الثورة – حسين صقر:
الطاقة السلبية التي بات يتحدث الناس فيها، وذلك نتيجة الظروف الصعبة التي تمر عليهم، يجعلهم حذرين من الإفصاح عما يخططون له، سواء أكان سفراً أم شراء عقار أم سيارة، أم مشروعاً ما لا على التعيين، أم حتى الذهاب في رحلة أو زيارة، خوفاً من الحسد، وهذا الأخير بتقدير هؤلاء قد يكون من الأقارب والأصحاب والجيران.
القصص عن هذا الموضوع كثيرة، والحالات متعددة، وقد أفضت إلى نوع من الحساسية بين المعارف، وتركت أثراً سلبياً على العلاقات الاجتماعية، ومن الناس من يعتبر ذلك عادياً، ومنهم من عدّه أمراً مبالغاً فيه، ولا يحتاج إلى كل ذلك.
صحيفة الثورة استطلعت بعض الآراء بشأن هذا الموضوع، وأكد المدرّس يزن محمد أن البعض يدفعهم الفضول للخوض بالتفاصيل، وليس من باب الخوف أو الطاقة السلبية والحسد، قد لا أرغب بالإفصاح عما أقوم به، ولكن تجنباً للأسئلة التي لا تنتهي، فأفضل أن آخذها من قصيرها، ولا أتكلم حتى الانتهاء من المشروع الذي أقدمت عليه، سواء كان عملاً أو أي شيء آخر.
من أين لك هذا؟!
المحامي عامر كويفي قال: عندما أقصد إخفاء أمر ما، ولاسيما في الشراء مثلاً، ثمة أشخاص يودون معرفة كل قرش من أين جاء حتى استطعت شراء هذا البيت أو تلك السيارة، وكي أتجنب الخوض بالأجوبة التي قد أكون محرجاً في الإجابة عنها، لا أفصح عما عقدت العزم عليه، لأن هناك أشخاصاً يفتحون علينا أبواباً أخرى للأسئلة، وقد نجد أنفسنا نتكلم عن كل تفصيل لأننا اعتدنا الصدق، وذلك قد يسبب تساؤلات كثيرة، “من أين لك هذا؟!”.
ربة المنزل سمر جاد الله، قالت: تقدم شاب لابنتي التي تخرجت في الجامعة منذ فترة قصيرة، وبمجرد معرفة إحدى القريبات بذلك، تواصلت على الفور مع أهل الشاب، وكان ذلك سبباً بفشل مشروع الزواج ذلك، وحتى هذه اللحظة أود معرفة ما حصل، لكن من دون جدوى، ولهذا تمنيت لو أنني لم أتحدث عن ذلك.
المهندس محجوب الرافع قال: قبل عدة سنوات، كان لدي مشروع سفر لولدي، وعندما علم أحد الأصدقاء بذلك لم يفارقني لحظة، حتى أقلعت عن الفكرة، وذلك بسبب حديثه الدائم عن مخاطر السفر وطريقه وما إلى ذلك، ومرت الأيام وندمت على سماعي منه، وتمنيت لو أنه لم يعرف بذلك، وقلت ليتني اتخذت القرار بعيداً عن أي تأثيرات، وأدركت أن الحق ليس على صديقي، لأن ما قاله بدافع الخوف والقلق، ولكن أنا اليوم دفعت الثمن ونادم على عدم قيامي بذلك.
مبالغة وحسب
هاني، وكوران، وسمير، وجانيت، من شرائح وأعمار مختلفة قالوا: إن قضاء الحوائج يجب أن يكون بالكتمان، بغض النظر عن الأسباب، وإذا أراد الشخص أن يشاور أحداً، فليسأل شخصاً ثقة، ويجب أن يعلم مدى كل كلمة يقولها، وكل نصيحة يسديها، لأنه بالفعل هناك بعض البشر لا يريدون لنا الخير، ويفضلون أن نبقى كما نحن، أو مثلهم إذا كانوا بظروف صعبة، وليس أفضل منهم إذا كانوا يتميزون بشيء، وهذا يدخل في باب الحسد.
وأضافوا: قد يكون موضوع قضاء الحوائج بالكتمان أمراً جيداً، وليس مبالغاً فيه على الإطلاق، لأن ذلك ذكر في حديث شريف أولاً.. “استعينوا على قضاء حوائجكم بالسر والكتمان”، والأمثال لم تقل جزافاً، بل هي خلاصة تجارب وتراكم خبرات.
البعض يقول: كنت أعتقد أن قضاء الحوائج بالكتمان، الهدف منه تجنّب الحسد، لكن مع الأيام عرفت أنه أعمق بكثير.. استعينوا بالكتمان لكيلا تصابوا بخيبات الأمل علناً! هي الأكثر ألماً، استعينوا بالكتمان لأن الطاقات تُهدر في القول، بدلاً من الفعل، لأنّ فرحة الوصول وحدكم وبجهدكم ليس لها ثمن.