الثورة – ياسر حمزه:
كانت مدينة دمشق على مدى عصور محط أنظار الغزاة، فاقتضت ضرورات الدفاع عنها وحمايتها بإحاطتها بسور من الحجارة الضخمة، فتحت فيه أبواباً للدخول والخروج، وكان ذلك في بداية العصر اليوناني. وفي العصر الروماني تمت صيانة السور وظهرت سبعة أبواب نسبةً إلى الكواكب السبعة المعروفة في حينها، ونحتت رموز هذه الكواكب على الأبواب لاعتقادهم أنها تحمي المدينة.
تقع أبواب دمشق السبعة على سور دمشق، وكانت تزيد هذه الأبواب وتنقص حسب الضرورات الحربية، تهدّم بعضها وأُنشئ آخر في العهود المتلاحقة، وهُدِّم وأُغلِق أيضاً عدد آخر منها عبر الأيام والسنين، وكانت المهمة الأساسية لسور وأبواب دمشق مرتبطة بأمن الناس فكانا وسيلة دفاعية قوية لصدِّ المعتدين من الغرباء والغزاة عن دمشق وأهلها.
وأخذ سور مدينة دمشق بالانهيار، وأعيد تحصينه في عام 1174 م في عهد نور الدين الزنكي، وفُتحت فيه أبواب لم تكن موجودة منها باب الفرج وباب النصر، أما الأبواب الأساسية لدمشق فهي سبعة فقط: باب توما، وباب السلام، وباب الفراديس، وباب الجابية، والباب الصغير، وباب كيسان، وباب شرقي.
ويروي العديد من المؤرخين وعلى رأسهم مؤرخ دمشق الشهير ابن عساكر، وصفاً لأبواب دمشق القديمة وعلاقتها بالكواكب وأن أبواب دمشق السبعة مرتبطة مع الكواكب السبعة، فباب شرقي مرتبط مع الشمس، وباب توما مرتبط مع الزهرة، وباب السلام مرتبط مع القمر، وباب الفراديس مرتبط مع عطارد، وباب الجابية مرتبط مع المريخ، والباب الصغير مرتبط مع المشتري، وباب كيسان مرتبط مع زحل.
أبواب الشام السبعة:
باب السلام: باب أحدثه نور الدين الشهيد في القرن السادس للهجرة، ويسمى باب السلامة، وباب الشريف أو باب الفراديس الصغير، يقع بين باب توما وباب الفراديس، جدده الملك الصالح اسماعيل سنة 1243م.
باب شرقي: الباب الشرقي من أبواب دمشق الرئيسية والشهيرة، من جهتها الشرقية، ويسمى باب الشمس نسبة إلى الشمس، منه دخل خالد بن الوليد دمشق، وتم تجديده في عهد نور الدين الشهيد سنة 559 ه، ويمتد طريق الباب الشرقي المستقيم حتى باب الجابية، ومنه أجزاء كثيرة مسقوفة، وفيه ممرات لأشهر أسواق دمشق، جدده مدحت باشا والي دمشق، فحمل اسمه، ويمتد من باب شرقي إلى باب الجابية طريق مستقيمة، وهي أقدم وأطول طريق في دمشق، لذلك أطلق عليه الدمشقيون اسم سوق الطويل.
باب كيسان: من أشهر أبواب دمشق، الذي لا تزال أجزاء منه موجودة، ويعود إلى العصر الأموي، يقع بالقرب من دوار المطار وجامع بلال الحبشي، يلاصقه من الشرق كنيسة القديس بولص.
باب توما: من أبواب دمشق المشهورة شمال السور، بني في عهد الرومان ونسب إلى كوكب الزهرة، ثم حمل اسم “توما” أحد تلامذة المسيح عليه السلام. جدد في عهد نور الدين سنة 536 هـ.
باب الصغير: يقع في الجهة الجنوبية من المدينة القديمة قرب حي الشاغور، بناه وجدده الرومان، ونسبه اليونان قبلهم لكوكب المشتري. دخل منه القائد يزيد بن أبي سفيان شقيق الخليفة معاوية بن أبي سفيان عند الفتح العربي الإسلامي لدمشق، وفي عهد نور الدين رمم الباب وأقيم عنده مسجد ومئذنة وباشورة.
ومن أبرز الترميمات التي طالت الباب والسور المحيط به ترميم الملك المعظم عيسى في زمن الدولة الأيوبية عام 623 هـ/ 1226م، ومنه اقتحم التتار دمشق بقيادة تيمورلنك عام 803هـ/1401م في العهد المملوكي، وقد سمي الباب بهذا الاسم لأنه أصغر أبوب المدينة.
باب الجابية: يقع في الجهة الغربية من المدينة القديمة وهو من الأبواب السبعة الأصلية، بناه الرومان ونسبوه لكوكب المريخ، ويُعرف أن الباب سمي بهذا الاسم نسبة إلى تلّ الجابية بمنطقة حوران لأن الخارج منه يصل إليها، صمم هذا الباب بثلاث فتحات، في الوسط بوابة كبيرة وعلى جانبيها بوابتان أصغر حجماً ويتصل بالباب الشرقي عبر الشارع المستقيم، وعند الفتح العربي الإسلامي لدمشق دخل منه القائد أبوعبيدة بن الجراح، أعيد ترميمه في عهد نور الدين الذي أعاد ترميم الباب والسور المحيط به عام 560هـ/ 1165م وبنى حوله باشورة، ثم تلته ترميمات أخرى أبرزها ترميم الملك شرف الدين عيسى ابن الملك العادل في زمن الدولة الأيوبية.
باب الفراديس: من الأبواب السبعة الأصلية لدمشق، يعرف الآن بباب العمارة أعيد إنشاؤه وترميمه في عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب عام 1241 م مغمور الآن بالكتل السكنية و الأسواق التجارية، يقع في الجهة الشمالية من المدينة القديمة، بناه الرومان ونسب لكوكب عطارد، وسمي الباب بهذا الاسم نسبة إلى محلّة كانت قبالته خارج السور تسمى الفراديس بحسب ما ذكر ابن عساكر في كتاب تاريخ دمشق عند الفتح العربي الإسلامي لدمشق دخل منه القائد عمرو بن العاص، وفي عهد نور الدين رمم الباب والسور المحيط به وربما كان المسجد الموجود عنده من عهد نور الدين الذي بنا مسجداً ومئذنة عند أغلب الأبواب، ومن أبرز الترميمات التي طالت الباب والسور المحيط به ترميم الملك الصالح نجم
الدين أيوب في زمن الدولة الأيوبية عام 639 هـ/ 1241م، يُطلق العامة على هذا الباب أسم باب العمارة نسبة للحي الموجود فيه وهو مصفح بالحديد ليومنا هذا، وعليه نقش كتابي غير واضح المعالم.