الرواتب والأجور في الموازنة العامة تترنح بين «الجاري والاستثماري» … مراسلات الجهات العامة لغاية الاستثمار العام تستغرق سنوات والأولويات تتغير بساعات
الثورة – تقرير مرشد ملوك :
الضامن
في اتصال مع أحد الأقرباء الذي يعمل في شركة قطاع خاص تعمل في القطاع المالي قال إن الإدارة المالية في الشركة ردت على تساؤله لماذا هذا «النشفان» لا عيدية ولا غيرها .. بالقول «نحن مو أكرم من الحكومة». هنا تتجلى هيبة ومكانة الحكومة .. فهي الراعي والضامن لكل النشاطات .. ألا توصف خزينتها بأنها جيوب رعاياها ؟.
المال السوري
ما رأيكم بالنقاش الجدي حول جدلية الرواتب والأجور في سورية .. من بنود الموازنة العامة للدولة وإنفاق المال العام ودور المال الخاص السوري في الاستثمار الوطني.
أولاً : أصبح من المعروف للقاصي والداني بأن أي زيادة لا تترافق بنمو حقيقي ستكون مواكبة للتضخم ولن يدفع ثمنها إلا الفقير.
ثانياً: في أدبيات الموازنة العامة للدولة فإن الزيادة تحتاج إلى موارد دائمة والقصة مو لعبة.
ثالثاً: من الضرورة المواءمة بين الشق «الجاري» في الموازنة العامة للدولة والشق « الاستثماري» وفي حال انعدام الموارد يطحش الشق الجاري على الاستثماري وهذا في الاقتصاد كارثة ..!!
استفزاز
وهذه النقطة هي المفتاح الأول لهذا النقاش، أضف إلى أن الاستثمارات في الجهات العامة من وزارات ومؤسسات وهيئات وحتى استثمارات بعض المحافظات فهو غير منطقي، مثل تجميل الأبنية من الخارج وترخيم الساحات والنزع الدوري للأرصفة وشق الأنفاق.. وغيرها من نفقات استثمارية في الموازنات العامة وهي لا تشم ريحة الاستثمار لا من قريب أو بعيد، فالاستثمار مصطلح كبير في الجدوى والإنفاق، ويصل حال المواطن للقول «من أين لكم هذا ..!!» رغم التبرير المتأخر دائماً بأن جزءاً من هذا الإنفاق من خارج موازنة الدولة.
ألف باء
ألف باء الاقتصاد عندما يبدأ العمل والاستثمار وخاصة الخارجي، تبدأ إصلاحات واضحة في الرواتب والأجور لكن إلى أن يكتمل ذلك .. هل نبقى نتفرج على أنفسنا ؟ ونقول لاحول لنا ولا قوة .. !!
لنقول … بعد الفئة التي تعمل عند نفسها .. نعمل جميعاً أما في القسم الإداري من وزارات الدولة وفي الجيش والأمن ونعمل في الوزارات والهيئات الخدمية وجميع هذه الفئات تتقاضى الرواتب من موارد الدولة وأهم هذه الموارد في كل دول العالم ولدينا من الضرائب .. وهذا إنفاق جار غير استثماري بالمطلق.
ونعمل في المؤسسات والشركات العامة ذات الطابع الاقتصادي التي تقدم أرباحها في حال وجدت لوزارة المالية، وفي حال العجز يتم دعمها من المالية عبر السلف والإعانات وغيرها من البنود، ونعمل بطبيعة الحال لدى القطاع الخاص .. الذي يعتمد عل الاستثمار الخاص بالمطلق.
انزياح
ولكن ما الرأي بهذا الطرح الذي يتمحور حول انزياح «الشق الجاري» على «الشق الاستثماري» في الموازنة العامة للدولة وفق توجه حكومي جدي بتعويض استثمارات الدولة بالمال الخاص.
هل يمكن الدخول الجدي في إصلاح جديد للموازنة العامة للدولة في «الشق الجاري» و»الشق الاستثماري» ؟؟ وأن يكون الإنفاق الجاري في الموازنة موظفاً في خدمة إدارة الدولة بالمعنى الحرفي للكلمة، إذ يوجد بنود في الشق الاستثماري لا علاقة لها بالاستثمار بالمطلق، بل هي بنود لخدمة الوزارة أو المؤسسة العامة، وقد لا تكون من أولويات الإنفاق. مقابل ذلك تحويل الشق الاستثماري إلى استثمارحقيقي يؤديه المال الخاص.
مجلس التخطيط
في سورية لدينا «المجلس الأعلى للتخطيط الاقتصادي والاجتماعي» ووفق فلسفة وقانون عمل هذا المجلس فإنه يضم فعاليات المجتمع الصناعية والتجارية والزراعية والمهنية، وتنظيمات الموارد البشرية، وبطبيعة الحال تحضر هذا المجلس كل وزارات وهيئات الدولة، وهو البازار الحقيقي الذي يتم فيه مناقشة الموازنة العامة للدولة، ويترأس اجتماعاته رئيس مجلس الوزراء التي تعقد مرة قبل نهاية كل عام.
السؤال لماذا تحضر جميع أطياف المجتمع وتنظيماته النقابية والمهنية ؟ أليس للحاجة لصوغ خطة عمل وطنية اقتصادية واجتماعية بين الحكومة وكافة الأطياف الاقتصادية والاجتماعية.
تقاسم التنمية
حقيقة تبدو الغاية من حضور كل هذه الفعاليات لتقاسم أركان العمل والتنمية في البلاد .. وفق الحاجات والأولويات الوطنية .. هنا يبدو مفترق الطرق بين نفقات الدولة «الجارية» ونفقاتها «الاستثمارية»، التي يجب أن يقوم بها القطاع الخاص في هذه الظروف، ومنها تكون عملية الانزياح إلى «الموازنة الجارية» الموجهة للرواتب والأجور للعاملين بالدولة مقابل تحقيق شرط الاستثمار الدقيق وفق معادلة مدروسة بين ما ينفق على الجاري وما ينفق على الاستثماري.
مجالس الإدارات
ومقابل ذلك هذا يقود إلى إعطاء المؤسسات والشركات الخدمية والاقتصادية المرونة المطلقة لأن تستثمر أصولها التي لا تقدر بثمن من خلال مجالس إداراتها ومحاسبتها على النتائج.
اليوم إذا أرادت مؤسسة عامة أن تستثمر جزءاً يسير من أصولها تحتاج إلى مراسلات بينها وبين الوزارة المعنية ورئاسة مجلس الوزراء وهيئة تخطيط الدولة لسنوات وسنوات، في الوقت الذي تتبدل فيه الأولويات والحاجات الاستثمارية في ساعات.