الثورة – ترجمة رشا غانم:
تستضيف اليابان قمة مجموعة السبع في هيروشيما، وستدرج القرارات المتخذة في مختلف الاجتماعات الوزارية التي عقدتها منذ نيسان في إعلان قمة مجموعة السبع.
إن الزيارات التي قام بها رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا ووزير الخارجية هاياشي يوشيماسا إلى بلدان مختلفة في الأشهر الأخيرة، إلى جانب دعوة طوكيو لرؤساء دول أو حكومات كوريا والهند وفيتنام وإندونيسيا وأستراليا وجزر كوك وجزر القمر والبرازيل لزيارة اليابان، تعكس عزم البلد على تهيئة المناخ المناسب لمؤتمر قمة مجموعة السبع، لكن الحقيقة هي أن أنشطة اليابان التي سبقت القمة يمكن أن تخلق حالة من عدم الاستقرار في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.
يقال إن دول مجموعة السبع قد تناقش سبل فرض المزيد من العقوبات على روسيا، وتقديم المزيد من المساعدة لأوكرانيا وجعل أشباه الموصلات وسلاسل التوريد الأرضية النادرة أكثر كفاءة، والعديد من القضايا التي ستناقش قد تكون مرتبطة بشكل مباشر أو غير مباشر بالصين، وعلى سبيل المثال، قد تستمر دول مجموعة السبع في إثارة نظرية “التهديد الصيني” بهدف الترويج لاستراتيجية الولايات المتحدة “المحيطين الهندي والهادئ”، ومن المرجح أيضا أن يعلقوا أهمية أكبر على أنشطة الصين في بحر الصين الجنوبي والشرقي في محاولة لتسليط الضوء على مخاطر نشوب صراع عبر مضيق تايوان.
جعلت اليابان الأمن الاقتصادي في المحيطين الهندي والهادئ قضايا منفصلة لأول مرة في القمة، مما يعكس عزمها على مساعدة الولايات المتحدة على توسيع إستراتيجيتها “المحيطين الهندي والهادئ” لاحتواء صعود الصين السلمي.
إلى جانب ذلك، من المرجح أن يعقد قادة الولايات المتحدة واليابان وجمهورية كوريا اجتماعاً ثلاثياً على هامش قمة مجموعة السبع لمناقشة قضايا الأمن الاقتصادي بما في ذلك كيفية تنويع سلاسل التوريد المتطورة لأشباه الموصلات.
من الواضح أن اليابان حريصة على الاستفادة من رئاستها لمجموعة السبع لتعزيز التماسك بين الدول الأعضاء وتعزيز ما يسمى بالنظام الدولي القائم على القواعد، كما تأمل في أن تكون بمثابة جسر بين الغرب والجنوب العالمي في محاولة لتشجيع الدول النامية على الانضمام إلى الغرب في استهداف روسيا والصين.
ومن خلال القيام بذلك، تأمل اليابان في تعزيز التحالفات التي تقودها الولايات المتحدة في أوروبا وآسيا وتعزيز مكانتها في الإستراتيجية العالمية للولايات المتحدة، والواقع أن اليابان تخطط لاعتماد إستراتيجية أمنية أكثر عدوانية من خلال الحديث عن معضلة شرق آسيا وتشجيع القوى الخارجية على التدخل في القضايا الإقليمية.
منذ اندلاع الأزمة الروسية الأوكرانية في شباط 2022، حذت اليابان حذو الولايات المتحدة في مقارنة مسألة تايوان المختلفة بشكل كلي بأزمة أوكرانيا، قائلة أوكرانيا اليوم يمكن أن تكون شرق آسيا غدا، كما أجرت اليابان عمليات بحرية في مضيق تايوان وبحر جنوب وشرق الصين، قائلة إنها تعارض استخدام القوة لتغيير الوضع الراهن عبر المضيق.
وتواصل اليابان انتقاد محاولات الصين لاستكشاف واستغلال الموارد الطبيعية في بحر الصين الشرقي، ووصفت الصين بأنها منتهكة للقواعد في بحر الصين الجنوبي، وأطلقت آلية الحوار 2 + 2 لإثارة المشاكل في بحر الصين الجنوبي، والأسوأ من ذلك، أنها تعزز التعاون الأمني مع تايوان، وتساعد تايوان على تحسين موقعها في سلاسل التوريد العالمية، وتجعل من الصعب على بكين حل مسألة تايوان بالوسائل السلمية.
هذا وتشير بعض التقارير الإعلامية إلى أن قمة مجموعة السبع ستصدر بيانا يؤكد على النظام العالمي القائم على القواعد، ولكن من خلال القيام بذلك، فإن دول مجموعة السبع لن تفضح إلا نفاقها، لأن التاريخ يظهر أن كلاً من الولايات المتحدة واليابان يخالفان القواعد الدولية لسنوات على حسب إرادتهم ورغبتهم.
فعلى سبيل المثال، وقعت الصين والولايات المتحدة و 24 دولة أخرى على إعلان الأمم المتحدة في عام 1942 بقبول ميثاق الأطلسي والاتفاق على عدم التفاوض على معاهدة سلام منفصلة مع أي من دول المحور، لكن 49 دولة، بما في ذلك الولايات المتحدة، وقعت معاهدة سان فرانسيسكو في عام 1951 دون مشاركة الصين، وأثبتت مكانة اليابان في النظام العالمي، معلنةً بأن الوضع القانوني لجزيرة تايوان الصينية غير محدد مؤقتاً.
الحقيقة هي أن إعلان بوتسدام لعام 1945 أوضح أن السيادة اليابانية ستقتصر على جزر هونشو وهوكايدو وكيوشو وشيكوكو والجزر الصغيرة، كما تم تحديده في إعلان القاهرة لعام 1943، وفي وقت لاحق، في عام 1945، قبل صك استسلام اليابان إعلان بوتسدام وإعلان القاهرة، الذي ينص على وجه التحديد على ضرورة إعادة تايوان وبنغو إلى الصين.
في عام 1971، تم توقيع اتفاق بين واشنطن وطوكيو في غياب بكين، وبينما يطلب الاتفاق من الولايات المتحدة إعطاء إدارة أوكيناوا لليابان، دمجت الوثيقة جزر دياويو – وهي منطقة صينية تعد جزءًا من تايوان في أوكيناوا، وبعد حوالي أربعة عقود، في عام 2003، غزت قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة العراق دون عقوبات من مجلس الأمن الدولي. وقدم كولن باول، وزير الخارجية الأمريكي آنذاك، أدلة كاذبة إلى مجلس الأمن الدولي يزعم أن العراق خزن أسلحة دمار شامل، ومن الواضح أنه لم يتم العثور على أسلحة دمار شامل في هذا البلد، وبدلاً من ذلك، تسبب الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في مقتل مئات الآلاف من المدنيين العراقيين وترك البلاد في حالة يرثى لها، وليس من المستغرب أنه خلال الحرب، قدمت سفن قوات الدفاع الذاتي اليابانية الوقود والخدمات اللوجستية لقوات التحالف حتى عام 2009.
وبالنسبة للأغلبية الساحقة من البلدان، تتكون القواعد الدولية من المعايير الأساسية للعلاقات الدولية القائمة على مبادئ ميثاق الأمم المتحدة، والتي يجب على جميع البلدان الالتزام بها، لكن بالنسبة لدول مجموعة السبع، تعني القواعد الدولية القواعد التي تخدم المصالح الخاصة للدول الغنية، بدلاً من المصالح المشتركة للمجتمع الدولي.
وأول شيء يجب على الولايات المتحدة واليابان فعله كأعضاء في مجموعة السبع هو دفع مستأخراتهما للأمم المتحدة، حيث سحبت الولايات المتحدة قواتها بشكل غير قانوني واحتلت أجزاء من سورية وأعلنت اليابان أنها لن تلقي بالمياه الملوثة نووياً من فوكوشيما دايتشي المتضررة- محطة الطاقة النووية في البحر- ويجب على البلدين أيضا التوقف عن إثارة الانقسامات والمواجهات، أو انتهاك القواعد الدولية لتحقيق أهدافهما الضيقة.
المصدر: تشاينا ديلي