د. مازن سليم خضور
العشرون من حزيران يوم اللاجئ العالمي.. يوم حددته الأمم المتحدة تكريماً للاجئين في جميع أنحاء العالم، ويسلط هذا اليوم الضوء على المجبرين على الفرار من أوطانهم هرباً من الصراعات أو من الإرهاب.
كما يعتبر يوم اللاجئ العالمي مناسبة لحشد التعاطف والتفهم لمحنتهم والاعتراف بعزيمتهم من أجل إعادة بناء حياتهم وذلك برعاية من المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة (UNHCR).
عندما نتحدث عن المهاجرين واللاجئين لا نستطيع تجاهل ملايين السوريين الذين هجرتهم الحرب منذ العام (٢٠١١).
لا توجد احصائيات دقيقة لعدد السوريين الذين هاجروا خلال فترة الحرب ومعظم الأرقام المطروحة هي أرقام تنقصها الدقة والموضوعية لاسيما أن فعل الهجرة مازال مستمراً حتى وإن خفت الأعداد لأسباب مختلفة، ومن أهمها التحسن النسبي للوضع الميداني السوري وعودة الأمان النسبي إلى عدد كبير من مراكز المدن السورية والقضاء على تنظيم داعش الإرهابي في عدد كبير من مراكز وجوده، بالإضافة إلى توافر مقبول للمشتقات النفطية وغيرها من الأسباب.
شكلت الهجرة حلماً وملجأ لعدد كبير من السوريين حتى قبل الحرب الأخيرة، وكان عدد كبير من الشباب يسافر إلى دول الخليج العربي لعدد من السنوات ويعود إلى وطنه بعد تحقيق مردود مادي مقبول يضمن له العيش الكريم، وبالتالي فإن معظم الهجرات قبل الحرب هي هجرات مؤقتة.
ومع دخول الحرب العدوانية مرحلة خطيرة فقد دفعت ملايين السوريين إلى ترك بلدهم والتوجه نحو الدول المجاورة، أو الهجرة إلى البلدان الأوروبية بحثاً عن حياة ومستقبل أفضل بحسب اعتقادهم.
هجرة السوريين تمت بطرق مختلفة منها الهجرة الشرعية وغير الشرعية ومنها إلى البلدان المجاورة ومنها إلى البلاد البعيدة ومنها براً ومنها بحراً كل هذه الأمور عاشها المهاجرون السوريون.
في بداية الحرب لجأ العديد من السوريين إلى دول الجوار وبنيت مراكز الإيواء (المؤقتة) كمخيمات عرسال في لبنان ومخيم الزعتري في الأردن، بالإضافة إلى المخيمات على الحدود التركية وبعد فترة من الوجود في هذه المخيمات وبسبب سوء الخدمات المقدمة واستغلال ظروف اللاجئين هاجر عدد كبير من هؤلاء إلى دول أوروبية مختلفة واستراليا وكندا وغيرها، وهنا كانت المأساة الإضافية حيث تنوعت طرق التهريب، فإحدى الطرق عبر ليبيا ومن ثم نحو إيطاليا وبعضهم من تركيا عبر القوارب إلى اليونان أو بلغاريا ثم سيرا على الأقدام والحافلات والقطارات إلى ألمانيا عبر ألبانيا ومقدونيا وصربيا ثم المجر والنمسا، وتسببت هذه الرحلات بالعديد من الجرائم بحق المهاجرين وغرق وفقد الكثير من المهاجرين، وكانت صورة الطفل آلان صادمة للرأي العام في العالم حول قضية المهاجرين السوريين، وأصبحت تجارة الموت وتجارة الأحلام تجارة مزدهرة، علماً أن هذه الصورة ليست سوى نموذج على معاناة كبيرة يعيشها اللاجئون السوريون، حيث غرق أعداد كبيرة منهم في البحر بعيداً عن عدسات الكاميرات، فيما واجه العديد منهم مخاطر كبيرة خلال رحلات اللجوء سواء كانت الرحلة براً أم بحراً.
أخبار غرق الزوارق التي تعج باللاجئين أصبحت شبه يومية واعتيادية، وليس آخرها حادث انقلاب زورق للمهاجرين على متنه 750 شخصاً بينهم سوريون قبالة شواطئ اليونان.
كل هذا يدفع الجميع لإيجاد حلول حقيقية لمنع تدفق اللاجئين، وهو ما ركز عليه الاجتماع التشاوري لوزراء خارجية الأردن ومصر والعراق والسعودية مع نظيرهم السوري الذي عقد في عمّان في أوائل شهر أيار، على عودة السوريين الذين فروا من بلادهم أثناء الحرب، وفي قمة جدة اتفقت الوفود المشاركة بحضور سورية على “تعزيز الظروف المناسبة لعودة اللاجئين السوريين والحفاظ على وحدة وسلامة أراضي سورية”.
إذا سيبقى الرهان على الموت لأجل الحياة بالنسبة للمهاجرين لحين التشخيص الحقيقي للأسباب والمعالجة الحقيقية والواقعية لذلك من قبل الجميع.
التالي