعمة من محصول البطاطا ،منوها بأنهم مستمرون حسب قدرتهم و قدرة الفروع على التصريف ، كون البطاطا الساحلية غير قابلة للتخزين لفترة زمنية طويلة .