الملحق الثقافي- رفاه الدروبي:
تعتبر مكتبة الأسد الوطنية حافظة للتراث الفكري اللامادي. تسير وسط هدوء بين أرجاء المكان ثمَّ تُفاجأ بعجاج ينثر غبار فكرٍ وقَّاد مُنبعث من كتب ومخطوطات نادرة لتبدأ رحلة الكتاب بين التصنيف والفهرسة والفهارس كي تصل نهاية المطاف إلى عقول تغوص داخل مكنوناتها وتبحث وتحلل.
التصنيف والفهرسة
مديرية العمليات الفنية المكتبية ريم الصوص أشارت بأنَّ مديريتها مؤلفة من ثلاثة أقسام: التصنيف والفهرسة ويكون نتيجتها الفهارس، وتبدأ رحلة الكتاب من المستودعات بعد استلامه من قسم التزويد، ويوضع لها أرقام ورود ثم تصنف وتفهرس ليكون للكتاب هوية وضمان عدم فقدانه، ولايمكن الحصول عليه بين الكميات الكبيرة إلا برقم الورود ضمن المستودعات، ثم يتابع رحلته ليصنَّف ويفهرس بتخصيص بطاقات إرشاد كي يصل إلى القرَّاء بسهولة ويسر وفق الموضوعات فيصنّف بناء على طريقة ملفيل دوي العشري، وتبدأ من ثلاثة أصفار إلى ٩٩٩ متبعة قواعد علمية، وترك دوي فراغات لعلوم جديدة واختصاصات حسب تطور العلوم الفكرية في أغلب مكتبات العالم.
الصوص ذكرت بأنَّ مكتبة الأسد اتبعت قواعد بناء على مؤسِّسها غسان اللحام بتخصيص كادر عامل فيها حسب الشهادات. ولم تقتصر على خريجي المكتبات فحسب كي يقوموا بالتصنيف واستلام الكتب من قسم التزويد وبعد توزيعها على الكادر المختص تُصنّف كل حسب اختصاصه ومنها إلى الفهرسة المؤلفين العناوين الموضوعات السلسلة بعد تصنيف ملفيل دوي، لافتةً بأنَّ أهمّية التصنيف العالمي تتجلى بجمع الكتب وفق اختصاصات بعد استلامها من المستودع برقم الورود حيث تُصنّف لتسير إلى الفهرسة وتخصص بطاقات لها يُدوّن عليها عدد الصفحات والرقم المعياري تصنيفه ووروده ويضاف إليها المؤلف والمترجم ودار النشر وكافة المعلومات وتكون وفق معايير محددة باتباع النظام الأبجدي أو الأرقام أو العناوين أو السلسلة وتُدوّن المعلومات عليها ويحصل الكتاب على هوية خاصة به ليكون مصيره إلى القسم المختص، منوِّهة بأنَّ الكتاب يتابع رحلته إلى الفهارس وتخصص له بطاقات اربع: الأولى وفق النظام العشري العالمي، والثانية المؤلف، والثالثة باسم الكتاب والاخيرة باسم السلسلةثم تقسّم البطاقات وتدخل في الأدراج الخشبية مرتبة وفق الأحرف الهجائية.
كما لفتت إلى طريقة أخرى للكتب المخطوطة الجديدة الآتية من وزارة الثقافة حيث يزوّد كلُّ مؤلف المكتبة بخمس نسخ مطبوعة، ولايمكن طباعتها إلا بوضع بطاقة تعريفية عن الكتاب لتصنيفه وفهرسته لطباعتها في بداية الكتاب خلف العنوان مباشرة والهدف الحفاظ على حقوق النشر إضافة إلى تزويد قاعات الفهارس بشاشات إلكترونية لتسهِّل على القارئ البحث عن الكتاب ويمكن معرفة التصنيف حسب الاختصاص بمساعدة الكادر المختص الموجود في المكان لإرشاد القرَّاء لطريقة البحث عن الكتب.
الكتب العربية المُعارة بلغت أعدادها حسب قسم التزويد من الحجم الصغير 425ألفاً و641 كتاباً وذات الحجوم المتوسطة 26 ألفاً و 154 كتاباً والأجنبية 65012 كتاباً، كما وصل عدد الأطروحات إلى 52 ألفاً و789 كتاباً، ووصلت الإلكترونية منها إلى 1744 كتاباً.
المخطوطات النادرة
بدورها مديرة المخطوطات أمينة الحسن قالت مُعرِّفةً: إنَّ المخطوطات كلّ ما كتب بخط اليد وله قيمة علمية ومعايير خاصة، وقسمتها إلى نوعين الأول قديمة ما يزيد عن نصف قرن وحديثة مدتها ٥٠عاماً وتستمد الأولى قيمتها باعتبارها كتبت من قبل عالم جليل أو وجدت عليها سماعات أو إجازات أو قراءات أو مطالعات أو غيرها وتسمى خوارج نصوص ومنها نسخ خزائنية محفوظة في خزانة الملوك والأمراء، وتكون مُذهَّبة أو مُؤطَّرة بالذهب الخالص، وممكن أن تكون عيار ٢٤ قيراطاً أو مُذهَّبة بين الأسطر بأولها لوحة استهلالية ومزخرفة بألوان نباتية وهندسية منها كتاب «التحصيل في المنطق والفلسفة» للأذربيجاني ويعتبر من المخطوطات القيِّمة والثمينة ومنها ما كتبت على جلد الغزال ووجدت أربع ورقات ليست كاملة بل تتضمن ثماني سور من القرآن الكريم تعود إلى بداية القرن الثاني الهجري وتعتبر أقدم المخطوطات كأوراق، متابعة حديثها عن وجود مخطوطات عبارة عن ترانيم يونانية من الديانة المسيحية مكتوبة تُقدَّر عمرها بأربعمئة عام ويزيد، وكتبت على جلد الماعز أو البقر أو العجل ومنها صور بالذهب الخالص للصليب أو السيد المسيح أو مريم العذراء.
مُصنِّفة الحسن المخطوطات ذات أنواع متعددة منها الكناش والكلمة سريانية تعني المجموع وأخرى قديمة عنوانها «شرح ديوان الفرزدق» ويعود تاريخها إلى ٣١١ هجري ومخطوطة التدوير والتربيع للجاحظ وتعود إلى 411هجري وشجرات نسب منها لعبد القادر الجيلاني محفوظة على شكل مجاميع ومنمنمات باللغة الفارسية تضم صوراً جميلة تسمى منمنمات، إضافة إلى موضوعات متنوعة باختصاصات متعددة تكون مفهرسة بالاعتماد على قواعد الأنجلو- أميركية حسب التصنيف العالمي لدوي لكن بما يلبي حاجة المخطوطات بسبب اتباع تصنيف خاص، ويكون حسب الموضوعات الحديثة في المكتبة لأنَّ القديمة وضع لها رقم ضمن الأساسيات المعروفة عالمياً.
كما تطرَّقت إلى وضع فهارس حسب الموضوعات رتبت وفق التصنيف العشري لأقدم النسخ كي تساعد الباحثين والمحققين والدراسات العليا على تحقيق المخطوط وإظهاره للنور، لافتة بأنَّ المخطوطات الأصلية لا تُقدَّم نهائياً للباحثين بل تبقى محفوظة في المستودعات ضمن شروط خاصة ونظام رطوبة وحرارة وتوضع على رفوف معدنية وتبدّل حسب الظروف المناخية خوفاً من إصابتها بأذى. وتُزوّد غرفها بأجهزة إنذار حديثة وتُصنَّف بنظام فهرسة ورقيَّة خاصة بسورية والمكاتب العربية والأجنبية
بينما تقدّم للباحثين بكافة فئاتهم بصور على بكرات فلمية أو شرائح أو ديجيتال رقمي ولها شروط لتصويرها تتمُّ من قبل مختصين وضمن معايير معينة للتصوير يتمتّعون بمواصفات أهمّها أن يكونوا من طلاب الدراسات العليا أو باحثين مختصين ومحققين ولهم إيداع قانوني فيما تتبع سياسة المكتبة التبادل لإغنائها بكل جديد بما يفيد الباحثون والقرَّاء.
خاتمة حديثها بأنَّ مكتبة الأسد تعتبر الحاضنة للتراث ووفق قاعدة بيانات خاصة تجمع كل المخطوطات حتى لو لم يتم الحصول على الأصول من قبل الجهات الأخرى ويمكن تزويدها بصور رقمية أو فلمية عنها كي يكون لها توثيق كامل ووصل عددها إلى١٩ألفاً و٤٠٠ مخطوطة متنوعة بكل الموضوعات.
أمّا الكتب العربية النادرة فشروطها مضي ١٥٠عاماً فأكثر والأجنبية تاريخها١٨٥٠ ميلادي، أو نادرة الوجود في العالم أو نسخ قليلة عالمياً، أو رسومات أو تواقيع لشخصيات مهمة أو تكون كتباً نادرة مطبوعة طباعة حجرية ولها شروط معينة وكتب نادرة عددها ٤٠٠٠كتاب تعود طباعتها إلى مطابع بولاق المصرية أو حلب وغيرها ونادرة عربية وأجنبية.
الإعلام والغرافيك والنشر
من جهتها مديرة الإعلام والغرافيك والنشر رانيا الحداد أشارت بأنَّ القسم يصدر ثلاثة إصدارات سنوياً منها الأطروحات الجامعية الببلوغرافيا الوطنية السورية والكشاف التحليلي والصحف والدوريات والمجلات السورية، لافتة بأنَّ الأطروحات الجامعية توثِّق الإنتاج الفكري وإصداراته حيث تُصنّف وتفهرس وتحفظ التراث وفق آلية جديدة للبحث عن محتويات ومقتنيات المكتبة والوصول إلى المصادر بأسهل الطرق بناء على قانون الإيداع بما يلزم المستفيدين إيداع نسخ ورقية مخطوطة وأخرى إلكترونية ضمن المديرية وتكون من ضمن متطلبات استكمال الأوراق لمعادلة الشهادة للحاصلين عليها من دولة أخرى بهدف استقطاب رسائل الدراسات العليا الموجودة في الجامعات السورية والخارجية، حيث تدخل إلى قسم التصنيف والفهرسة وتوضع ببرنامج للحصول إلكترونياً عليها وتسترجع المديرية الأطروحات بشروط معينة خلال عام، ويتمُّ العمل بشكل تقليدي تُرسل ببطاقات ورقية وتُفرز حسب أرقام التصنيف، وترتب حسب كنية المؤلف هجائياً وتدخل إلى الحاسب الإلكتروني وتنضد. واتبعت آلية جديدة أدت إلى إحداث واجهة زوّدت بمبرمجين يمكن استرجاع المعلومات بقائمة الأطروحات وفق شروط خاصة سنوية أو شهرية مرتبة بنفس الطريقة اليدوية، ويبقى الإخراج الطباعي لقائمة الببلوغرافيا وتطبع في مطبعة المكتبة، ووصل عدد آخر قائمة إلى ٢٦وعدد الأطروحات ٣٠٥١ في العام الماضي مقسَّمة حسب خطة تصنيف عالمي إضافة إلى كشاف هجائي بأسماء المؤلفين.
الحداد انتقلت للحديث عن الببلوغرافيا الوطنية السورية والمخصصة للكتب الصادرة ضمن دور النشر في القطر ولمؤلفين أرسلوها من الخارج في حال أرسلت النسخ والعمل يتُّم وفق نظام متكامل مع قسم الفهرسة والعمليات الفنية المكتبية يمكن استرجاع البيانات بنفس التسلسل وبشروط خاصة كي تصدر عن القسم.
أما الببلوغرافيا الوطنية السورية فلها قانون إيداع لدور النشر يلزم كل مؤلف إيداع نسخ في المكتبة، ويعتبر نوعاً آخر منها ويجري التوثيق بناء على التصنيف العشري يمكن استدعاء المعلومات بقائمة عناوين الكتب السورية الصادرة مقسمة تقسيمات موضوعية وتلحق بكشاف يكون للمؤلفين أو العناوين ومدخل إضافي للبحث عن كشاف بدور النشر ورؤوس الموضوعات.
كما أشارت إلى الببلوغرافيا الصادرة وتكون على ثلاثة أنواع الجارية تصدر كل عام وراجعة للكتب الصادرة قبل تأسيس المكتبة وتكون إهداء من مكتبات خاصة وتحمل قيمة علمية وفكرية وتنشر ضمن الببلوغرافيا الجارية ولدى المكتبة خبرات لانتقاء النسخ المميزة والنادرة بينما النوع الثالث يُسمَّى مستدركات وتخصص للكتب الصادرة في عام مضى توضع ضمن قوائم وتنشر كل أربع سنوات بتواريخ لاحقة، مبيِّنة بأنَّ النوع الثالث في القسم خصص للصحف والدوريات والمجلات السورية وتوثيقها ورقياً وإلكترونياً وتسمى السينولوجيا وتوزع على حسابات الكادر المتخصص وفق سياسة خاصة بتوثيق المقالات من حيث تصنيف البيانات وتعدُّ بطاقات لها يدوياً وتدخل على البرنامج ويمكن البحث إلكترونياً عنها حسب الدورية أو تاريخها أو المؤلف.
كتاب خانقاه السميساطي
نهاية المطاف كانت بقسم الدراسات ويتمُّ التوثيق بخطة جديدة للمكتبات في القطر بالتعاون بين أكثر من قسم بالمكتبة منها توثيق مكتبة السميساطية، حيث أصدرت مكتبة الأسد كتاباً لأول مرّة. ويعود تاريخها إلى العصر الأيوبي.
تناول الكتاب نشأتها ونسبتها العائدة إلى مالك المنزل أبو القاسم السميساطي القادم من أحد أقاليم قنسرين في حلب، وتحوَّلت إلى خانقاه للعبادة الصوفية وتأسَّست فيها المكتبة، لافتة إلى اتباع خطة جديدة معتمدة على المنهج الببلومتري متخصص بعلم المكتبات يقوم على دراسة الاتجاهات النوعية والعدِّيَّة للمادة العلمية ووجدت بداخلها مخطوطات قديمة نُقلت بالكامل إلى خزائن المكتبة وبلغ عددها ٧٨مخطوطاً حيث أجريت دراسات عليها من حيث الموضوعات.
العدد 1148 – 20-6-2023