الثورة – ديب حسن:
سورية ليست بلدا جغرافيا محدودا بالماء والجبال والتضاريس، إنها تاريخ الإنسان منذ أن كان ومازالت تعطي وتقدم وفي كل يوم هناك حكاية وقصة ورواية عن آثار سورية، هي أوابد تحدت الزمن وستبقى ..
ولأن سورية قلب العالم ونبضه كانت وستبقى محط أنظار العلماء والباحثين والمنقبين عن التاريخ وحكاياه ومن هؤلاء باولو ماتييه العالم الإيطالي الذي اكتشف إيبلا عاصمة الثقافة والتاريخ والتوثيق، وباولو ماتييه (كان أستاذاً لعلم الآثار وتاريخ الفن في الشرق الأدنى القديم بجامعة روما لا ساپينزا؛ ومديراً لبعثة إيبلا منذ عام 1963 وحتى 2010. وهو مكتشف مدينة إبلا الأثرية، في موقع تل مرديخ بالقرب من بلدة سراقب في محافظة إدلب.
عمل مديراً للبعثة الأثرية الإيطالية في سوريا منذ 1963 في تل فراي وتل أفيس. وفي عامي 1972 و1973، قام بالتنقيب في تل فراي بوادي الفرات والذي كانت تصب فيه بحيرة الأسد، خزان سد الطبقة الذي تم إنشاءه في ذلك الوقت)
وكانت قد بدأت سلسلة التنقيبات الفعلية في موقع “تل مرديخ” عام 1964، من قبل فريق علماء آثار من جامعة روما برئاسة البروفيسور الإيطالي باولو ماتييه، وكان هدفها التنقيب عن آثار العصر البرونزي في سورية، واكتشف في الموسم الأثري الخامس من التنقيبات عام 1968 قطعة من تمثال بازلتي، كانت البداية الرسمية التي قادت العلماء لاكتشاف “إيبلا”، كما عثر في عام 1975 على أرشيفات يعود تاريخها إلى الألفية الثالثة قبل الميلاد، وكذلك أكثر من 17000 لوح مسماري من الطين، وكانت الألواح سليمة تقريباً ومرتبة، الأمر الذي وفر مصدراً غنياً للمعلومات حول “إيبلا”.
ويقول ماتييه، “أهمية وثائق “تل مرديخ” تنبع من كونها تضيف صفحة ناصعة للغاية إلى تاريخ سورية وحضارتها الرفيعة في فترة سحيقة في القدم”، ووفق ما أسفرت عنه الأعمال الأثرية فنحن أمام مملكة استوطنت لأكثر من أربعة آلاف سنة، وقوة كبرى هيمنت فترة طويلة على الصعيدين الاقتصادي والسياسي أيضاً، وسيطرت خلال (2600 – 2240 ق.م) على شمال سورية ولبنان وأجزاء من شمال بلاد ما بين النهرين.
وأخذت حدود المدينة شكلاً شبه منحرف غير منتظم، تماماً كما شكّل السور الضخم الذي يحيط بها من كل جوانبها، وتضم الأسوار والأحياء الشعبية والتل المركزي “الأكروبوليس” الذي فرض نفسه على تخطيط المدينة، وظل عبر كل العصور مركزاً لها ومقراً رسمياً للسلطات، والحي الملكي الذي تتربع مبانيه فوق أسطح مباني العامة من الشعب، وجاء شكل الشوارع على شكل أحزمة أشعة تنبعث من الحي الملكي لتلتقي بالبوابات.
أما مساكنها المنخفضة المنتشرة حول المعابد على أطراف التل المركزي، فبنيت جدرانها باللبن فوق أساسات من الحجر، وذكر الباحث والمؤلف علي أبو عساف في كتاب “آثار الممالك القديمة في سورية”، أن المسكن الشعبي كان يتألف من رواق أو ممشى، تتبعه باحة داخلية مستطيلة الشكل غير مسقوفة، ثم حجرتان مقابل الرواق،.)
اليوم تكرم سورية باولو ماتييه بوسامها من الدرجة الممتازة ويمنحه إياه السيد الرئيس بشار الأسد الذي قاد سورية إلى النصر السياسي والثقافي والحضاري .