الثورة – اسماعيل جرادات:
شاركت سورية افتراضياً في اجتماع الطاولة المستديرة الوزاري حول الذكاء الاصطناعي التوليدي في التعليم، الذي نظمته اليونسكو يوم 25 أيار 2023م، بهدف مناقشة استجابات السياسات تجاه الذكاء الاصطناعي التوليدي الذي يحقق نجاحاً بشكل متزايد، وإمكانية الوصول إليه على نطاق واسع، و إيلاء الاهتمام بمنصات الذكاء الاصطناعي المبنية على نماذج لغوية كبيرة مثل برنامج(ChatS GPT)، فضلاً عن مساعدة الدول الأعضاء في وضع سياسات لضمان الاستخدام الآمن والأخلاقي والفعَّال والعادل للذكاء الاصطناعي في التعليم.
وخلال مشاركة وزير التربية رئيس اللجنة الوطنية السورية لليونسكو الدكتور دارم طباع في الاجتماع ألقى كلمة أشار فيها إلى التطور الحاصل في مجال استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم هو الأساس الذي سيبنى عليه تحويل التعليم، خاصة أنه سيحول التعليم الشامل المتجانس إلى تعلم منتج ونوعي، مرتبط بميول المتعلم، وأسلوب التعلم والذكاء والرغبة في بناء نظام مهارات المعرفة لديه حيث تكمن مشكلة الذكاء الاصطناعي التوليدي في التربية أن المحتوى الذي ينتجه ليس دقيقاً أو مناسباً دائماً، لأنه يأخذ في الاعتبار الحقيقة بشكل محدود، ويمكن أن ينتج معلومات متحيزة على عكس نظامنا التعليمي العادي، لافتاً إلى أن نظام التعليم التقليدي يعتمد على اكتساب الطلاب للمعرفة والخبرة والقدرة الفكرية، والاستفادة من الفرص التي توفرها التكنولوجيا واستخداماتها بطريقة فعَّالة وآمنة ومناسبة، لإعداد الطلاب للمساهمة في المجتمع بطريقة تتناسب مع مكان العمل في المستقبل.
وأشار إلى أن وزارة التربية وبهدف تنظيم وتصنيف المعلومات أطلقت محرك بحث تعليمي لتمكين المتعلمين من خلال الذكاء الاصطناعي التوليدي من الوصول إلى بناء المعرفة والمهارات المناسبة لتطوير قدراتهم، وتمكينهم من الوصول الآمن والموثوق إلى المعرفة والمهارات المطلوبة لتوفير القوى العاملة المؤهلة في المستقبل.
ونظراً لأن للتربية والتنشئة أهدافاً متعددة في بناء الشخصية الاجتماعية للمتعلم، قادرة على بناء نظام معرفي له يعزز هذه الشخصية، ويكون لديه المهارات الحياتية التي تجعله يمتلك القدرة على فهم ثقافات الناس وعاداتهم وتقاليدهم، والاندماج فيها، وفق أسس احترام التنوع الثقافي، والدخول السلس في سوق العمل المتغير والصعب، فإن استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم رغم أهميته وحتميته لايزال غير قادر على تحقيق أهداف التعلم المطلوبة.
واعتبر طباع أن استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي في التعليم ضرورة حتمية تتطلب تطوير خدمات شبيهة بالقدرات التربوية البشرية، تجعل المتعلم قادراً على المحاكاة العلمية المستمرة، وفق أسس تسمح له بتقديم بيانات ومعرفة مبنية على أسس علمية دقيقة، مع درجات قليلة من التحيز والخطأ، بالإضافة إلى توافر البيئة الاجتماعية والتعليمية المناسبة من الكوادر البشرية المؤهلة لتعزيز الجانب التربوي والاجتماعي للمتعلم ضمن بيئة بشرية تكنولوجية متجانسة تحقق التطور المنشود، دون إخفاء ملامح بنية اجتماعية سليمة.
وبينت اليونسكو في أثناء الاجتماع أن إطلاق برنامج (Chat GPT) في نهاية عام 2022م أثار اهتماماً عالمياً بتطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي وسرّع من تطوير وإصدار العديد من الأدوات التي يمكنها إنتاج اللغة والصور ورموز الحاسوب وغيرها من النتائج بسرعة وانسيابية ملحوظة. وتمثل هذه الأنواع من التقنيات الناشئة مخاطر مباشرة وطويلة الأمد وفرصاً وتحديات للأنظمة التعليمية، كما سلط الضوء على العديد من المخاوف الأخلاقية المتعلقة بالتعليم بشكل مباشر، بما في ذلك القضايا المتعلقة بعلم التربية وخصوصية بيانات المتعلم وحقوق المؤلف والانتحال ونزاهة الامتحانات.
وقدمت المنظمة موجزاً لاستجابات السياسات العامة، منوهة باستجابة الحكومات ووزارات التربية والمؤسسات التعليمية بسياسات وتوجهات مختلفة كلياً، بدءاً من حظر أو تقييد الوصول إلى منصات الذكاء الاصطناعي التوليدية إلى التشجيع النشط لاستخدامها في السياقات التعليمية.
وأتاح الاجتماع للمشاركين تقديم وجهات نظرهم حول الذكاء الاصطناعي التوليدي في التعليم، وتم تبادل الأفكار حول نهج الحوكمة والسياسات للذكاء الاصطناعي التوليدي والتفكير في الآثار المستقبلية له على المعرفة والتعلم والبحث، وأهمية العمل معاً لضمان استخدام الذكاء الاصطناعي في تحسين التعليم وتقوية الفاعلية البشرية، وإغناء القدرات البشرية وإسهامه في التنمية المستدامة.
