تحول الطاقة وتأثيراتها على الاقتصاد.. المركزي: الاعتماد على الطاقة المتجددة وصفة ناجعة للصناعة والإنتاج
الثورة- مازن جلال خيربك:
اعتبر مصرف سورية المركزي أن معظم الصناعات والقطاعات الإنتاجية والنشاطات الاقتصادية التي تعتمد على الطاقة الكهربائية والحرارية أو الحركية المتولدة عنها تراجعت نتيجة ضعف واردات مصادر الوقود الإحفوري (والمعروفة اصطلاحاً بالطاقة غير المتجددة)وارتفاع أسعارها وخروج عدد كبير من المصادر المحلية عن الخدمة.
تعويض نقص الطاقة
وعلى ذلك يبيّن المركزي أن العديد من القرارات المشجّعة على استخدام مصادر الطاقة البديلة بما فيها الطاقة الشمسية والطاقة الريحية وغيرها قد صدرت كحل بديل يساعد على تعويض النقص الحاصل في الطاقة غير المتجددة، وذلك بهدف توليد الكهرباء وتغذية المشاريع وإعادة تشغيل الخطوط الإنتاجية وغيرها، بما يدعم وينشط حركة الاقتصاد، ناهيك عن دوره في الإسهام باستمرار تنظيم استخدام الطاقة البديلة والاستعانة بمعدات ذات جودة عالية بشكل أكثر فعالية في توفير الطاقة اللازمة للإنتاج وحركة النشاط الاقتصادي إضافة إلى التخفيف من التلوث والانبعاثات الضارة وتخفيض التكلفة الإجمالية.
مصادر رخيصة
وفي سياق مفهوم “تحول الطاقة وتأثيراته على الاقتصاد الكلّيّ” والتي اعتمدها المركزي عنواناً لدراسته، بيّن أن التحول في الطاقة يسير نحو المصادر المتجددة بشكل متسارع في العالم، معتبراً أن طاقة الرياح والطاقة الشمسية أرخص مصادر الكهرباء في معظم أنحاء العالم، حيث تعمل الطاقة المتجددة في مجموعها على نمو القدرة الكهربائية العالمية، ومع الانتشار الكبير لهذه الطاقة، يتزايد بسرعة اعتماد السيارات الكهربائية (EV) كما يتجه مصنعو السيارات نحو الأساطيل الكهربائية العالمية قريباً (وفقاً للمركزي)، ناهيك عما سيتم من تعزيز هذه الاتجاهات مع استمرار التحسن التكنولوجي وبدء التأثير الملموس لتدابير السياسات الاقتصادية مثل قانون خفض التضخم الأميركي وخطة (REPowerEU) الأوروبية والخطة الخمسية الحديثة لتطوير الطاقة المتجددة في الصين لافتاً إلى أن مفرزات الحرب الأوكرانية أدت إلى التحول الطاقي وخصوصا في أوروبا.
الاقتصاد والتمويل والبيئة
المركزي أشار في دراسته إلى ورقة عمل أعدت لصالح بنك التسويات الدولية والتي سعت إلى تقديم نظرة عامة نوعية وواسعة النطاق حول تحول الطاقة من خلال الجمع بين أبحاث مجموعة متنوعة من التخصصات التي تشمل الاقتصاد والتمويل وأنظمة الطاقة والعلوم البيئية، وذلك لإعطاء نظرة اتجاهية لكيفية تطور التحول الطاقي في المستقبل، أي إنها تهدف إلى استكمال سيناريوهات الاقتصاد الكلي الكمية مثل تلك التي حددتها ما يسمّى شبكة تحضير النظام المالي (NGFS) مع إعطاء وصف أكثر استهدافاً وبشكل قطاعي محدد أكثر لمثل هذه النماذج الاقتصادية الكلية الموسّعة.
وبحسب ما أورده من مضمون ورقة العمل هذه تحول الطاقة سيحمل معه تأثيرات عميقة ومتنوعة في جميع أنحاء العالم، وعليه فقد قامت ورقة العمل بتقييم كيفية تطوير التقنيات النظيفة خاصة الرياح والطاقة الشمسية والمركبات الكهربائية، إضافة إلى التحديات والفرص لكل من منتجي الوقود الإحفوري والمعادن، مبينة أن العالم سيشهد زيادة في الطلب على المعادن بسبب اعتمادها ضمن التقنيات المتجددة للطاقة والذي يسهم في الوقت نفسه بانخفاض التكلفة عما كانت عليه سابقاً.
إعادة هيكلة الإنتاج
وبناء على ما سبق تخلص ورقة العمل إلى وجوب استفادة أغلبية العالم من انخفاض أسعار الطاقة وتقلبها وانخفاض تلوث الهواء، مع نهوض الإمكانية أمام منتجي الوقود الإحفوري في مرحلة تحول الطاقة لتركيز جهودهم على إعادة الهيكلية لديهم، والعمل من خلالها على تخفيض الضرائب، ناهيك عما يمكنه لمنتجي المعادن والتعدين من إصلاح الممارسات الخاصة بالميزانية الخاصة بهم للتخفيف من التعرض المتزايد لأسعار السلع المتقلبة مع ضمان ألا تأتي التنمية الاقتصادية على حساب الاستدامة البيئية.
أما نتائج ورقة العمل هذه وفقاً للمركزي فتشكل نقطة انطلاق للبحث المستقبلي المركز بشكل أدق على الجوانب المحددة لانتقال الطاقة التي يسعى الباحثون وصناع السياسات والمستثمرون بالتركيز عليها لصناعة السياسات الاقتصادية وتحديد آثارها وعلى سبيل المثال تحديد الآثار على التضخم والتدفقات التجارية والمالية.
الخطة الأوروبية
تجدر الإشارة إلى أنه وفي أعقاب العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا دخلت دول الاتحاد الأوروبي في أزمة طاقة غير مسبوقة، ما جعلها تعيش أعسر فصول الشتاء في تاريخها المعاصر، وفي مواجهة هذه الأزمة وضعت المفوضية الأوروبية خطةً لتحول الطاقة شعارها “طاقة ميسورة التكلفة وآمنة ومستدامة” واختصارها (REPowerEU)، وهدفها النهائي التخلص من الاعتماد على الوقود الإحفوري الروسي، وتُغطي الخطة الأوروبية أربعة مجالات رئيسية أولها كفاءة الطاقة وتوفيرها وثانيها تنويع إمدادات الطاقة وثالثها تسريع انتقال الطاقة النظيفة ورابعها الاستثمار والإصلاح، ووفقاً للخطة وعلى ضوء بنودها، فمن المفترض أن تشهد أوروبا إنهاء اعتمادها على الطاقة الخارجية بحلول عام 2027، مع تسريع تحولها الأخضر.