ما يجري في أسواقنا لا يحتاج إلى قارئة فنجان أو كف أو طالع، أو ضاربة بالمندل أو الرمال، فحالات الشطط والانفلات السعري التي يتفنن “لصوص أسواقنا على اختلافهم” بفرض معادلتها المعقدة وشروطها التعجيزية، وطرقها الملتوية، بأساليب رخيصة “فيها ما فيها” لـ “دولرة” التسعير.
القصة لا علاقة لها بشماعة “تأمين المواد الأساسية والسلع الضرورية”، ولا بظروف الحرب الكارثية وتداعيات العقوبات الاقتصادية .. فقط، ولا حتى “بدموع التماسيح” التي يذرفونها وهم يعرضون قائمة النفقات الإضافية، والأعباء الجديدة “الخلبية طبعاً”، التي يتكبدونها وهم يحاولون توفير حاجة السوق المحلية، والحيلولة دون تسجيل فقدان أي منتج كان، حتى ولو اضطرهم الأمر لإبرام اتفاقيات جديدة لتأمينها، كون المهم والأهم بالنسبة لهم هو جيب ومحفظة المواطن، بغض النظر عن ملاءته المالية، وظروفه الحياتية “الاقتصادية منها والغذائية والصحية ..”، والكتلة النقدية الشهرية التي يتقاضاها، التي تحولت إلى “فرنكات” وقريباً جداً إلى “قروش” وأرقام ستصب جميعها في الحسابات البنكية والمصرفية للذين يترقبون وبشغف كبير جداً كما أصحاب الدخل المحدود وأكثر أي زيادة مرتقبة ليس فقط على كتلة الرواتب والأجور، وإنما على أي مادة جديدة “مازوت ـ كهرباء ..”، ليتقاضوا بعدها وبسببها أرقاماً مضاعفة تفوق تلك الزيادات بأشواط وأشواط، تحت حجج وذرائع “ما أنزل الله بها من سلطان”.
القصة أكبر من تخفيض أسعار، وأبعد من زيادة الرواتب والأجور، والحوافز والعلاوات التشجيعية والمكافآت.. القصة أهم بكثير من أحلام وأطماع لحفنة صغيرة جداً من تجار أزمات ولصوص أسواق والقصة ليست قصة تهديد من هنا، ووعيد من هناك .. القصة قصة أمن غذائي ودوائي .. القصة قصة علبة دواء لعجوز مريض، وزجاجة حليب لطفل رضيع، و معدة أسرة فقيرة مازالت تسعى جاهدة للوصول إلى وجبة كانت في يوم من الأيام كاملة الدسم .. صدق من قال “اللي استحوا ..”.