الثورة – فاتن دعبول:
في باكورة أعمالهم، أقامت إدارة صندوق التقاعد في اتحاد الكتاب العرب ندوة حوارية حملت عنوان” رقابة المطبوعات، مسوغات البقاء وإمكانية الإلغاء” في مبنى الاتحاد، شارك فيها كل من د. محمد الحوراني رئيس اتحاد الكتاب العرب، ومعاون وزير الإعلام أحمد ضوا، ورئيس اتحاد الناشرين السوريين هيثم الحافظ، وأدر الحوار الشاعر محمد حديفي الذي أمضى جلّ حياته مديرا للرقابة في وزارة الإعلام.
تفاعل إيجابي..
وتوقف معاون وزير الإعلام أحمد ضوا عند بعض النقاط فيما يخص رقابة المطبوعات، وبين أن مصطلح الرقابة لم يعد مستخدما، وأنه استبدل بكلمة تقييم، وفي عهده لم يعترض كاتب أو ناشر على تقييم الكتاب الذي وضعه للتقييم، ورأى أن الكاتب السوري بشكل عام لا يحتاج إلى رقابة بالمفهوم العام، وربما الاعتراض والشكوى أحيانا من التأخير في إصدار حكم التقييم على الكتاب نتيجة بعض الإجراءات الإدارية.
وفيما يخص إلغاء أو عدم إلغاء الرقابة أوضح أن هذا الأمر يتعلق بآليات عمل الدولة، فاتحاد الكتاب العرب ووزارة الإعلام واتحاد الناشرين يقدمون اقتراحاتهم في هذا الأمر، والموضوع يخضع للنقاش بما يحمل من سلبيات وإيجابيات وهذا الأمر متاح والمهم أن تكون النتائج تحقق الفائدة للكتّاب والناشرين في الآن نفسه.
وثمة أمر هام توقف عنده وهو القراء الذين يقيّمون المحتوى هم من أهم الكتّاب، فقط الكتب العلمية والتي تتعلق بالتكنولوجيا يقيّمها متخصصون، أما الاختصاصات الأخرى فترسل إلى الاتحاد لتقييمها ووضع الملاحظات المناسبة للنص، وعندما يرفض الكتاب، فهو يرفض بشكل موضوعي وعلى أسس منهجية.
ولم ير ضيرا في عملية التقييم، التي تشكل فرصة للكتّاب الجدد من الاستفادة ممن سبقهم من المخضرمين، ما يخلق نوعا من التفاعل بين الأجيال.
قراءة واعية
من جانبه بين د. محمد الحوراني رئيس اتحاد الكتاب العرب أنه ليس مع قرار إلغاء الرقابة، بل مع الإبقاء على الرقابة ومع التشدد أيضا في الرقابة، وذلك لأسباب بينها في النقاط التالية:
ظهور موجة من الطفيليين والطفيليات الذين لا علاقة لهم في كثير من الأحيان بالإبداع ولا بالكتابة ولا بأي جنس أدبي، فيذهب هؤلاء إلى سرقة بعض الكتابات، ويحملونها إلى دار نشر التي لا يهمها في الكثير من الأحيان إلا طباعة الكتاب والربح، وبالطبع تلك دور نشر لا تحمل رسالة في توعية الأجيال، ومن ثم يذهب الكتاب إلى وزارة الإعلام، وبعدها إلى اتحاد الكتاب العرب، وهنا تكون العقوبة على الكاتب أو القارىء.
فعندما لا يكون القارىء متمكنا من أدواته وثقافته، ربما يقع في التقييم الخاطئ، لذلك نصر دائما على القراءة الواعية والهادئة، والنقد الموضوعي، ولا ننكر أن بعض الروايات ترفض لعدم صلاحيتها للنشر بسبب المحتوى الذي لا يتناسب مع قيم مجتمعنا، أو ترسل لصاحبها من أجل إجراء التعديل والتصويب اللازم.
وأضاف: في الجانب العملي عندما يقرأ الكاتب العمل لدار النشر هو ليس فقط يقدم خدمة مجانية لدار النشر، بل يخسر من جيبه، ويجب أن نذكر أن اتحاد الكتاب لا يأخذ أي دعم من الدولة، بل يعتمد على إمكانياته الذاتية، ففي العام 2022 استقبل اتحاد الكتاب 1000 مخطوط من وزارة الإعلام للرقابة، تمت الموافقة على 561 مخطوطا ورفض منها 95، أما المخطوطات التي حصلت على موافقة التداول 244، والمعاد للإعلام اثنان من شعر الزجل.
ولفت إلى بعض القضايا التي يعاني منها الكاتب القارىء ومنها الأجور ونوع الخط، وهناك بعض التحديات التي تواجه القراء ويتم استدراكها وبعضها يعاد إلى وزارة الإعلام، ونوه أن التأخير في إصدار التقييم قد يتأخر قليلا، ويكون ذلك بسبب ظروف طارئة أو تأخر المراسلات، وأنه يتابع الأمور بشكل مباشر ويحرص على ألا تتأخر المخطوطات كثيرا.
وأكد رئيس الاتحاد على التعاون بين اتحاد الكتاب ودور النشر ووزارة الإعلام في دعم القارىء ورفع الأجور، للجهود الكبيرة التي يبذلها.
نسعى للارتقاء بصناعة النشر
وأوضح هيثم الحافظ رئيس اتحاد الناشرين السوريين، أنه عندما تكون صناعة النشر بخير، فجميع الكتّاب والمثقفين بخير، وعندما تكون لدينا صناعة نشر إيجابية نكون في طور التطور في مجالات المعرفة.
وأكد على فكرة استمرار التقييم وعدم إلغائها للحصول على كتاب جيد، فالكاتب السوري استطاع أن يحتل مكانة مرموقة في المعارض العربية لتميز كتابه بجودة المحتوى، وعليه فالجميع ملتزم بقوانين النشر وما تنص عليه، ولكن مع تحديد معايير الرقابة والتقييم، لنعمل على تحقيق الأمن الثقافي.
ونوه أن سورية أصبحت اليوم عضوا في اتحاد الناشرين الدوليين، وأصبح الناشر السوري حاضرا على الساحة الدولية، وهذا يحملنا مسؤولية النشر بمحتوى عال من المعرفة وذلك بالتعاون مع الجهات الحكومية الداعمة،
وبين أن الناشر السوري يسعى إلى ردف المكتبات العربية بكتب متميزة لأنه يمتلك أدواته، وقال نحن” بناة الإنسانية” ومن أجل ذلك يتم التعاون مع الجهات والوزارات المعنية جميعها المنوطة بالكتاب، ولذلك حقق الكاتب السوري مرتبة الصدارة.
التقييم موضوعي
واختتمت الندوة بالعديد من التساؤلات والاقتراحات التي أجاب عليها المشاركون، وقد أكد من خلالها معاون وزير الإعلام أحمد ضوا على العمل من أجل تسريع عملية التقييم وإيصال الكتاب إلى الناشر بزمن قياسي، وبين أن مرسوما جمهوريا ينظم آلية التقييم والنشر ولا يمكن أن يتوجه الناشر بكتابه مباشرة إلى اتحاد الكتاب، وفي الآن نفسه لا يمكن نشر أي كتاب إلا بعد اطلاع اتحاد الكتاب عليه، والرقابة هي تفيد الكاتب والمجتمع لأن الكتاب يشكل وثيقة معتمدة ومصدرا للمعلومة.
وأكد د. محمد الحوراني في رده على التساؤلات بأن العمل سيكون جادا لعدم التأخير في تقييم المخطوط، ومن الأهمية بمكان لقاء القارئ والكاتب للارتقاء بالعمل وبسوية الكتاب، هذا إلى جانب عدم إلغاء الرقابة لأن ذلك يحتاج إلى مرسوم ينص على ذلك.
وتوقف هيثم الحافظ عند أهمية العمل على الارتقاء بالكتاب، وبين أهمية وجود التقييم للحفاظ على الأخلاق وتماسك الأسرة والمجتمع، وفرق بدوره بين رقابة وسائل التواصل الاجتماعي ورقابة الكتاب، وأكد على إعطاء الكاتب حقوقه كاملة وفق اتفاق يتم بين الناشر والكاتب.