لا يختلف اثنان على أن الدخل هو العصب الحيوي لحياة المواطن، ليس إنفاقاً بل بحث عن المراحل المفضية إليه لجهة السؤال والتمحيص، ومن ثم اختيار الأقرب للكفاءة وصولاً إلى مرحلة الطلب والإقناع ومباشرة العمل.. طبعاً إن وُجد..
فرص العمل في المرحلة الحالية لم تعد هينة بل أقرب للندرة في وقت يبحث فيه كل صاحب أسرة وداخل إلى سوق العمل عن مصدر دخل، وهو حديث لم يعد مطروحاً في المجالس الحكومية أو الخاصة، بالنظر إلى وجود أوجه تراها الحكومة أكثر أهمية وإلحاحاً في الفترة الحالية، في حين يمكن قلب المعادلة والبدء بعمل المواطن كمصدر للإنفاق القادر على تحريك عجلة الإنتاج.
المشكلة أن المسألة كلها تم حلها نظرياً بفكرة استيعاب جزء مهم من العمالة لدى القطاع الخاص، وهو حل غير منطقي تبعاً لعوامل عدة ليس أولها محدودية فرص العمل في الخاص وما يفرضه أرباب العمل من عقود إذعان واستقالات مسبقة، وليس آخرها ضيق مجالات العمل الخاص واقتصاره على العمالة المهنية، وبالتالي تبقى شرائح بكاملها نهضت بالبلاد فيما سبق متفرجة لا حول لها ولا قوة منتظرة بوابة السعادة لتفتح مصراعيها لتعبرها مهاجرة نحو فرصة عمل تضمن دخلاً يكفي الأسرة.
في كل قطاع مشكلات عدة متشعبة تحتاج الحل والتبسيط حتى تنتج ما يُنتظر منها، وفي الوقت نفسه لا يمكن حل واحدة منها دون المجموع، ولا يمكن حل مشكلات قطاع بعينه بمعزل عن بقية القطاعات لتشابكها وتداخلها الكثيف مع بعضها بعضاً، الأمر الذي يفرض البداية بحل العقد -ليس كلها حتى لا تكون الفكرة طوباوية- بل البدء بحل أساس كل مشكلة رئيسية ومتابعة مسيرها لمعالجة ما يعترضها، على اعتبار ذلك كفيلاً بتسريع المسير وصولاً إلى مرحلة تكون فيها الحلول وقائية.
لعل الانطلاق يكون في توسعة مجالات العمل من بوابة تنويع الإنتاج لاستيعاب أغلبية الاختصاصات أو على الأقل الأساسية منها، ولعل من نافلة القول إن مهنة كالبناء تعتبر مهنة أم لتشغيلها نحو 180 مهنة رديفة ومتممة تبدأ من عامل البناء مروراً بفني الكهرباء والمياه وصولاً إلى ورشات المفروشات وسواها، وكمهنة البناء يمكن تحديد الكثير من المهن الرئيسية القادرة على تشغيل غيرها علمياً وفكرياً ومهنياً.
طبعاً إن كانت القناعة متوافرة.
السابق
التالي