الثورة – فاتن دعبول:
عندما يكون الضيف شاعرغا وأديباً وقامة كبيرة كالدكتور نزار بريك هنيدي، لابد أن نتوقع إيقاعاً مختلفاً للملتقى الأدبي الثقافي الشهري الذي يديره الشاعر قحطان بيرقدار، والذي يستضيف مجموعة من الأدباء والشعراء المخضرمين، وإلى جانبهم بعض الشباب الموهوبين والذين يطمحون إلى دخول هذا العالم من بابه الواسع، يقتفون بصمات من سبقهم، علّها تكون نبراساً ودرب هداية لتحقيق حلمهم في التعبير عن رسالتهم الأدبية في غير جنس أدبي.
ويسعى فرع دمشق الذين يحتضن في فعالياته مختلف العناوين، إلى التجديد دائماً والتنوع بحسب د. إبراهيم زعرور رئيس فرع دمشق لاتحاد الكتاب العرب، والذي يؤكد في كل مرة حرصه أن تكون الفعاليات هادفة ومدروسة وتقدم المتعة والفائدة في إطار من التعبير الحر المسؤول، لأن الإبداع يحتاج إلى فكر واع يواكب قضايا المجتمع ويلامس هموم الناس، ويكون على قدر حجم الوطن وقضاياه الهامة.
قدم المشاركون نتاجاتهم الشعرية والأدبية” القصصية” وكانت تحاكي في معظمها معاناة الناس في يومياتهم، والتطلع إلى واقع أفضل، وكانت قصيدة الشاعر أسامة حمود التي حملت عنوان” أشرعة المعاني” تحمل بوحاً وجدانياً يصدر من روح أتعبها ظلم الدهر وأضناها، يقول:
رماني الدهر في ظلم وأشقى، وما أبقى سوى الآهات أفقا
وفي جب الغواية، فاض شعري، وصرت إلى ذرى معناي أرقى
لأقطف من هطول الوحي سحرا، وأسكب في متون الحرف ذوقا
ومن قصيدته” عاشق يفترش أقمارها” يقول الشاعر علي العقباني:
المنديل الذي ترقصين به، وتلوحين للروح برائحة الوداع، لابد أنه الآن تحت وسادتك
تكفكفين عنه الدموع والذكريات، كأنما شفتاك مساء بلا ضفاف، كأني من فرط الهوى
لا أريد للحب أن يصبح صوراً.
وبمزيد من الحزن والآهات تحاكي الشاعرة خزامى الشلبي ألم الفراق والغربة وتقول:
تتسابق الآهات نحو قلوبنا، والرعد يعبث بالضلوع ويقصف
لا الغرب يحملنا إلى أحلامنا، والشرق يسرق حلمنا وينتّف
صرنا وبوصلة الفراق دليلنا، غير المدامع والجوى لا نعرف
وتوقف الشاعر نزار بريك هنيدي عند المشاركات التي قدمها الشعراء، مبيناً الفروق بين أنواع القصيدة التي يجب أن تتمتع بصفات على الشاعر أن يتقيد بها، ليحقق شروط القصيدة بخصائصها كافة.
وأوضح أن الشعراء اليوم يتوجهون إلى قصيدة النثر، ربما لأنها الأقدر على التعبير عن واقع من أهم ميزاته الاضطراب والقلق، فقد تغير إيقاع الحياة كثيراً، ما دفع بالشعراء إلى كسر البحور القديمة من أجل أن يتوافق الشعر مع الواقع الجديد الذي نعيشه. ولكن هذا لا يعني أن تكون القصيدة بعيدة عن خصائصها التي يجب أن يلتزم بها الشعر من الانزياحات والتخييل والمحسنات البديعية والإيقاع..
وأكد أن البحور الشعرية لم توجد مصادفة، بل أبدعتها العبقرية الشعرية العربية، وكانت تنسجم مع الواقع الذي وجدت به، ولو تحققت الظروف نفسها اليوم، فحري بنا أن نتمسك بالقصيدة العمودية.
وقدم بدوره بعض المعلومات التي تبين الفرق بين أنواع القصيدة” العمودية، قصيدة النثر، القصيدة التي تحتاج إلى تفعيلة، وضرورة اعتماد القصيدة التي تتمتع بمعايير القصيدة الصحيحة.
وشارك في الملتقى كل من” فاطمة جعفر، منير خلف، مها داؤد، ناديا داؤد، هدى الشامي، وليد حسين”. وتلا الملتقى مداخلات من الحضور حول الأنواع الأدبية وخصائص كل منها، وتوجه الشاعر نزار بريك هنيدي للمواهب الشابة ببعض الملاحظات التي تعينهم على سلوك درب الإبداع بطريقة سليمة.