الثورة:
تسبب الارتفاع المدهش لدرجة حرارة كوكب الأرض في ذوبان الجليد السرمدي بأكبر حفرة في العالم من التربة الصقيعية والتي تقع في الشرق الأقصى لروسيا، مما تسبب في حدوث انخفاض كبير بالأرض (منخفض صقيعي) نتج عنه تكتل كبير في المناظر الطبيعية المتآكلة.
حيث كشف مقطع فيديو تم التقاطه في 11 تموز بواسطة تلفزيون رويترز، لقطات مذهلة بطائرة بدون طيار عن تفاصيل فوهة حفرة باتاجايكا التي يبلغ طولها كيلومترا واحدا في جمهورية ساخا الروسية (ياكوتسك)، أقصى شرق روسيا، والذي يُعد أكبر فوهة في العالم من التربة الصقيعية أو أكبر منخفض صقيعي في العالم.
يُظهر الفيديو، مستكشفان يتسلقان بصعوبة عبر تضاريس وعرة غير مستوية عند قاعدة المنخفض، الذي يتميز بسطح غير منتظم وتلال صغيرة، وهي تضاريس بدأت في الظهور بعد إزالة الغابة المحيطة وقطع أشجارها في الستينيات من القرن الماضي، حيث بدأت التربة الصقيعية تحت الأرض في الذوبان، مما تسبب في انخفاض سطح الأرض وتكون المنخفض.
أوضح أحد السكان المحليين ومستكشف الحفرة أنه بينما كان يقف على حافة الحفرة اكتشف اتساع المنخفض الصقيعي، يقول : “نحن السكان المحليون نسمي هذا الهبوط الأرضي بالكهف” لافتًا لتطوره في السبعينيات، حيث كان بالبداية أشبه بوادي عميق ضيق، ومع استمرار ذوبان الجليد بسبب ارتفاع درجات الحرارة في الأيام المشمسة، بدأت الهوة في الاتساع.”
بحسب علماء المناخ فمع التغيرات المناخية المتلاحقة، والتي تسبب ارتفاع درجة حرارة الأرض، فروسيا ترتفع درجة حرارتها بمعدل 2.5 مرة على الأقل أكبر من بقية العالم، مما سيؤدي إلى ذوبان التندرا المتجمدة منذ فترة طويلة والتي تغطي حوالي 65 ٪ من مساحة اليابسة في البلاد ومن ثمّ إطلاق الغازات الدفيئة المخزنة في التربة المذابة.
وكان السكان المحليون في جمهورية ساخا قد لاحظوا النمو السريع للحفرة، حيث يطلقون على المنخفض الصقيعي اسم “بوابة العالم السفلي”، بحسب تسمية بعض السكان المحليين ، على ان العلماء يطلقون عليه اسمٌ علمي وهو “المنخفض الهائل”.
منذ عامين كانت الهوة على الحافة على بعد حوالي 20-30 مترا من هذا الطريق. والآن يبدو أنها أقرب بكثير.
يؤكد كبير باحثين في معهد ميلنيكوف بيرمافروست للتربة الجليدية في ياكوتسك، إنه على الرغم من أن هذا الأمر قد يجذب السياح، فالمناظر الطبيعية الناشئة عن المنخفض رائعة الجمال، إلا أن اتساع المنخفض الصقيعي يشكل “علامة على الخطر الكبير”، لافتًا أنه “في المستقبل، مع ارتفاع درجات الحرارة وارتفاع الضغط البشري، سنشهد المزيد والمزيد من تلك الكتل الضخمة حتى تختفي كل التربة الصقيعية”.
ذوبان الجليد بهذا الشكل دفع العلماء لإطلاق ناقوس الخطر حيث يهدد ذوبان الجليد السرمدي بالفعل المدن والبلدات في شمال وشمال شرق روسيا، مما يتسبب بتشويش الطرق، وتقسيم المنازل، وتعطيل خطوط الأنابيب. وزيادة حرائق الغابات في مناطق واسعة، حيث اشتدت الحرائق حدة في المواسم الأخيرة، وهو دليل على تفاقم المشكلة.
العلماء ليسوا متأكدين من المعدل الدقيق لتوسع فوهة باتاجيكا. فان التربة الواقعة تحت المنخفض الصقيعي، والتي يبلغ عمقها حوالي 100 متر (328 قدمًا) في بعض المناطق، تحتوي على “كمية هائلة” من الكربون العضوي الذي سينطلق في الغلاف الجوي مع ذوبان الجليد الدائم، مما يزيد من ارتفاع درجة حرارة الكوكب”
يقول ” مع ارتفاع درجة حرارة الهواء يمكننا أن نتوقع أن (الهوة) ستتوسع بمعدل أعلى، والذي سيؤدي هذا إلى المزيد والمزيد من ارتفاع درجة حرارة المناخ في السنوات المقبلة.”