الثورة – فؤاد مسعد :
للسينما السورية جمهورها الذي يتابعها بشغف، قديمها وحديثها، والبراهين حول ذلك كثيرة، فلدى العودة إلى أيام «مهرجان دمشق السينمائي» كان مشهد الحشود المصطفة لقطع تذكرة الدخول للفيلم السوري تحديداً مشهداً مهيباً لا ينسى، وعند وصول المهتمين إلى صالة العرض السينمائية كثيراً ما افترشوا أرضها وممراتها وأدراجها لمتابعة الفيلم بشغف وحب كبيرين،
لا بل في مختلف التظاهرات التي أقيمت خلال السنوات الأخيرة كان الحضور الأكبر لهذه الأفلام التي استطاعت خلق صلة وثيقة مع جمهورها، أما في العروض الجماهيرية فالأمر كان يمر بحالة من التباين بين فيلم وآخر . والأمر يطال أيضاً الأفلام القصيرة التي غالباً ما تعرض ضمن مهرجان «سينما الشباب والافلام القصيرة» وأذكر تماماً في العديد من الحالات كيف كان يعود العديد من المهتمين أدراجهم خائبين لأنهم لم يستطيعوا الدخول لمشاهدة الأفلام بسبب امتلاء الصالة بالجمهور .
الاحتفاء بالفيلم السوري
السؤال الأهم اليوم، لماذا لا يتم استثمار هذه الحالة من الشغف من جديد وتوظيفها بإطار مختلف كأن تُقام أسابيع استعادية دورية للأفلام السينمائية السورية، ونحتفي بها من جديد بحضور عدد من نجومها، إن كانت هذه الأفلام من إنتاج المؤسسة العامة للسينما أو من إنتاج القطاع الخاص، بغض النظر أن العديد منها بات متاحاً على منصات الانترنيت واليوتيوب، ولكن عندما تقدم من جديد ضمن طقس عرض سينمائي بسعر تذكرة مناسب للجميع أو «مجاني» وضمن صيغة احتفائية بها وبنجومها أو بعدد منهم، وربما يتحدث أحدهم قبل العرض لدقائق قليلة عن ذكرياته الدافئة خلال التصوير أو عما يمكن أن يشد الجمهور ويعمق من حالة المتعة، فذلك كله يشكل حافزاً للحضور ولتكرار التجربة .
قد تُقام تظاهرات للفيلم السوري في مختلف المحافظات، ومع قدوم فصل الصيف يمكن أن يكون العرض في الهواء الطلق، إضافة إلى الصالات والمراكز الثقافية، ومن الممكن أن تتم برمجة العروض وفق سنوات الإنتاج، أي أفلام «السبعينيات والثمانينات والتسعينيات والألفين ..»، فكل منها قد يشكل تظاهرة بما في ذلك أفلام القطاع الخاص، ومعرفة توجه المخرجين واهتماماتهم خلال فترة معينة وابتعاد أو اقتراب هذه الهواجس والاهتمامات من فترة وأخرى، وربما تتم البرمجة وفق اسم المخرج، كأن تقام تظاهرة لأفلام المخرج عبد اللطيف عبد الحميد، والمخرج سمير ذكرى، والمخرج جود سعيد، وهكذا ..، وبذلك تكون المؤسسة العامة للسينما قد حققت أحد أهدافها في نشر الثقافة السينمائية .
تواصل مع الجمهور
هي هواجس تستدعي التفكير بها لأن الفيلم السوري يستحق تسليط الضوء، كما أنه من الأهمية بمكان خلق جسور تواصل وطيدة بين الجمهور وسينماه، وأقدر من يقوم بذلك المؤسسة العامة للسينما التي كانت دائماً سبّاقة لنشر الثقافية السينمائية بمختلف السبل ودعم الفعل الثقافي البناء القائم على التواصل مع الجمهور، وليس أدل على ذلك أكثر من إطلاق المؤسسة في آذار عام 2020 مبادرة «السينما في بيتك» والتي أتاحت عبرها مُشاهدة عدداً من أحدث إنتاجاتها السينمائية مجاناً عبر منصة فيميو «vimeo» في خطوة تماشت حينها مع الإجراءات الاحترازية للوقاية من فيروس كورونا، ويبقى السعي دائم لنشر الثقافة السينمائية حرصاً على التواصل الدائم مع محبي السينما السورية .