لا نشكُّ أبداً بأننا نمتلكُ الكثير من القدرات والطاقات والإمكانيات – على سوء ما نحن فيه وعليه – ولا نحتاج إلى أكثر من التزوّد بعزيمةٍ صادقة من الإخلاص والمتابعة وحسن الإدارة لنحلّ الكثير من القضايا المُعقدة.
فالعزيمة التي أحاطت بمنتدى الأعمال السوري العماني، وأعادت رجال الأعمال السوريين من مسقط مُكلّلين بالآمال والتطلعات الواسعة والقناعة بأنهم قادمون قريباً على منعطفٍ اقتصادي سيساهم بشكلٍ ملحوظ في إنعاش الاقتصاد الوطني.. خير دليل.
فهذا المنتدى الذي أقامه مؤخراً مجلس الأعمال السوري العماني، حقق العديد من النقاط المضيئة التي أشارت إلى إمكانية تلوين التعاون الاقتصادي بين البلدين الشقيقين ( سورية وسلطنة عُمان ) بألوانٍ مختلفةٍ ومُجدية .. تجارية وصناعية وسياحية .. وغير ذلك ..
ولعل أبرز ألوان التعاون التجاري تمثّل بفكرة جديدة ورائعة فعلاً، تمثّلت باستعداد الجانب العماني لإقامة ( مول ) كبير تُعرض فيه مختلف المنتجات السورية مُقابل نسبة من المبيعات، بحيث لا يتكلف الصناعي السوري ولا التاجر أي تكاليف غير تكاليف الشحن.
وصناعياً عرض العديد من رجال الأعمال العمانيين على نظرائهم السوريين التشاركية معهم في إقامة صناعات على الأراضي السورية .. وكذلك الأمر في المجال السياحي.
وبالإضافة إلى مول المنتجات السورية في مسقط، والتشاركية الصناعية والسياحية، لعل من أبرز تلك النتائج كان التوصّل إلى تفاهمات تدور حول إمكانية قيام سورية – برأسمال عماني – بصناعاتٍ مختلفة نتيجة توفر موادها الأولية في سورية، وتحتاجها السوق العمانية، وكذلك اعتماد مبدأ المقايضة في تبادل السلع بين البلدين، وهذه الحالة تساهم إلى حدّ كبير في تجاوز مصاعب التحويلات المالية التي تدخل في نطاق العقوبات الغربية الجائرة والأحادية الجانب المفروضة على سورية، ولا تكمن أهمية هذا المبدأ بمجرد تبادل السلع، وإنما يُشكل أيضاً حالة ترويجيّة كبيرة لمنتجات كل بلدٍ عند البلد الآخر.
مثل هذه النتائج الطيبة تحتاج إلى الصبر والمثابرة وبعض الترتيبات والإعداد السليم للخوض فيها وبدء التنفيذ، وهذا ما يعتزم مجلس الأعمال السوري العماني القيام به، فقد أعلن عن اتجاهه نحو تأسيس شركة قابضة لوجستية لهذا الغرض.
ولهذا لم يُخفِ العديد من رجال الأعمال السوريين تفاؤلهم الكبير بما حصل في مسقط، ومع بعضهم كل الحق بأن اعتبر هذا المنتدى سيشكل نقطة تحول للاقتصاد السوري، نظراً لما تمتاز به عمان من موقع جغرافي هام جداً بإطلالتها على المحيط الهندي عبر بحر العرب، ما يُشكّل خطاً تجارياً بحرياً استراتيجياً ليس فقط باتجاه الهند، وإنما باتجاه ماليزيا واندونيسيا وفيتنام وتايلاند والفيلبين وسنغافورة ومختلف دول جنوب شرق آسيا، ولا يخفى مدى أهمية هذا الأفق في تنشيط التبادل التجاري، وتعظيم الصادرات السورية على وجه الخصوص.
هذا الأداء المتميز لمجلس رجال الأعمال السوري العماني، لا نأمل فقط أن نرى نتائجه قريباً على الأرض، وإنما نأمل أيضاً أن يكون حافزاً قوياً لمختلف مجالس رجال الأعمال التي يبدو أغلبها محتاج لتحريك مياهه الراكدة.