رشا سلوم:
يبدو أن ذاكرة الفرنسيين قصيرة أو ربما يظنون أن ما قاموا به من قتل وتدمير وإرهاب واحتلال للشعوب هو فعل حضاري وإنساني.
وإذا كان ثمة خجل في هذا العالم فعلى الحكومة الفرنسية أن تخجل مما فعلوه في العالم ومازالوا في ركب الشيطان الإرهابي واشنطن.
عاثت فرنسا في سورية تدميراً وقتلاً ونهباً وسرقة و مازال السوريون ولن ينسوا عدوانها.. من الحريقة التي أخذت الاسم بعد العدوان على المنطقة واحتراقها إلى مجزرة البرلمان التي وقعت في مثل هذا اليوم عام ١٩٤٥م .
الدكتور إحسان الهندي الباحث والحقوقي عثر على مخطوط كتاب يؤرخ وقائع هذا العدوان والمؤلف مجهول..
حقق هذا الكتاب وقدمه بما فيه من وثائق وقد صدر عن الهيئة العامة للكتاب.
الكتاب يؤرِّخ بدقة متناهية لوقائع العدوان الفرنسي المبيَّت على سورية كلها وليس دمشق وحدها.
كما يعرض الكتاب لنضال ومقاومة الشعب السوري لهذا العدوان المتوحش.
يقول المؤلف…
بعدما استنفدت الحكومة السورية جميع وسائل الإقناع لحمل الفرنسيين على الكف عن أعمال العدوان والاستفزاز ولم يسفر كل ذلك إلا عن تمادي الفرنسيين في اعتداءاتهم أصبح في حكم المقرر أن الموقف يسير إلى كارثة كبرى. ودلت جميع الوقائع أن الفرنسيين يسيرون عمداً بالموقف إلى هذه الكارثة، فقد شرعوا قبل ما أسموه (المجزرة الكبرى) بأسبوع كامل في نقل نسائهم وأطفالهم وشيوخهم من الأحياء التي يقطنونها في دمشق إلى مطار المزة الذي يسيطرون عليه، وفي تسيير السيارات المدرعة والمسلحة في الشوارع والميادين وتصويب فوهات الرشاشات والبنادق الى المارة.
ووضعوا عدة سيارات مدرعة أمام دار البرلمان وسددوا اسلحتها اليه وأذاع الجنرال أوليفا روجيه بياناً سرياً على قوات جيشه تاريخه ٢٢ أيار سنة ١٩٤٥ عين لهم به المواقع التي يجب أن يرابطوا فيها والأعمال الحربية التي يجب عليهم أن يعملوها حين صدور الأمر إليهم بذلك وصرَّح في بيانه هذا أن الهدف النهائي هو القضاء على الحكومة السورية الحالية، وتعيين حاكم عسكري واعتقال أنصار الحكومة.
وفي ١٩ أيار سنة ١٩٤٥ وجَّه الجنرال أوليفا روجيه مذكرة إلى الفرنسيين ناشدهم فيها أن يعتصموا بالصبر بضعة أيام أو بضع ساعات ريثما تقع المجزرةالكبرى ويصفي حساب سورية كله بضربة واحدة، وقد وقعت نسخ من هذه المذكرة وذلك البيان في أيدي الحكومة السورية، ولم يسع الجانب الفرنسي إنكارهما وتلاهما دولة نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية على النواب في جلسة سرية بعدما بسط لهم حقيقة الموقف وبعث بنسخ منها إلى ممثلي الدول الصديقة في دمشق.
وفعلا كانت مجزرة ال٢٩ من أيار التي لم يشهد لها التاريخ مثيل في فظاعتها.
